ول أحمد ديه لموقع الفكر: أول خطوة في محاربة الفساد وحماية المال العام نزاهة المسؤول الأول.

في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منه إلى إطلاع المتابعين الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد أبرز الاقتصاديين، ممن خبروا دروب الاقتصاد الوطني- وزيرا للمالية- وعايشوا تحدياته في حقبة عانى فيها الاقتصاد الوطني بعض الصعوبات، وبحكم وظيفته فقد كان  ضيفنا يرأس  لجان التفاوض مع مؤسسات التمويل الدولي، حيث أوشكت البلاد في أيامه على انتزاع اتفاق معقول مع المؤسسات الدولية لولا الانقلاب الذي أطاح بولد هيداله و وأد الحلم الذي كان سيكون إنجازا تاريخيا ومصيريا للاقتصاد الوطني.. وبين هذا وذاك كانت خاتمة مشواره المهني مفتشا عاما للدولة.

نتابع معه اليوم لنستجلي من خلاله ما وراء الخبر... في لقاء شامل يتناول بعض القضايا المتعلقة بالاقتصاد الموريتاني في المرحلة التي واكبها، والظروف التي تسلم فيها وزارة المالية، وكواليس التفاوض مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وعن سياسة الممانعة والرفض التي انتهجها الرئيس الأسبق محمد خونه ولد هيدايه اتجاه شروط مؤسسات التمويل الدولي، وكذا سياسة الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وعن آثار الحرب على الاقتصاد الموريتاني، وطريقة معالجة الحكومة للديون التي ورثتها عن الأنظمة السابقة، كما يتناول اللقاء الأدوار التي تضطلع بها المفتشية العامة للدولة، وعن ظاهرة الفساد وسبل معالجتها.

 فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم معالي الوزير سيد بن أحمد ديه.

