في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منها إلى إطلاع متابعيها الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد القامات الفكرية والأدبية ممن لديهم اليد الطولى في ميدان الفكر والأدب، فهو مجلي الميدان وسابق الأقران فيه، فقد بذ علما وأدبا وفاقهم فكرا وعلما، حيث حصل على العديد من الأوسمة والجوائز الأدبية، ولضيفنا العديد من المؤلفات في فنون الفكر و والثقافة والأدب، وإضافة لعمله في ميدان التعليم لعقود، يعمل ضيفنا مستشارا لوزير الثقافة، رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين، نحاوره اليوم لنستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل، حول قضايا الساحة الأدبية والفكرية الثقافية.
فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم الدكتور محمدو بن احظانا رئيس الاتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين
موقع الفكر: نود منكم أن تحدثوا المشاهد والقارئ عن شخصكم الكريم من حيث الاسم وتاريخ ومحل الميلاد والدراسة وأهم الشهادات التي حصلتم عليها والوظائف التي تقلدتم؟
د. محمدو بن أحظانا: أشكر موقع الفكر الرائد على استضافتي كما استضاف بكرم مجموعة من الأساتذة والزملاء الأدباء والمفكرين.
فيما يتعلق بسؤال النشأة، فأنا نشأت في بيئة من البيئات التي تعتبر العلم قيمة أساسية من قيم تكوين الإنسان، من بداية حياته إلى نهايتها، نشأت في منطقة تسمى منطقة "العقل"، وولدت مطلع 1959م. على تخومها الشرقية في سفح ربوة (أتكورت ابير أحمد، تسمى المنطقة "آتوكور"،) قرب بئر أبي الأنوار، وكانت حينها بئرا اسمنتية، نشأت بين جيل من الأطفال الذين يتعلمون القرءان الكريم وهم صغار، ويتلقون المعلومات الضرورية من ناحية التأطير اللغوي العربي النحوي والبلاغي والصرفي لأن التكوين عندنا في تلك الأحياء البدوية يبدأ باللغة العربية أولا، ثم يليها درس الفقه الذي يبدأ بالكتب المختصرة ثم المتوسطة ثم المتمات.
وقد واكب هذا المسار المحظري مسار آخر لاحقا هو التعلم في المدارس العصرية، فبدأت في المدرسة الابتدائية والإعدادية في مدينة أبي تلميت، لأنتقل بعدها إلى مدينة نواكشوط، فأكملت الدراسة الثانوية بالتوازي مع مدرسة تكوين المعلمين، ثم دخلت المسار المهني، سنين، ودخلت عبر مسابقة إلى المدرسة العليا للأساتذة والمفتشين، قسم الفلسفة وتخرجت منها بالمتريز في السنة الدراسية 1987-1988م، وبدأت التدريس في مدينة العيون بالحوض الغربي ، لأدرس بعدها في ثانويات نواكشوط، وواصلت الدراسة في السلك الثالث بتونس، حيث أكملت الدراسات المعمقة، وحصلت على الماستر 2 في اللغة العربية وآدابها من جامعة شنقيط العصرية، ثم سجلت للدكتوراه في جامعة الحسن الثاني، كلية بن امسيكه للعلوم الإنسانية، بالدار البيضاء لأحصل على الدكتوراه سنة 2013. في الأنتربولوجيا الرمزية. تطبيقات لغوية اجتماعية.
من ناحية التدريس درست في جامعة نواكشوط والمدرسة العليا للأساتذة ، وأعمل مستشارا لوزير الثقافة مكلفا بالعمل الثقافي والفنون منذ سنة 2006 م.إلى الآن.
موقع الفكر: ما تقويمكم للواقع الثقافي والفكري في موريتانيا؟
د. محمدو بن أحظانا: واقع الحراك الثقافي والفكري في موريتانيا واقع متموج، يهبط أحيانا ويعلو أحايين أخرى، حسب مقتضيات الأحوال والمتاح، والإكراهات، وسجل فيها بعض التجارب المشرقة من طرف أدباء ومفكرين ومثقفين أفذاذ، وقد أفرزت الساحة أدباء ومفكرين متميزين على المستوى العربي و الدولي. فشكلوا مرجعيات ودوافع متوازية لحركة أدبية ثقافية فكرية نشطة في البلد، سواء من الناحية الإبداعية الشعر والمسرح وكتابة السيناريو وكتابة الرواية خاصة. أو من ناحية النقد الأدبي. والتأريخ الثقافي. وقد تطورت الرواية الموريتانية بشكل لافت، وتكاثرت الدواوين الشعرية في الفترة الأخيرة، وكان الوطاء الثقافي الشعري و النثري التاريخي الشنقيطي سببا في أن تكون التجربة الموريتانية تجربة ثابتة وراسخة في مجال الثقافة والفكر عبر قرون متتالة.
