تعرقل مشكلات التمويل مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري العابر للصحراء، وتعرضه لخطر الانهيار.
ويُعَد خط الأنابيب هذا أحد مشروعات البنية التحتية الأكثر طموحًا في نيجيريا، الواقعة في غرب أفريقيا، وبوابتها إلى سوق الغاز الأوروبي.
ومن المخطط أن ينقل أنبوب الغاز الجزائري النيجيري الذي تبلغ تكلفته 13 مليار دولار ويبلغ طوله 4 آلاف و128 كيلومترًا ويمتد من مدينة واري في جنوب نيجيريا عبر النيجر إلى مركز توزيع الغاز بمنطقة حاسي الرمل في الجزائر، والمقرر تشييده منذ عام 2002، 30 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، وفقًا لبيان صادر عن الدول الـ3 العام الماضي.
وأعلنت نيجيريا، أكبر منتج للنفط في أفريقيا اللاعب الهامشي في مجال الغاز، أن عشرينيات القرن الحالي ستكون "عقد الغاز،" وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتواجه هذه الخطة خطر الانهيار الكامل بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر في يوليو/تموز وأدى إلى تهديد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بقيادة نيجيريا (إيكواس) بنشر قوات عسكرية، بحسب ما نشرته وكالة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).
الجزائر تترقب مشروع غاز عملاقًا في نيجيريا لتحقيق طموح "الأنبوب الضخم"
على صعيد آخر، كانت مشكلات البنية الأساسية المحلية في نيجيريا، وخصوصًا فيما يتعلق بخط أنابيب إيه كيه كيه المتعثر، سببًا في دفع كثيرين إلى التشكيك في جدوى المشروع الذي يهدف إلى ربط أكبر احتياطيات الغاز في أفريقيا بالدول الأوروبية التي تتطلع إلى إيجاد بديل لإمدادات الوقود الروسية.
وقال خبير الطاقة الشريك في شركة الاستشارات القانونية ميغاثوس لوو براكتيس، ومقرها لاغوس، أولوفولا ووسو: إن "مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري يمثل رؤية طموحة للبنية التحتية للطاقة في أفريقيا"، وأوضح أن جدواه تواجه تحديين حاسمين؛ أولًا: يشكل الوضع الأمني في النيجر والمناطق المجاورة خطرًا كبيرًا على استقرار المشروع قبل البناء وبعده. ثانيًا: اعتماده على خط أنابيب إيه كيه كيه المتأخر والممول ذاتيًا يسبب التعقيد والضبابية.
فرصة التعاون مع الآخرين
مضى نحو 6 أسابيع على عزل الحرس الرئاسي الرئيس النيجيري محمد بازوم، وكانت النيجر حليفًا قديمًا للغرب وتمتلك مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم والنفط.
وقالت مديرة مؤسسة ستراتيجيك ستابيلايزيشن أدفيزورز، وهي شركة استشارية مقرها واشنطن العاصمة، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية أنيليز برنارد، إن خبراء أمنيين يشعرون بالقلق من أن غزو مجموعة إيكواس يمكن أن يؤدي إلى انفجار أعمال عنف على الحدود بين نيجيريا والنيجر، حيث يحتفظ الزعماء المحليون بوضع سلمي هش.
وتوقّعت أن يؤدي هذا التدخل إلى انعدام الأمن في كل من حوض تشاد ومجمع الساحل الأوسع.
من ناحية ثانية، سيُصرَف جزء كبير من النفقات الرأسمالية لخط أنبوب الغاز الجزائري النيجيري البالغة 13 مليار دولار في النيجر، التي تنتج حاليًا 20 ألف برميل يوميًا فقط من النفط والقليل من الغاز.
ومن المقرر تشغيل خط أنابيب النفط الذي بنته الصين بين النيجر وبنين والذي تبلغ قدرته 110 آلاف برميل يوميًا قريبًا، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويمكن لخط أنبوب الغاز الجزائري النيجيري أن يمكّن النيجر من نقل احتياطياتها من الغاز القابلة للاستخراج، التي تقدر بـ34 مليار متر مكعب وفقًا لشركة سافانا إنرجي، شركة النفط الغربية الوحيدة النشطة في البلاد، والمساعدة في معالجة تجارة الوقود غير المشروعة المتفشية في المنطقة.
وقالت برنارد إن خط أنبوب الغاز الجزائري النيجيري يمكن أن يفسر رغبة الجزائر في التوسط في أزمة النيجر، بعد أن أعلنت مالي وبوركينا فاسو -بقيادة المجلس العسكري- أنهما ستساعدان النيجر في حالة غزو مجموعة إيكواس.