موقع الفكر: بصفتكم مفتشا عاما للدولة سابقا كيف وجدتم المفتشية العامة للدولة وكيف تركتموها؟
الوزير سيدي بن أحمد ديه:
 قد أمضيت في المفتشية سنتين (2009/2010) وفعلا لا أفشي سرا أنني قد نصحت الرئيس بأن التفتيش وما سماه في فترة معينة مكافحة الفساد يحتاج تحضيرا. 
أولا: من الضروري وجود النظم والقوانين، ومعرفة الموظفين للمساطر والإجراءات المعمول بها.
ثانيا: لا بد أن تكون هناك مراقبة أولية يعتمد عليها، كالمراقبة الذاتية، ثم مراقبة أخرى تمر عليها مصروفات الدولة كلها، وأي وثيقة لها بعد مالي أو يترتب عليها صرف، يجب أن تمر على مراقبة أولية، وأن يكون مسار التركيز والرقابة شفافا ومحايدا، وليس على أساس زبوني أو تصفية حسابات، وأن تكون شاملة، وموجهة للجميع، وأن تكون النتائج رادعة؛ بحيث أن من اختلس أو سرق سوف يعاقب بإلزامه رد ما اختلس، ويمنع بعد ذلك من الوظائف لفترة من الزمن حتى يتم التأكد من توبته. والملاحظ أن ما يقع عكس هذا تماما.
أيام كنت مفتشا عاما للدولة قامت هذه المفتشية بإعداد 35 ملفا، لكن تجب الإشارة هنا إلى إنه في تلك الفترة لم يكن لدى المفتشية صلاحية التعامل المباشر مع العدالة، وقد سمعت أن هذا الوضع تغير لاحقا حيث أصبح بمقدور هذه المؤسسة المبادرة بإحالة ملفاتها مباشرة إلى العدالة.
أما الوضعية السابقة فقد كانت تلزمنا بإحالة الملفات حصريا إلى الرئاسة وهي من يقرر الإجراءات  اللزمة أو عدمها، وهي طبعا المسؤولة عن الإجراءات الإدارية المترتبة على هذه التفتيشات من عقوبات ضد المخالفين المحتملين.
 وقبل إعفائي من المفتشية بشهرين أو ثلاثة وجهت إلينا تعليمات يتم بموجبها  خصم 40% من المستحقات المسجلة في تقاير التفتيش، وأن يقسط الباقي على دفعات.
فأعددنا محاضر على ذلك الأساس، ووقعت مع المعنيين، ولا علم لي بعد ذلك بمصير تلك التفاهمات.
وقد لاحظت أن من بين من أثبت التفتيش تورطهم في قضايا فساد، وقدمت ملاحظات على تسييرهم في التقرير، من عينوا في وظائف عمومية تسييرية كما كانوا من قبل، دون أن نسمع عن وجود محاكمة لهم، نتجت عنها تبرئتهم.
إن جوهر قضية التفتيش هو الإجراء الرادع الذي يمنع الجميع من  تكرار تصرف خاطئ قام به شخص واحد أو أكثر؛ والردع الأساسي يكمن في نظرة الناس –بما فيهم المثقفون والعلماء- للمال العام، والتي تناقض نظرتهم للمال الخاص بشكل غريب، ففي الداخل وفي القرى والمدن، إذا سرق شخص ما مالا قليلا أو بضاعة تافهة، فإنه سيسقط في قاع العار، بل ربما تفرض عليه نظرة المجتمع أن يهاجر عن بلده، وفي المقابل نلاحظ أن سراق المليارات، ومن نهبوا أقوات الشعب،  ترتفع قيمتهم ومكانتهم الاجتماعية، كلما زاد ثراؤهم.
إن مجرد التفتيش لا يكفي، ولا يمكن أن يقضي على السرقة التي هي سلوك مرافق للظاهرة البشرية، ودوما سعت كل الشرائع والقوانين، إلى تضييق دائرته، وتجفيف منابعه، وفي تاريخنا الإسلامي نماذج متميزة للرقابة المالية على المسؤولين، فقد كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفتش الصحابة، وقد شاطر بعضهم أموالهم، مؤسسا بذلك لبناء أخلاقي في التسيير العام، قوامه كلمته الشهيرة" جربوهم بالدنانير، ولا تجربوهم بالصوم والصلاة، لأنهما يفعلهما البر والفاجر" 
كما أن التعاليم القرآنية في تعامل الوكيل مع مال اليتيم، هي أساس فاضل للتعاطي مع المال العام، فالوكيل قيم على هذا المال برسم تنميته وفق المصلحة التي يحققها لمالكه الأصلي، الذي سيتولى تدبير ماله إذا خرج من ربقة اليتم إلى حالة التكليف والرشد.

وعلى كل حال فإن أول خطوة في محاربة الفساد وحماية المال العام هي نزاهة المسؤول الأول.
"لا تنه عن خلق وتاتي مثله....عار عليك إذا فعلت عظيم".
والكلام الطيب والناعم لا يردع الناس، ولا يفطم شهوات المفسدين عن استمرار النهب، خصوصا أن بلدنا صغير، والمعلومات تتنتقل فيه بسرعة، وتصل إلى أبعد نقطة، ولا يمكن أن يخفى فيه أمر مفسد مهما تظاهر بالإصلاح، ولا يمكن أن تقع عملية فساد أو اختلاس دون مشاركة أكثر من شخص.
فبالنسبة للصرف العام لابد للاختلاس من آمر وتاجر ومحاسب وغض البصر من المصالح التي يمر بها هذا الصرف مثل الميزانية والمراقبة والخزانة، ثم يأتي بعد ذلك دور الأصدقاء والقبيلة والأقارب في تشجيع الفساد أو حماية المفسدين.
نحن محتاجون لتغيير العقليات، وما قمنا به من فعاليات ضد كورونا، من تحسيس وتوعية، يجب أن يقام به في مواجهة الفساد.
موقع الفكر: ما أهم التفتيشات التي تمت في عهدكم؟

الوزير سيدي بن أحمد ديه: التفتيشات كلها مهمة، ولكن الأهم هو الإجراءات التي اتخذت ضد من اكتشف فسادهم. وشخصيا لم ألاحظ إجراء رادعا ضد المتورطين في الفساد.