بالنسبة لهذه الحركة الثقافية الأدبية فإنها ما تزال تعاني من التشتت شيئا ما، نتيجة ظاهرة القطيعة السائدة بين أقطاب هذه الحركة، فهناك انعدام لافت للتواصل بين صناع الدوائر الثقافية، وتجزر، من أسبابه البارزة ظاهرة التجاهل وهي ظاهرة سميتها سابقا بظاهرة التناكر الثقافي مفادها ألا يذكر المثقف زملاءه إذا كان في وارد محل ذكرهم بما هم أهل له، لا بخير ولا بغير، ثمة نوع من الغمط المتبادل بين الأدباء لانهاية له، سبب خللا في تواصل تدفق هذه الحركة كي تشكل جداولها نهرا جاريا تصب فيه كل الروافد لتندفع في مجرى إبداعي واحد.
فما تزال هناك روافد عديدة حبيسة هذا التجاهل المتبادل. لكن النهر لم يتدفق بالعنفوان المطلوب بعد، لعدم تضايف التجارب الثقافية والفكرية والأدبية للمبدعين والدارسين، لسبب ما من الأسباب.
لقد طرحت الحركة الثقافية الموريتانية كل القضايا العربية والإسلامية على أوسع نطاق، لكن كان الطرح متفردا، وما زال تلاقي هذه التجارب مطلوبا، وآمل أن تتجه هذه التجارب إلى طريق التلاقي والتلاقح، والاعتراف المتبادل، بعيدا عن حرج الصدور، والخوف من التجارب المنافسة. مما سيسمح بتشكل حركة أدبية ثقافية فكرية تميز هذا البلد وتمنحه هوية حداثية يستحقها. ولا شك أن هناك بذورا لهذه الحركة الثقافية الأدبية الفكرية الرائدة، بل أسسا، وما يزال التواصل ناقصا بين روادها على نحو جلي.
موقع الفكر: حدثونا عن أهم الجوائز والأوسمة التي حصلتم عليها؟
د. محمدو بن أحظانا: كنت أحبذ أن يتحدث غيري عن هذا الموضوع ولكن لا بد مما ليس منه بد؛
بالنسبة للجوائز: حصلت على جائزة الإبداع العربي سنة 1990 عن كتاب "مقالة في الفعل العربي"، وهو كتاب ينصب عموما على العلاقة بين الفكر واللغة، ويتمحور حول العلاقة بين الدين الإسلامي باعتباره دينا سماويا وبين اللغة العربية باعتبارها لغة بشرية وعقلا مبنيا: كيف احتضنت هذه اللغة محتوى الرسالة السماوية لرؤية الوجود مع اختلاف المصدرين الإلهي والبشري؟
وهذا هو السؤال الأساس بالنسبة للكتاب وتفريعاته.
وقد لاحظت خلاله أن تفكير ما يسمى بالعقل الناظم للغة العربية كان في روافده الأساسية وأسسه الرئيسة عقلا مهيأ لتلقي هذه الرسالة، واحتضانها فكريا، وبلاغيا. والسبب في ذلك قد يكون هو (فطرة الله التي فطر الناس عليها)..
المقاربة الأساسية هي: كيف استطاع العقل البشري الناظم للغة العربية استيعاب الرؤية الإلهية للكون كما وردت في الإسلام؟ هل هناك تشاكل أم هناك تخارج؟ وقد وجدت أن ثمة أربعة أنظمة أوأنساقا لغوية عربية لفهم صنوف السببية، يجنها العقل الضمني لها:
-نسق سببية لا تقر بوجود مسبب (بكسرالباء)، مع إثباتها للسبب والمسبب (بفتح الباء): (نظام المركب للمجهول).
- ونسق سببية تقر بوجود مسبب (بكسر الباء) وسبب، ومسببين بفتح الباء: مطلق ومقيد.
- نسق سببية تقرالمسبب (بكسر الباء) والسبب، والمسبب (بفتح ب) المطلق دون ذكر المقيد (نظام اللزوم).
- نسق سببية تقر مسببين (بكسرالباء)، وسبب، ومسببين (بفتح الباء) مقيدين، ومسبب (بفتح الباء) مطلق (نظام التفاعل).
هذه الأنظمة الأربعة أو الأنساق السببية، سيستخدم منها الإسلام ما يناسب ويهمل ما لا يلائم رؤيته للوجود.
و لذا تكون البنية الأولى متنحية بينما البنيات التي تقر المسبب معتمدة... وقد اختلفت في مسألة الضرورة أو السببية في العقل العربي مع أستاذي الجليل الفيلسوف محمد عابد الجابري الذي رأى أن العقل البياني العربي لا يخضع للضرورة بل لمبدأ التجوز، وأتصور، مع تواضع متاعي النظري بالمقارنة معه أن المفكر الجابري قام بدراسة العقل العربي البياني من خلال الوطاء البلاغي، خاصة منه علم البيان، لا علم المعاني.. ولذلك استنتج عدم التلازم الضروري بين عناصر السببية في النسق الفكري البياني، بينما عند الملاحظة من منظور نحوي يوجد نسق ضروري في العقل الضمني العربي، لأننا إذا ذكرنا الفاعل الذي هو المسبب فبالضرورة يحضر في أذهاننا السبب الذي هو الفعل، والمسبب الذي هو المفعول..