وأضافت أنيليز برنارد "أن الجزائر تنهمك في هذا الأمر"، وأردفت قائلة: "أعتقد أن هذا محتمل بسبب استثماراتها وحوافزها لضمان استمرار تطوير خط الأنابيب".
وأوضحت أن الجزائر الواقعة في شمال أفريقيا وتسعى إلى استغلال الطلب الأوروبي المرتفع على الغاز، لا تنوي دعم عقوبات مجموعة إيكواس.
وقال المحلل في شركة إف بي إن كويست، ومقرها مدينة لاغوس النيجيرية، أوادياي أوسادياي، إن استمرار خط الأنابيب سيعتمد على ما إذا كان المجلس العسكري في النيجر سيقرر "التعاون مع الآخرين". وأضاف: "لو كنت عضوًا في الحكومة الجديدة فسأعتبرها فرصة لاقتصاد بلدي".
وقال رئيس غرفة الطاقة الأفريقية، وهي مجموعة ضغط، إن جيه أيوك، لوكالة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights): "إن الجنرالات ما زالوا يريدون القيام بذلك".
مشكلات خط أنابيب إيه كيه كيه
على الرغم من طرح تساؤلات بشأن الجزء من المشروع الواقع في النيجر؛ فإن نيجيريا تكافح من أجل الحصول على أكبر المكاسب المتاحة.
وشهد خط أنابيب الغاز أجاكوتا-كادونا-كانو (إيه كيه كيه)، الذي يبلغ طوله 614 كيلومترًا، المرحلة الأولى من القسم الواقع في نيجيريا، توقف البناء بسبب نقص التمويل المتاح بعد انسحاب البنوك الصينية من المشروع، وفقًا لصحيفة الغارديان النيجيرية.
استثمارات الغاز في نيجيريا معطلة بسبب استمرار دعم الوقود (تقرير)
نتيجة لذلك، تتحمل شركة البترول الوطنية النيجيرية التي تديرها الدولة العبء المالي للمشروع، المصمم لنقل الغاز من جنوب دلتا النيجر إلى الشمال المحروم من الكهرباء، وتغذية محطات الكهرباء وخط أنبوب الغاز الجزائري النيجيري.
وكانت شركة النفط الوطنية النيجيرية، حتى أبريل/نيسان، قد أنفقت مليار دولار في المشروع، الذي اكتمل بنسبة 70% منه.
وكان من المقرر في الأصل الانتهاء منه في عام 2022، ويقول المحللون إنه قد يستمر غير مكتمل لسنوات.
عقْد الغاز
تُعَد المشكلات المتعلقة بخط أنبوب الغاز الجزائري النيجيري العابر للصحراء الأحدث التي فاقمت معاناة قطاع النفط والغاز في نيجيريا، التي شهدت انخفاض إنتاج النفط في السنوات الأخيرة، من إنتاجها المقدر بـ203 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.
وفي ظل البنية الأساسية المحدودة للتصدير، وجدت نيجيريا نفسها غير قادرة على تلبية الطلب الأوروبي المتزايد على الغاز في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وصدّرت نيجيريا 9.06 مليون طن متري فقط من الغاز المسال إلى أوروبا في عام 2022، وفقًا لبيانات وكالة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights)، وهو أقل بقليل من رقم 2021 البالغ 9.58 مليون طن متري.
من جهتها، توصل الجزائر حاليًا الغاز عبر خطوط الأنابيب والغاز المسال إلى أوروبا؛ ما يعني أنه ستكون هناك حاجة إلى بنية تحتية جديدة إذا تم إنشاء خط الأنابيب العابر للصحراء، وهي عقبة أخرى يجب على المشروع التغلب عليها.
ويتنافس خط الأنابيب عبر الصحراء مع خط الأنابيب عبر أفريقيا الأكثر طموحًا، الذي سيمر عبر 13 دولة في غرب أفريقيا من نيجيريا إلى المغرب.
ولا يزال إنجاز هذا المشروع، على الرغم من اقترابه من مذكرة التفاهم الأخيرة بين نيجيريا والمغرب، على بُعد سنوات.
وقال خبير الطاقة الشريك في شركة الاستشارات القانونية ميغاثوس لوو براكتيس، أولوفولا ووسو: إن نيجيريا ستكون في وضع أفضل من خلال تعزيز إنتاج الغاز المسال وصادراته، بدلًا من الاعتماد على مشروعات خطوط الأنابيب الضخمة العابرة للحدود الوطنية مثل خط أنبوب الغاز الجزائري النيجيري العابر الصحراء.
وأوضح "أن الإستراتيجية الأكثر فاعلية لتحقيق الدخل من الغاز هي الغاز المسال".
نقلا عن منصة الطاقة