موقع الفكر: كيف ترون وضعية البلد من حيث الشفافية المالية؟

الوزير سيدي بن أحمد ديه: لست مطلعا على المعلومات بسبب بعدي عن مصادر القرار، و الوضع الاقتصادي، لم أعد مطلعا عليه، و لا توجد دراسات موضوعية عن المؤسسات المعنية، وهناك الكثير من الملاحظات التي تخرج بطرق أخرى ومصداقيتها ليست بتلك الدرجة؛ حتى ما يكتبه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكما قلت لكم فالأرقام يصعب تحديدها في ظل عدم موضوعية المسيرين.
وعموما يظهر لي أن هناك نقصا يجب أن يعالج وعملا يجب القيام به في مجال التدقيق المحاسبي وإخضاع كل الناس لتلك المحاسبة.
بحيث لا يظلم أحد ولا تظلم الدولة، وبحيث لا يؤخذ من أحد أكثر مما ينبغي، ولا تفقد الدولة ما ينبغي أخذه.
وهذا لن يحدث إلا بالتعاون والتكامل، وبفهم الناس أن هذا في صالحهم، وخاصة عندما يدرك المواطنون أن ما أخذ منهم أفرادا أو مؤسسات سيعود لهم  عبر خدمات لا يمكن أن يقوم بها الأفراد أو المؤسسات، مثل  البنية التحتية والأمن، وهذه أمور لا يمكن أن يقوم بها أفراد ومؤسسات محدودة القوة والسيطرة، فيتضح للناس أنما أخذ منهم سيصرف لما هو في مصلحتهم.

موقع الفكر: هل يمكن أن تعطونا أرقاما عن حجم منهوبات ومسروقات المال العام؟

الوزير سيد بن أحمد ديه: لا، لن نعطيكم أرقاما؛ لأنه حسب ما يظهر أنه عندما نجمع الميزانية على المديونية على الهبات فسنجد الحجم الحقيقي للمال المنهوب، وهذا ليس مبالغة أو تضخيما، في سنة 1960 عند ما استقلت موريتانيا كان اقتصادنا لا يتجاوز رؤوسا من البقر والغنم والإبل ومزارع موسمية، و في السنوات  67/ 69 /73 جاء الجفاف وقضى على كل ذلك.
وبعد الجفاف بدأت الهجرة للمدينة،  ولم نقم بإنتاج ثروة ذاتية تناسب ما نلاحظه من الثراء الفاحش لمن تولوا مسؤولية التسيير ومن دار في أفلاكهم.
إذا فكل ما تراه الآن من ملكية خاصة في شركات وعقارات في الداخل والخارج ما هو إلا نتاج تحويل المال العام إلى مال خاص، إما بالاختلاس مباشرة، أو التهرب من الضريبة، أو المشاريع الوهمية، أو الصفقات الفاسدة.
أين أولئك الذين جمعوا ثرواتهم من عرق الجبين!، هل تسمع عن أحد منهم في بلادنا، الواقع أنه في كل حقبة معينة تظهر جماعة جديدة من الأثرياء، وعند ما يذهب ذلك النظام تأتي جماعة أخرى، والمسؤول عند ما يأتي غالبا ما يأخذ من جديد المحاسب والمورد لحاجة في نفس يعقوب!.