ولذلك استشكلت على الدكتور المفكر هذا المنحى بصيغة التساؤل: ألا يمكن أن نصل إلى خضوع العقل العربي للضرورة، لو قرأناه من خلال حقل الجملة الفعلية نحويا؟
وناقشت أستاذي في هذه الإشكالية بأنه لو حلل نظام العقل العربي الضمني من خلال الجملة النحوية الفعلية لوصل إلى غير ما وصل إليه لما حللها عن طريق المجاز ومتتالية اللفظ /المعنى.
لقد بسطت الموضوع لاحقا في كتاب (مقالة في الفعل العربي)، الذي رأيت فيه الاعتماد على الدرس المعجمي والبياني يغمط العقل العربي حقه في النسقية السببية التي تأسس عليها فهمه لرؤية الوجود في الإسلام، كما تأسست عليها الرؤى السببية عند متقدمة المتكلمين والعلماء العرب.
وقد حقق الجابري تميزا فكريا وإحاطة بالخارطة المعرفية العربية وعقلها، ولكن أرى أن هذا الاعتراض اعتراض جدي على طريقة الجابري في تحليل النظام البياني العربي، ويمكن أن يصبح مجالا لمناقشة هذا المفكر الكبير في عمق رؤيته.
الجائزة الثانية: التي حصلت عليها هي جائزة شنقيط في مجال علم الاجتماع أو في الدراسات الاجتماعية إن صح التعبير، عن كتاب يسمى "معقول اللامعقول في الوعي الجمعي العربي" وانصب الكتاب على نموذج صورة المغيب في المخيلة الموريتانية، و قد حاولت فهم العقل الموريتاني أو عقل الغرب الصحراوي من خلال الحكاية أو من خلال بعض الممارسات الذهنية، ومن وراء تصور المغيبات الشعبية التي يراها الإنسان العادي مؤثرة في الكون من حوله، ويسند إليها الأسباب. وتحدثت في هذا المجال عن مجموعة من الأشياء منها: لكزانة التي لاحظت أنها تخضع لمنطق ضمني صارم، وأن هذا المنطق يعكس نوعا من الذكاء الفطري، أو هو نوع من الذكاء الفطري المجسد.. وهي في حقيقة الأمر حساب احتمالات يصل إلى اثنين وثلاثين وثلاثمائة احتمال، يقوم على مجموعة من القواعد، وخاصة ضرب الرمل، وتحدثت عن ضرب الودع والفأل.. .
كل هذه الأشياء يراها الإنسان في غرب الصحراء مؤثرة في الظواهر الاجتماعية والطبيعية. كذلك حاولت في هذه الدراسات أن أرد هذه الممارسات إلى أصولها في التاريخ والفكر والأنظمة العقلية التي كانت سائدة في هذه البلاد، وحاولت استخراج قواعد تفكير عند الموريتانيين من خلال الأشياء التي يراها ملقاة على طرف، إلا أنها هي التي تفسر العقل المنظم لتفكير هذه المجموعة البشرية المسماة البيضان، أو سكان غرب الصحراء، من واد نون إلى جنوب الجزائر إلى شمال مالي و النيجر، كما حاولت جمع حكايات من هذه المناطق كلها. مثلما درست الكتب والفتاوى والنقل التي اهتمت بهذا الجانب من قبل علماء وفقهاء وشعراء موريتانيين ومن المنطقة.
وحاولت الحصول على صورة عامة عن أنساق الفكر عند أهل الغرب الصحراوي بهذه الطريقة بما وسعني من تحر وتحليل.
أما الجائزة الثالثة فهي جائزة شنقيط للمرة الثانية وحصلت عليها بعمل روائي هو "هجرة الظلال" وهي رواية تتحدث عن مجموعة بشرية كانت تسكن في هذه الأرض منذ ما قبل التاريخ، عملت عملا محرما أدى إلى ما يسمى محليا ب "الغضب" فهاجرت عنها ظلالها بعد أن فقدت ظلال الأشياء.
