قبل أربع سنوات من الآن سلمتُ باسم حملة "معا للحد من حوادث السير" عريضتنا المطلبية للمرشح لرئاسة الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وقد تبنى المرشح كل المطالب الموجودة في العريضة، ووعد بتنفيذها.
قبل أربع سنوات من الآن، وفي سابقة من نوعها، ناقش أول اجتماع للوزراء في العهد الحالي ملف السلامة الطرقية، وهو ما عكس اهتمام فخامة رئيس الجمهورية بملف السلامة الطرقية.
قبل أربع سنوات من الآن لم تكن توجد على شبكتنا الطرقية كلها سيارة إسعاف واحدة خاصة بضحايا حوادث السير، أما اليوم فتوجد عشرات سيارات الإسعاف الموزعة على شبكتنا الطرقية، وفي بعض المقاطع الحيوية، فإنه لم يعد يفصل بين سيارة الإسعاف والسيارة التي تليها أكثر من 50 كلم. هذا كان واحد من أهم مطالبنا في الحملة وقد تحقق هذا المطلب بشكل كبير، ومع ذلك فما زلنا في الحملة نُطالب بالمزيد من سيارات الإسعاف المجهزة، وكذلك بطائرة إسعاف طبية للتدخل السريع عند حصول حوادث مميتة في أماكن نائية، هذا فضلا عن ضرورة وجود فرق تدخل مجهزة بآليات كافية في المناطق الأكثر خطورة، والتي قد تنقلب فيها شاحنة فتشل حركة السير لساعات، وربما لأيام (منعرج جوك مثلا).
قبل أربع سنوات من الآن كان الجرحى بسبب حوادث السير يقضون الساعات الطوال بين أماكن الحادث دون نقل، وفي المستشفيات دون علاج، وذلك في انتظار قدوم ذويهم. أما اليوم فقد أصبح هناك تكفل تام بنقلهم في سيارات الإسعاف مع تحمل الدولة لتكاليف علاجهم في الحالات المستعجلة.
قبل أربع سنوات من الآن، بل ومنذ عقود، كان كلما تم ترميم مقطع متهالك من طريق الأمل تهالكت مقاطع أخرى من هذا الطريق الحيوي، ولم يحدث أن قيم بعمليات ترميم متزامنة لكل المقاطع المتهالكة من هذا الطريق الحيوي، ولذا فقد كان المطلب المتعلق بالترميم الكلي لكل المقاطع المتهالكة من طريق الأمل هو أول مطلب في عريضتنا المطلبية.
إننا اليوم نقترب كثيرا من ترميم شامل وكامل لكل المقاطع المتهالكة من هذا الطريق الحيوي، حتى وإن كانت بعض المقاطع قد تم ترميمها بشكل غير جيد. ما يحدث الآن على طريق الأمل هو خطوة في الاتجاه الصحيح، وقد تقربنا كثيرا من تحقيق واحد من أهم مطالبنا في الحملة، ألا وهو المطلب المتمثل في أن يسافر المسافر من نواكشوط إلى النعمة دون أن تعترضه على طريق الأمل حفرة واحدة تؤذيه.
قبل أربع سنوات من الآن لم تكن هناك أي رقابة على السرعة، والتي تعتبر هي المتسبب الأول في حوادث السير. أما اليوم فقد أصبحت هناك رادارات متحركة لمراقبة السرعة في بعض المقاطع الطرقية، ونرجو أن يكون ذلك بداية لرقابة أوسع وأكثر جدوائية على السرعة، ولن تتحقق تلك الرقابة إلا إذا تمت الاستجابة لبعض مطالبنا العالقة في مجال الحد من السرعة المفرطة، وفي هذا الإطار فإننا نذكر المديرية العامة للنقل البري بوزارة التجهيز والنقل برسالتها الجوابية التي وصلتنا في الحملة بتاريخ 03 يناير 2022 تحت الرقم (004)، والتي تعهدت لنا من خلالها بإلزام جميع شركات النقل بوضع مثبت سرعة يمنع حافلات النقل من تجاوز السرعة القصوى المحددة في قانون السير (90 كلم للساعة). هذا التعهد لم ينفذ رغم مرور سنة ونصف على التعهد به. كما نذكر أيضا بأن "تطبيق سلامتك"، والذي سيكون له الأثر الإيجابي على السلامة المرورية إن تم العمل به، لم يُعمل به حتى الآن، وتتحمل القطاعات المعنية في وزارة التجهيز والنقل تأخر العمل به.
ولن يفوتنا هنا أن نذكر بعدم وفاء سلطة تنظيم النقل الطرقي بالتعهد المتعلق بتوفير 1300 سيارة جديدة بقروض ميسرة جدا لبعض السائقين الفقراء، وسحب نفس العدد من السيارات المتهالكة وطحنها حتى لا تعود للاستخدام مرة أخرى. لا نعرف لماذا تأخر هذا التعهد رغم تناغمه مع البعد الاجتماعي في برنامج رئيس الجمهورية، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي قد وفر ـ وحسب ما قيل لنا ـ الموارد اللازمة للبدء في سحب السيارات المتهالكة وإبدالها بسيارات جديدة.
وتبقى كلمة خاصة موجهة إلى الذين يطرحون دائما السؤال: لماذا توقفتَ عن الاحتجاج؟.
قبل أربع سنوات من الآن لم يكن بإمكاني أن أوصل مطلبا من المطالب التي أرفعها إلى أعلى سلطة في البلاد إلا من خلال الاحتجاج، أما اليوم فقد أصبح بإمكاني أن أوصل مطالبي للجهات المعنية دون أن تكون هناك أي ضرورة للاحتجاج. قد يسأل هنا سائل: هل تمت الاستجابة لكل المطالب التي أوصلتَ للقطاعات المعنية؟
الجواب بالتأكيد: "لا"، فهناك مطالب ما تزال عالقة، وقد ظهرت بعض هذه المطالب العالقة في هذا المقال، وهناك مطالب أخرى ما تزال عالقة لم تذكر في هذا المقال في مجال محاربة الفساد وتفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني. نعم هناك مطالب عالقة، ولكن هناك في المقابل مطالب أخرى تمت الاستجابة لها بشكل كامل أو جزئي، ويبقى أن اختم هذا المقال بمعلومة وتذكير.
المعلومة: في زمن الاحتجاجات خلال فترة العشرية لم يحدث أن حققتُ مطلبا واحدا من خلال المشاركة في أي احتجاج.
التذكير: الحملات التوعوية والحراكات الاحتجاجية ما هي إلا مجرد أساليب ووسائل لتحقيق مطالب أو إحداث تغيير ما، وليست أهدافا في حد ذاتها، والحكمة تقتضي أن تستخدم الأسلوب الذي تعتقد بأنه هو الأفضل في وقت معين.