موقع الفكر: هل تعتقدون أن المسار الحالي الذي بدأ مع لجنة التحقيق البرلمانية سيعيد المال المنهوب من أملاك الدولة؟
الوزير سيدي بن أحمد ديه: أرجو أن لا أكون موفقا في تحليلي أو ما يظهر لي؛ وكما يقول آينشتاين إن استخدام نفس الوسائل ونفس الأسلوب ليس من العادة أن يأتي بنتائج مختلفة ومغايرة للنتائج السابقة.
فأنتم تشاهدون في التلفزيون النقاشات والصراعات، وتقرؤون في المواقع التي ربما تكون مصداقيتها ضعيفة أن وزيرا يقول إنه تلقى أوامر من ابن الرئيس أو زوجه أو حتى من الرئيس نفسه.
فأقول لهذا الوزير المحترم وأمثاله إن العلاقة في الإدارة تنظمها القوانين والنظم، ولا أحد فوق القانون، وإذا افترضنا أن الرئيس ضابط عسكري، فإن الوزير ليس جنديا، والأبناء المدللون، والزوجة الحبيبة لا دخل لهم في تسيير المال العام.
ثم إن هذه الجماعة القائمة الآن تعتبر خيارا اختاره الرئيس السابق، فالحكومة ليست بعيدة من محيط اختياراته المألوفة، والنواب هو من رشحهم، وهو من استمات في حملتهم، وأصر على فوزهم بمختلف الطرق.
فلماذا طيلة تعاملهم معه خلال العشرية "المشؤومة" بحسبهم...لم ينصحوه ولم يرفضوا له اقتراحا ولم يعيدوا له ميزانية، ولم يرفضوا له مشروع قانون ...على العكس من ذلك ... ضغطوا عليه من أجل الترشح لمأمورية ثالثة.
ولو كان يعرف أن هذه هي نتيجة رفضه للمأمورية لما رفض، ولكنه كان يظن أنهم أصحابه، وشركاءه فيما قام به سلبا وإيجابا في تلك المأمورية، وكان يظن أنهم سوف يحمونه، ولقد شكروه بعد ذهابه.
أما المعارضة فيبدو من مسارها حتى الآن أنها في الواقع لم تعارض إلا الشخص، وعند ما يذهب الشخص "تتقطع في أيديهم الحبال".
فهي عندما أطيح بمعاوية لم تجد ما تعارضه،  ومحمد بن عبد العزيز هم من دعموه وقووا نظامه، وقد قالي أحد قادة المعارضة إنه عند ما حدث الانقلاب أرسلت الدولة زعماء المعارضة إلى "بروكسل" على حسابها من أجل إقناع الأوروبيين بالانفتاح على السلطة الانقلابية؛ لكن الأوربيين استغربوا، وحذروا المعارضة من الوعود التي يقطعها الانقلابيون على أنفسهم، فكان رد زعماء المعارضة أن جيشنا ليس مثل الجيوش الأخرى، فهم من مكنوا له، وعند ما سقط محمد بن عبد العزيز وجدوا أنهم كانوا معارضين لشخصه لا أكثر.
وهنا يحق أن نتساءل هل سينال محمد بن عبد العزيز  عندما يتحول إلى المعارضة، من التقدير والزعامة ما ناله رؤساء ووزراء سابقون، انتقلوا من عمق السلطة، إلى قيادة المعارضة

إن عمق القضية هي أنه يجب أن نعرف لماذا نعارض، وأن لا تكون معارضتنا للأشخاص، وأن تكون عندنا خطة جاهزة للتطبيق عند التفاهم مع السلطة القائمة أو عند الوصول إلى سدة الحكم.
حاليا ليس عندنا إلا محاكمة محمد بن عبد العزيز واسترداد الأموال، حتى ولو رجعت فما الضامن أنها لن تختلس من جديد.
واعتقادي أن الأساس في الموضوع هو مراجعة المسيرة وانتهاج طريق آخر بوسائل مغايرة وبرجال غير الذين اشتركوا مع الرئيس السابق، أو من سبقوه في نهج الفساد، ففي موريتانيا خبرات وكفاءات نزيهة ومقتدرة، لكنها لا تستطيع مزاحمة المفسدين المحميين من الأنظمة التي اختارتهم.
موقع الفكر: من وجهة نظركم ما الأسباب التي شجعت على نهب المال العام، وأين الخلل الذي أوصلنا إلى هذا الحد من الفساد؟
الوزير سيد بن أحمد ديه: أول الأسباب هو غياب الدولة المركزية، فلم تكن موجودة، وما عرفناه منها عن طريق فرنسا كان ضعيفا، وسطحيا، وكان شائعا أنها دولة كفر وأن من أخذ من مالها يعتبر بطلا" أفكراش" وقد فعل ما ينبغي فعله.
 ولم يكن المواطنين ينتظرون أي شيء من الدولة؛ ومعنى هذا أن الدولة هي بنية أجنبية على تفكيرنا ووعينا التقليدي، وحصولنا على شيء منها أمر مستغرب!، إذا، المال العام معناه أنه ملك للعموم، وهذا النوع من الملكية لا يعرفه الناس وهم في الأساس غير مقتنعين به.
الشخص هنا يعرف أن ماله ما ورثه من أبويه، أو شيئا حصّله بجهده، ولكن أن يكون لنا الحديد والنحاس والسمك والهبات، وعلينا تسديد الديون، والضريبة موزعة علينا فهذا سياق خارج عن ثقافتنا ووعينا السائد.
وثانيها غياب: الثقافة التي تقدس المال العام، ضمن رؤية صحيحة للدين، مفادها أن الدين هو المعاملة النزيهة والأخلاق الرفيعة،  وأنه لا ينحصر في تأدية الشعائر فحسب، ومن هنا فلا بد أن يجد  المال العام من يدافع عنه، وهذا الشخص المدافع عنه يجب أن يردع عنه الناس.
الدولة لم توجد بعد؛ لتدافع عن ممتلكاتها، والشعب لم يدرك حتى الآن أنه هو المالك الحقيقي للمال العام ، ما يعرفه هو ما ورثه أو حصل عليه بالتكسب.