وبدأ سكان المدينة الذين أصيبوا بهذه اللعنة يبحثون عن ظلالهم، وخلال تتبعها لرحلة البحث عن الظلال وإيجادها وفقدها واسترجاعها، استعرضت الرواية مفاصل التاريخ المتاح عن البلد، تاريخ الأديان التي كانت موجودة، تاريخ الزراعة، أساطير الزراعة، أساطير التنمية وأساطير الهجرات، والتركيبة السكانية، وتاريخ نشأة المدن واندثارها.. إلى غاية نشأة مدينة نواكشوط ونشأة ما يعرف ب"الكبة". وهنا تنتهي الرواية بمؤذن يريد أن يقيس الظل بقدميه فلا يجد ظله، فيكتشف أهل الكبة ومن بعدهم أهل المدينة أنهم فقدوا ظلالهم وظلال أشيائهم. وقد نشرت الرواية في الإمارات من قبل دائرة الثقافة في إمارة الشارقة، في سلسلة "إبداعات عربية" المعروفة.. .
كما نشر كتاب معقول اللامعقول في نفس الدائرة.
موقع الفكر: ما هي أهم مؤلفاتكم؟
د. محمدو بن أحظانا: أما من المؤلفات فثمة كتب أخرى مثل كتاب "الإسلام والحضارات" صدام أم حوار؟"
وهذا الكتاب يهتم بالحضارات وعلاقة الإسلام بها، وأرد فيه على ثلاثة مفكرين هم صاموئيل هانتنغتن، افرانسيس فوكوياما، وباري بوزان، هؤلاء الذين يقولون بنظرية صدام الحضارات ودموية الإسلام.
وقد اقترحت في هذا الكتاب أن ينشأ فقه وعلم كلام جديدان للحضارات، كما أطرح فيه فكرة توسيع مقاصد الشرع الخمس بإضافة حفظ النفس الحضارية مثلا، كما أتصور أنه يمكن أن يكون حفظ للمال الحضاري سواء كان مالا معنويا أو ماديا. وهناك حفظ العرض عن طريق الإعلام، وهناك حفظ النسب عن طريق الانتماء الحضاري المعنوي، في جعل هذه الحضارة حضارة معرفة في قوالبها التاريخية، وتستحق أن تنال مكانتها بين الحضارات المختلفة، فيما يسمى حفظ الدين تتحدث عن حفظ الكليات الدينية، وما يتفق فيه المسلمون مثل الوحدانية وصدق الرسالة، أو ما يسميه المتكلمون جليل الكلام، وأن نتحاور أو نتناصف فيما يسمى دقيق الكلام، بينيا.
ثم بعد ذلك أو بالتوازي معه نتحاور مع الحضارات الأخرى، وفي هذا الصدد قرأت التوراة والإنجيل والقرآن الكريم من منظور ما يتفق فيه المسلمون مع النصوص المتاحة لهم حاليا، وكيف يمكن أن يترك بعضنا لبعض ما نختلف فيه ونعمل فيما لا خلاف فيه؟
ولاحظت أن هناك أمورا في التوراة نتفق فيها مع الديانة الموسوية في نصوصها المعتمدة، كسفر التكوين والوصايا العشر ورغم أن سفر التكوين مليء بثبت لأنساب اليهود لكنه بالمجمل يتفق مع نظرية التوحيد، وبالنسبة للأناجيل ثمة نوع من الاتفاق والاختلاف، ولاحظت أنه كلما قيل في القرءان الكريم: (قالت اليهود. أوقالت النصارى) فإن التعليمات التي تأتي بعد ذلك تكون خارجة عن الأصول التاريخية لتلك الديانة غالبا، وهذا من دقة تعبير القرآن الكريم.
كما لاحظت كذلك أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون عندنا كلهم وهم ليسوا معصومين لدى الديانتين من الخطإ والزلل.
طالبت بالحوار الحضاري على أساس التكافؤ المعنوي، إن لم يكن ثمة تكافؤ مادي فثمة تكافؤ معنوي، كما طالبت بتأهيل الحضارة العربية الإسلامية بردها على ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول يتعلق بالقيم وكيف نطبق قيمنا الإيجابية، التي ندعو إليها، أي ألا ندعو بألسنتنا لشيء ولا نطبقه، تلافيا لحالة انفصام الشخصية الإسلامية فيما هو معلن، وفي القيم الإسلامية ثمة قيم يمكن أن ننفع بها الحضارات الأخرى منها قيمة الحق العام، وأضرب مثالا بمسألة المواريث عندنا فالمورث لا يمكن أن يوصي بأكثر من ثلث ماله بينما في الحضارة الغربية يمكن للإنسان أن يوصي بما يشاء، فيمكن أن يوصي بماله ولو لحيوان أو لمنظمة، ويحرم ورثته كليا.
وطالبت في السؤال الثاني أن تنطق حضارتنا بلغة العلم لأنها هي لغة العصر، وطالبت في السؤال الثالث باستخدام منهج عملي مدني يتلاءم مع العصر، بأنظمة قابلة للاستمرار وترى الإنسان قيمة في ذاته، له الحق في أن يعمل، في أن يختار، في أن يتكلم، في أن ينتظم.
