تابعت باهتمام موضوع إلزام رئيس الجمهورية ولد الغزواني وزارة التعليم لمدارس " الامتياز" بولوج أبناء الطبقات الهشة التي لم تمكنهم الظروف من التفوق المدرسي؛ محددا العائلات الموجودة على قوائم السجل الاجتماعي لتآزر ؛ مع تحديد المرحلة الإعدادية والثانوية.
تحضرني قصة أسرة منعدمة في لغيركه بدارالنعيم ما وراء طب اسويسرا ؛ تم اختيار ابنهم كمتفوق لمتابعة دراسته الابتدائية في مدرسة الامتياز بتنسويلم .
وكانت الأسرة تنفق يوميا على ابنها مبلغ 500 أوقية للنقل ؛ بعد شهر أثقلت هذه التكاليف كاهل الأسرة المعدمة فقررت أن تسحب ابنها من مدرسة الامتياز الابتدائية الكائنة في تن أسويلم نظرا لعدم مقدرتهم على تحمل تكاليف النقل وطالبوا بإعادة ابنهم لمدرسته الابتدائية التي تقع بالقرب من منزلهم.
أخلص من خلال هذه القصة أن أي مساعدة لأجل تساوي الفرص التعليمية لا تبدأ من مدارس الامتياز الابتدائية وخصوصا لصالح المسجلين في السجل الاجتماعي؛ مآلها الفشل.
فحتى وإن أدمجنا أبناء الأسر المنعدمة في الإعدادية والثانوية فلن يكون بمقدروهم المواصلة فيها، نظرا لتحديات عديدة:
التحدي الأول: التكاليف المالية: فسيواجه الأهل الذين ينتمون للفئات الهشة صعوبة في تحمل تكاليف التعليم في مدارس الامتياز؛ فبدون توفير سكن داخلي لأبناء الطبقات الهشة في مدارس الامتياز فإن أثر العملية الإيجابي سيظل ناقصا ؛ بدون أن تكون هنالك متابعة مستمرة وتوفير بيئية دراسية لأبناء هذه المجموعات تنتشلهم من واقعهم المتردي فإن الوضع سيظل كما هو حتى وإن نظمت لصالحهم ساعات تقوية؛ وإذا ذلل هذا العائق الكبير فيمكن أن يسهم في متابعتهم.
التحدي الثاني : النقل والمواصلات: فالتلاميذ المنتمين للفئات الهشة يعيشون في مناطق بعيدة عن مدارس الامتياز، مما يصعب عليهم الوصول إلى المدرسة بسبب صعوبات المواصلات وتكاليفها؛ وبذلك من المهم تذليل صعوبة النقل ؛ ولن يكون ذلك بدون سكن داهلي أو توفير منحة شهرية تصرف شهريا خاصة بالنقل لهذه المجموعة من التلاميذ.
التحدي الثالث : العوامل الاجتماعية والنفسية: فالأكيد أن التلاميذ المنحدرين من هذه الأوساط خاصة في مرحلتي الإعدادية والثانوية لديهم تحديات اجتماعية ونفسية قد تؤثر على قدرتهم على التكيف في بيئة مدرسة الامتياز ؛ وقد يشعرون بالتمييز أو العزلة نتيجة لفارق الظروف الاجتماعية والاقتصادية بينهم وبين زملائهم في المدرسة؛ وهو أمر يستدعي العمل على إيجاد حل له قبل دمجهم.
التحدي الرابع : الاختلاف في المستوى الدراسي: فالتلاميذ المنحدرين من الفئات الهشة الذين سيتم دمجهم في الإعدادية والثانوية سيختلف مستواهم الدراسي عن زملائهم الذين تمكنوا من الولوج لمدارس الامتياز ؛ نظرا لأنهم لم يحصلوا على فرص تعليمية متساوية في الماضي؛ ولم يتمكنوا من دعم إضافي وتقوية تعليمية تمكنهم من اللحاق بزملائهم.
التحدي الخامس: عدم قدرة مدارس الامتياز على تقديم الدعم لهذه الفئة : فمعظم مدارس الامتياز غير مجهزة بالموارد اللازمة لتقديم الدعم اللازم لطلاب الفئات الهشة ؛ فهم يحتاجون لبرنامج تعليمي خاص بل عاما دراسيا تحضيريا على مستوى الإعدادية والثانوية قبل دمجهم مع التلاميذ بالامتياز ؛ بل من اللازم أن نؤسس لخطة خاصة في مجال الرعاية والتغذية والدعم النفسي والاجتماعي؛ وهو أمر مفقود بعديد مدارس الامتياز في ظل النقص الحاد للمدرسين بهذه المدارس ؛ والضغط الحاد من خلال الجداول على الاساتذة بمدارس الامتياز
؛ وإذا طبق القرار بدون رؤية فإنه سيكون أكثر عامل هادم لمعايير النجاح بهذه المؤسسات بذريعة تمييز لصالح الفئات الهشة ؛ فقد تعمد هذه المدارس سنة وراء أخرى على تجاوز أبناء هذه الطبقات كسرا للقيود ومسايرة للقرار الرئاسي وهو أمر سيكون سببا في هدم النظم المسيرة لهذه المؤسسة.
إذا ما أردنا تحقيق إدماج فعّال لأبناء الفئات الهشة في مدارس الامتياز، يجب تبني استراتيجية شاملة تشمل تقديم الدعم المالي والمواصلات المناسبة، وتوفير برامج دعم تعليمية ومساعدة اجتماعية ونفسية للتلاميذ.
فضلا عن توفير العدد الكافي من المدرسين؛ وتوفير الموارد اللازمة لتلبية احتياجات التلاميذ وتعزيز فهم مدارس الامتياز للتحديات التي يواجهها التلاميذ القادمون من الفئات الهشة.
علاوة على ذلك، يجب تنظيم حلقات إعلامية بالتلفزيون والإذاعة تهدف لتوعية المجتمع بأهمية تعزيز الفرص المتساوية في التعليم، وتشجيع العمل التطوعي والشراكات بين المدارس والمجتمع لدعم التلاميذ المحتاجين.
إن تجاوز تحديات إدماج أبناء الفئات الهشة يتطلب التزامًا رئاسيًا وحكوميًا قويًا بتحسين فرص التعليم للفئات الهشة؛ كما يجب أن يتم تخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ السياسات والبرامج التي تعزز المساواة في التعليم وتدعم التلاميذ القادمين من الفئات الهشة في مدارس الامتياز؛ والتركيز على المرحلة الابتدائية لضمان ولوج مستدام لابناء الفئات الهشة لمدارس الامتياز.
وعلى رئيس الجمهورية إن صادقا في دمج الفئات الهشة أن يعطي الأوامر بالبدء بدمج أبناء هذه الفئات بالتعليم الابتدائي لا الإعدادي أو الثانوي.