موقع الفكر: أين الخلل الذي أوصلنا إلى هذا الحد من الفساد؟
الوزير سيدي بن أحمد ديه: الخلل كما أسلفت يكمن في غياب الدولة، وبعدم وعينا بمقدراتنا أو استثمارها  فيما ينبغي، وفهم أن عندنا دولة وأننا لم نعد رحلا ولا قبائل ولا جهات.
الواقع واقع دولة، والعقلية عقلية قبلية وفئوية مختلفة، وما بدأنا فيه من وعي  كان نتيجة لتأثير خارجي، ومن خلال حركات سياسية، كانت مرجعياتها الماركسية والناصرية والبعثية، ولم تكن انطلقت من واقعنا الظرفي.
حاليا لا ينبغي أن نبقى مختلفين، نحن مسلمون، والإسلام له مبادئ العدالة، والمساواة، وحسن التسيير، وهو المعبر عن وجدان شعبنا.
وقد ترك نمط الحكم في دائرة الاجتهاد، لأن لكل بيئة وزمان ما يناسبهما
 

موقع الفكر: بناء على تجربتكم كيف تستشرفون المستقبل؟

الوزير سيدي بن أحمد ديه: على كل حال أنا تجربتي محدودة، ولكن المستقبل هو ما سنقوم به نحن، أولا: توجد الكثير من الأمور التي لا يمكن أن نحسم فيها ولا نتحكم فيها، وقد يصلنا تأثيرها، مثل ما يقع في العالم القريب من حولنا.
لكن الواقع اليوم يلزمنا تدارك أخطاء الماضي، وأن نتجاوز الخلافات التي لم يعد لها معنى؛ لأن منابعها جفت؛ الماركسية لم تعد موجودة، والناصرية والبعثية كذلك.
يجب أن نسعى لبناء دولة لها مدارسها، ومستشفياتها، وإدارتها، وعدالتها، ومساواتها، واحترامها للمال العام الذي يمكن أن نبني به مرافق دولتنا.
إذا وفقنا الله، وتداركنا أنفسنا وبادرنا في أخذ سلوك طريق مختلف عن تلك التي سرنا عليها منذ الاستقلال وإلى الآن؛ فيمكن أن نصل إلى شيء محمود العاقبة، وأن نكون مثل الأمم التي حققت تنمية وعدالة اجتماعية، وإذا ما بقينا نسير بنفس الطريقة فلن نحقق أي شيء (يفتح الله، إن شاء الله).
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
الوزير سيدي بن أحمد ديه: أشكركم، وأرجو أن تكونوا منبرا للفكر الحر وصوتا للحقيقة، وخدمة الوطن.