وبالتالي طالبت بنوع من المنهج السياسي والعملي حتى نستطيع ضمن متتالية الانحسار والتقدم والانحسار والتقدم.. بشكل دائم، وطالبت الحضارات الأخرى، ضمن الكتاب، أن تتركنا وشأننا وتسمح لنا بأن نتملك العلم ونتملك التنظيم، وبالتالي نستطيع أن نتحرك إلى جانبهم وإلا فإن الخلاف سيكون مكلفا لنا جميعا.
وفي هذا الصدد رددت على نظرية "هانتنغتون" في أن الإسلام دموي، و على نظرية "فوكوياما"، عند قوله إن الليبرالية هي نهاية العالم. وأثناء الرد على هؤلاء أحلتهم إلى الأفكار الفلسفية عند "ديفيد هيوم" و"جون لوك" و"هيغيل" و"نيشته" وغيرهم ممن اعتمد عليهم هؤلاء الثلاثة.
واكتشفت أن هناك زاوية انحراف شديدة عند هؤلاء في الاستشهادات والنصوص التي كانوا يستشهدون بها، و كذلك فإن تأويلهم كان فيه نوع من التحكم أو التخطيط وكأنهم خبراء يخططون لمشاريع مستقبلية تقوم على قهر الحضارات وفي مقدمتها "الحضارة الإسلامية". ...
وتحدثت عن شجاعة الحضارة العربية الإسلامية وأنها هي الحضارة الوحيدة التي تواجه جميع من يعتدي عليها بكل شجاعة رغم أن هذه المواجهة تكون أحيانا غير متبصرة ومتطرفة في بعض الأحيان ولكن ثمة نوع من بذور الشجاعة التي تجعلها تستحق الاحترام من الحضارات الأخرى، هذا بالنسبة لكتاب "الإسلام والحضارات صراع أم صدام؟"
وثمة كتب أخرى منها كتاب "الحضارة والدولة" وهو تحت الطبع وثمة كتب أخرى وروايات، ومجموعات قصصية وأعمال التعليم والمسائل التي تهم المجتمع وثمة دراسات عن "لغن الحساني" والموسيقى والحكاية الحسانية والدراسات الأدبية، حاصل على وسام الاستحقاق من رئاسة الجمهورية لخدمة الثقافة والفكر في العام 2012م .
أما فيما يتعلق بالصراع والذين يقولون إنه مسألة قدرية فأرى أنها مسألة إدراك تاريخي وأرى في كتاب الدولة والحضارة أن الإنسان مر في حياته بأربعة أنواع من الوعي، وعي بحفظ الذات، وفي هذه الحالة كان يضمن معاشه بالصيد واللقط ونزعة الأنا يقاتل الآخر لكي يعيش، ثم جاءت مرحلة أخرى وهي مرحلة الوعي بالبقاء وفي هذه المرحلة نشأت حاضنة الأسر وأصبح البقاء بالنسبة للفرد مستحيلا فصار من الضرورة أن تنشأ أسر، ونشأة الأسر أدت إلى ضرورة حمايتها وهنا نشأ الوعي الاجتماعي وبعد الوعي الاجتماعي نشأ ما يسمى بالوعي بالسيادة وضمان وجود المجتمع في نظام هرمي متكامل يتألف من الحماية المعنوية والمادية عن طريق الإنتاج وعن طريق الحرب، وفي هذه الحالة نشأت تجارب الحروب بين المجتمعات وكانت قبل ذلك بين القبائل ونشأ في المرحلة ما يسمى بالوعي بالحروب والتوسع وهو نوع من حماية الحمى، الوعي بالرفاه والوعي بالتسخير، والمرحلة الرابعة هي بالوجود المحيط بنا.
والحضارة عادة ما تنشأ على دين موحد أو لغة موحدة، شعوب متعددة يجعلها الدين تنطق بلغة مشتركة، وتكون لديها لغات محلية وفي هذه الحالة نشأت الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية والحضارة الهندية والحضارة الصينية، ونشأت صراعات بين هذه الحضارات وكادت تفني فنشأ وعي خامس بين هذه الحضارات بضرورة أن نجد مشتركا بين البشر ككل ضد مخاطر الإنسان نفسه وضد المخاطر الطبيعية ونشأ ما يسمى بالمنتظم الأممي مثل عصبة الأمم والأمم المتحدة، ومجلس الأمن وهذا نوع من التلاقي بين الحضارات حتى تتجنب الحروب وبالتالي الحرب ليست حتما وإنما هي نتاج لوعي تراكم بنبذ الآخر.
