قبل أيام قليلة أصم حزب الإنصاف الذي يمثل الذراع السياسية للنظام الموريتانية الأسماع بحفل ضخم احتفاء بأربع سنوات من حكم الرئيس الغزواني، لم يكن الحزب محتاجا لذلك، فالمنصفون من مختلف أنحاء البلاد، يعرفون أن النظام أنجز بشكل جيد في قطاعات، وأخفق في أخرى إخفاقا قويا، وأنه يسير ببطئ في قطاعات أخرى.
بعد أيام قليلة من ذلك الاحتفال الذي نرجو أن يكون طالع سعد، استقبل سكان العاصمة موجة عطش هي الأقوى منذ سنوات، أصبح الماء أعز مفقود وغلا حتى تربح منه تجار الصهاريج وأصحاب العربات التي تجرها الحمير.
في هذه الأثناء ومع اعتراف الحكومة على لسان وزير المياه الجديد، القادم من حزب تكتل القوى الديمقراطية بكثير من المثالية، تحركت حملة إعلامية ضد النظام قادها نشطاء في المعارضة، وآخرون من المدونين.
ولأن العطش يخنق الجميع، خصوصا من لا يملكون سعر شراء صهريج ماء، وأصحاب المنازل الصغيرة التي لا تتسع لإقامة خزان مائي أرضي.
وكما هو حال أغلب النافذين، فقد التزم الكبار الصمت، فلا هم دافعوا عن الحكومة، ولا هم ساعدوا الشعب.
ألا يحق لنا التساؤل لماذا وبشكل دائم يصر حزب الإنصاف على الغياب عند الفزع في الأوقات التي تحتاج جهدا عمليا وليس إعلاميا، ولماذا لا يتحرك هذا الظهير السياسي ليوزع صهاريج مياه بشكل مجاني، وليقف مع المواطنين وليتحرك.
توجد أمانة للعمل الاجتماعي في الحزب، لكنها غائبة وعديمة التأثير، يوجد أيضا مشروع وطني للتطوع، لكنه مات في مهده، لكن يوجد مئات الآلاف من العطشى في العاصمة، لكن الحزب لا يراهم إلا في موسم الانتخابات
لماذا يتأخر تدخل الجيش الوطني الذي يملك عددا هائلا من الصهاريج، ويملك الخزانات، ويملك القدرة على الاستعانة بمصادر مياه من خارج العاصمة، لا أحد يعرف الإجابة هنا.
الأكيد أن هنالك حالة كبيرة من السلبية واللامبالاة تطبع مساعدي وأنصار الرئيس الغزواني، كأهم يريدون منه أن يظل رجلا يعمل لوحده، وأن يواجه الأزمات لوحده، وأن يقتسموا معه عبر كل وسائل الاستفادة حصيلة الإنجاز
حتى اتحاد أرباب العمل الذي أصبح أكبر مستفيد من كل الصفقات العامة في البلاد وخصوصا في حقل الإنشاء وحقل الحفر وإقامة الآبار، لم يتحرك، لم يحرك ساكنا تجاه هذه الأزمة، رغم أن أرباب العمل يحتلبون الدولة بشكل لا يمكن تصديقه، خصوصا في الفترة الأخيرة التي منح لهم فيها عدد هائل من الصفقات ضمن ورشات العمل المتعددة في البلاد.
إن مثل هذا النوع من المساندين لا يمكن الاعتماد عليه، أبدا وهذا الظهير السياسي لا يمكن أن يحقق نجاحا ولا يحمي إنجازا ولا ينقذ نظاما.
فمتى ينتبه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى أن أغلب من يحيطون به لا يريدون له الخير، بل لعل فيهم من هو مسرور جدا بأن تتجه البلاد إلى مزيد من الأزمات، وأن تتعقد الأمور أكثر مما عليه الآن من ارتفاع في الأسعار، وأزمة في العطش.