وبعد جائحة كورونا سينشأ وعي سادس فبدأ الإنسان يفهم أنه لا يواجه الإنسان ولا يواجه الطبيعة فحسب بل يواجه الطبيعة الخفية ولا يواجهها فلان بن فلان أو الشعب الفلاني وإنما تواجهها البشرية جمعاء. وهذه الجائحة ستغير العالم مستقبلا لأنها تستهدف الإنسان في ذاته سواء كان رئيسا أو مرؤوسا إفريقيا أوربيا أو آسيويا، وسبق أن تحدثت في كتاب الإسلام والحضارات صدام أم حوار وقد تحدثت عن هذا ربما بنوع من التوسمية عن جنون العلم أن يبدأ الإنسان في إنتاج أشياء ضد كينونته وأن الفيروسات تطور نفسها وكأنها تتطور كالإنسان والحيوانات بل تتحور وتتطور كي تحمي نفسها وتحدثت في هذا الصدد عن وباء يجوب العالم ويكمل دورته دون أن يتفطن له في ظرف أربعة عشر يوما نتيجة لسرعة وسائل الاتصال وسهولة التنقل ،وثمة مشاريع كمشروع العقل العربي ومشروع العقل الموريتاني.
موقع الفكر: ما أهم الإشكالات التي تعاني منها ثقافة البيظان في غرب الصحراء؟
د. محمدو بن أحظانا: هذه الثقافة ثقافة حية تعاني مما تعاني منه الثقافات الأصيلة لأنها ثقافة حقيقية وثقافة تملك أسباب البقاء إذا اعتنى بها ذووها وهي ثقافة جميلة وثرة وغزيرة العطاء خاصة لمن يريد أن يمتاح منها إبداعات شعرية أو إبداعات روائية أو قصصية أو سيناريوهات أو غيرها، فهي حياة مليئة بالأساطير وكأن أساطيرها تشبه الأساطير اليونانية أو هي أثرى لأننا في ترعة ثقافية بشرية كانت تأتي من الشرق و الجنوب و الشمال وتحتفظ بثقافتها وتم سبكها في ثقافة واحدة لا تستبعد أيا من الثقافات القديمة وتولد أيضا المعاني الجديدة.
وهذه الثقافة لا بد أن تجد عناية من المفكرين والمثقفين لأنها ما تزال بكرا من الناحية الثقافية والاجتماعية والأدبية والفكرية ولكنها تندثر وفي هذا الصدد شاركت مع بعض الباحثين في كتابة موسوعة الأساطير والحكايات والأمثال الموريتانية ،وجمعنا فيها الكثير من الحكايات الموريتانية بالنص الأصلي وكتبناها بالفصحى وكانت فاتحة لكثير من الباحثين كي يدرسوا هذا المجال ويهتموا به ونشرت ونفدت، ونشرت باللغة الفرنسية ونفدت، طبعتها كذلك بالفرنسية.
موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في موريتانيا؟
د. محمدو بن أحظانا: واقع التعليم كتبت فيه مقالا منذ 2009 أود أن تطلعوا عليه ولكن أود تلخيصه في كلمات قليلة أن برامج التعليم عانت من السياسة بشكل متتال حتى في أيام الاستعمار فكانت السياسة التعليمية في أيام الاستعمار نوعا من تكريس الاستعمار وكان التعليم المحظري نوعا من تكريس المقاومة الثقافية، ولذلك نشأ تعليم قلق على أساسين مختلفين أحدهما يدعى المعاصرة والآخر يدعي الأصالة ولكل منهما حماته وحملته، فلما جاءت الدولة الحديثة أرادت أن تدمج الصنوين اللدودين فقامت بإصلاحات متتالية.
وكانت هذه الإصلاحات تحقق أحيانا الغرض التعليمي ولا تحقق الغرض التربوي وتحقق الغرض التربوي ولا تحقق الغرض التعليمي. فإذا أنشأنا برنامجا موحدا يكون على حساب التعليم وإذا أنشأنا برنامجين مختلفين يكون على حساب التربية، وأدى هذا التلفيق إلى برنامج ضخم لا يستطيع التلميذ أن ينهيه في سنة واحدة ثم هو برنامج غير متجانس والسبب في عدم تجانسه هو أن واضعي أو مهندسي البرنامج التعليمي يتكون في الشرق فيأتي ببرنامج شرقي ويتكون زميله في الغرب فيأتي ببرنامج غربي ويتكون أحدهم في دولة عربية فيأتي ببرنامج عربي دون أن يتشكل البرنامج على شكل نسق واحد، والتعليم الآن بحاجة إلى إصلاح جديد يراعي من جهة الهدف التربوي ويحقق من جهة الهدف التعليمي.
وطرحت في المقال الذي نشرته ضرورة القيام بأيام تشاورية حول التعليم وقيم بها، وطرحت ضرورة إنشاء مجلس أعلى للتعليم وتم إنشاؤه مؤخرا.
كما طالبت باستحداث جائزة دولة لأفضل أستاذ وأفضل معلم وأفضل تلميذ، والمقال موجود وقرئ على نطاق واسع ونشرته مجلات عربية.
ويحتاج التعليم عندنا إلى بعض الأمور المستعجلة أولا قبل كل شيء يجب أن نتعلم بلغة الأم وهذا ليس ضد لغة معينة بالنسبة لمرحلة معينة من التعليم بالنسبة للتلاميذ على الأقل فالطلاب يمكن أن يتعلموا بما يشاءون من لغات.
لأن التلاميذ إن تعلموا المواد العلمية بلغة غير لغتهم الأم يكون تعليمهم تعليما مركبا من عمليتين، عملية تعلم اللغة وتعلم العلم.
ثانيا: هذا التعليم يجب أن يكون بلغة حية حديثة فثمة لغة لا أريد ذكرها بالاسم تتقاعس تقاعسا مريعا وإذ نحن نعلمها أطفالنا فهي لا تخرج عن غرب إفريقيا وبعض الدول الأوربية القليلة أما عدا ذلك فلا يعرفها أحد من سكان العالم وكأننا نفرض على أبنائنا التجهيل ونقيس الرجل على الحذاء من خلال عدم تعليمهم المواد العلمية في مرحلة معينة بلغتهم الأم وكذلك تدريسهم بلغة لا بد أن يتعلموا لغة أخرى غيرها إن أرادوا التطور وهذا من المشاكل الرئيسة للتعليم ولا بد من تسويتها أو أن نكون كمن يحكم على أبنائه بالإعدام.
ويجب أن لا نترك الأمور على عواهنها مجاملة لبعض الظروف أو لبعض السياسيين، فالتعليم يجب أن ينفصل عن السياسة وقد عاني منها حقا وكان الطلاب وقود الحركات السياسية لكن بعد أن وجدت الأحزاب السياسية، يجب أن نترك أبناءنا يتعلمون.
موقع الفكر: ما تقويمكم لسنة ونصف من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؟
د. محمدو بن أحظانا: رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني لا يزال في بداية تجربته والحكم عليه حكم على جزء من تجربته، على جزء من برنامجه، هل قام بهذا الجزء من برنامجه؟ نعم إن لم يكن زاد لم ينقص وبالتالي يمكن أن نحكم على تجربته بأنها تجربة إيجابية، ناجحة فيما مضى وثمة مؤشرات واضحة ومعالم على أن مساره الذي يسلك مسارا هادئا، وهو مسار عملي غير استعراضي وثمة تركيز على ما يمكن إنجازه وما يجب إنجازه وما تم إنجازه يدل على أن المقدمات وعادة عندما تكون المقدمات جيدة وتكون الأسئلة المطروحة قد نالت أجوبتها وتكون الأسئلة المعلقة في الذهن أو في الحسبان فإننا نحكم على التجربة بأنها تجربة إيجابية.
وأرى أن ما تم حتى الآن أدى إلى بعض النتائج المهمة وهي الطمأنينة الاجتماعية والطمأنينة السياسية، وهذا يعطي نتائج مذهلة على المستوى التنموي، وعلى المستوى التربوي وعلى المستوى الثقافي ويعطي على مستوى اللحمة الوطنية وبالتالي خف خطاب الاستقطاب الفئوي ولم يعد هو الخطاب السائد، وخف خطاب التناحر. وثمة ما أعرفه أنا وهو الاهتمام بالثقافة والأدب وما يهم المجتمع ولغته العادية وما يحب المجتمع، واحترام الأدباء واحترام الرموز الأدبية والفنية واحترام ما يجب احترامه لدى المجتمعات الأخرى التي تحترم نفسها.
وكانت مصالحة مع الذات الحضارية وأنتهز الفرصة لأشكر الرئيس لأننا نحن الأدباء كنا أول من استقبل قبل أية هيئة أخرى، وبدعوة مباشرة من الرئيس وليس بطلب منا.
وثمة مؤشرات لنشأة جمهورية ثانية بعد نشأة الجمهورية الأولى التي تأسست عليها موريتانيا وآمل وأتمنى أن يكون هذا هو ضابط المسار، وآمل أن يكون توقعي في محله وأنا من أهل التوقعات.
موقع الفكر: ما أبرز إنجازاتكم خلال مأموريتكم على رأس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين؟
د. محمدو بن أحظانا: تعهدت بمجموعة من التعهدات وأنجزتها ومن ذلك أنني سأؤهل اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين للتمثيل الخارجي المحترم ولم يحدث نشاط خارجي من طرف اتحاد والكتاب العرب أو من طرف اتحاد الأدباء والكتاب الأفارقة والآسيويين إلا وساهمنا فيه مساهمة متميزة وعلى المستوى من خلال أدباء ومفكرين موريتانيين يستحقون الاحترام.
ودعمنا أمراء الشعر الذين نجحوا في تقديم موريتانيا في المسابقات الدولية ووفينا بجميع التزاماتنا الخارجية تجاه اتحاد الأدباء والكتاب العرب وهو منظمة دولية عربية غير حكومية، وحضرنا فيه حضورا تنظيميا جيدا فأنا على سبيل المثال المستشار الخاص للأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، ونائبه في الثقافة والتراث.
وعلى المستوى الداخلي قمنا بالبرنامج على أكمل وجه على ما أعتقد ونقلنا مهرجان اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين إلى النعمة وإلى نواذيبو وكانت رؤيتي في هذا أن الجوار والحوز الثقافي يجب أن يفهم أننا لا نزال نشكل المرجعية الثقافية في المنطقة، لأن ثمة حدودا ثقافية سكانية في الشمال والشرق، كما أنني دعوت ضيوفا كثيرين من العالم من بينهم أمناء عامون وكتاب بارزون من اتحاد الأدباء والكتاب العرب، وحصلنا على لقب لمدينة نواكشوط بأنها عاصمة دائمة للشعر العربي، ولم يلق تغطية إعلامية كبيرة وهذا إنجاز يكافئ لقب بلاد المليون شاعر.
ونشرنا عشرين كتابا منها خمسة عشر كتابا بالتعاون مع بعض الجهات منها مركز للدراسات برئاسة المفكر بدي ولد ابنو وتعاون معنا تعاونا إيجابيا، وخمسة كتب انفردنا بنشرها، وبنينا مقرا محترما للاتحاد به قاعة كبيرة ويقع وسط حي راق وكذلك أنجزنا ترسانة قانونية قوية لهذا الاتحاد، ونحن الآن بوارد إصلاح جديد للاتحاد، فقد تضخم كثيرا وهذا التضخم أدى إلى عسر تنظيمي أو عدم إمكانية الإحاطة خاصة بسبب تكاثر الأدب الشعبي في الاتحاد ويبدو أنه تم تنبيهنا تنبيها قويا وتحذيريا، من قبل اتحاد الأدباء والكتاب العرب إلى أن وضعيتنا وضعية غير قانونية لأن اتحاد الأدباء والكتاب العرب لا يسمح بالعضوية في الاتحادات التابعة له إلا لمن يكتب باللغة العربية الفصحى حصرا.
والسبب أن اتحاد الأدباء والكتاب لا يستخدم غير اللغة العربية ولا يجوز لمن ينتمي إليه أن يستخدم غيرها إذا كان يريد البقاء عضوا في اتحاد الأدباء والكتاب العرب.
و بالتالي نحن الآن في هذا الإطار وسنطالب بها ونعلم أن الدولة ستدعم هذا الاتجاه لوقوفها إلى جانب خدمة هذا المرفق.
وندعو الأدباء إلى خوض هذه التجربة التي ستجعل ميزانيتهم مضاعفة وتجعلهم متخففين من الناحية التنظيمية ويبتعدون عن الحساسية ما بين اللهجي والفصيح.
فلكل منهما مجاله واختصاصه وتأثيره ونحن نمثل موريتانيا في الدول العربية والعالم ولا بد أن يكون التمثيل بلغة عالمية، ولئن أنجزنا هذا المطلب نكون قد قمنا بإصلاح داخل الاتحاد.
ولدي أمل كبير في أن نوفق في الحصول على تمويل مكافئ لاتحاد الأدباء الشعبيين حتى يؤدوا رسالتهم بجدارة واقتدار، وأن يحضروا الفعاليات الإقليمية، ولكن لا بد من الفصل بين هذين التوأمين لأن ذلك مطلوبا ثقافيا ومطلوب قانونيا.
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
د. محمدو بن أحظانا: أهنئكم على اختيار هذا الاسم الذي اخترتموه فمشاكل البشرية منذ نشأتها إلى اليوم، لم تحل مشكلة إلا عبر الفكر سواء هاجمنا العقل أوهدمناه فإننا لا نستطيع أن نستخدم إلا العقل والفكر وبالتالي أوصي المثقفين بأن يعلموا أن الفكر هو الحل وأن الفكرة هي الحل، الفكرة السليمة والفكرة المتبصرة، فلا يوجد شعب ولا حضارة ـ منذ بداية الكتابة وحتى اليوم ـ استطاع حل مشكلة بعدم التفكير أو عدم العقلانية ولكنهما يزولان بانعدام العقلانية وعليه فلا بد لهذا الشعب الذي هو شعب ذكي ولديه نخبة مثقفة أن تتواصل وتتبادل التجارب وتبني فمثلهم حاليا كمثل من يصنع لبنة واحدة وبدلا من رصها إلى لبنات أخر يجلس عليها فلا هي أظلته من لهيب الشمس ولاهي وقته البرد وهذا هو مثل تجربتنا نحن حاليا في الفكر والأدب، ويجب أن نضع لبنة حتى نشكل صرحا ثقافيا وفكريا.
و السلام عليكم ورحمة الله.
نتقدم بالشكر الجزيل وعظيم الامتنان للدكتور محمدو بن احظانا على ما تفضل به من اجابات شافية، فله منا كل الشكر والتقدير .