
ديفيد شاب عمره 22 عامًا، يعد الأيام، الوقت يمر وسيتم إلغاء قبوله في جامعة أنجيه إذا لم يحضر هناك بحلول نهاية سبتمبر، لكنه عالق في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، ومثل غيره من الطلاب البوركينابيين والماليين والنيجيريين، لم يتمكن الشاب من التقدم بطلب للحصول على تأشيرة دخول إلى فرنسا لعدة أيام.
السبب الذي تستشهد وزارة أوروبا والشؤون الخارجية لمنح تأشيرة الدخول لهؤلاء الطلبة هو «السياق الأمني" في هذه البلدان الثلاثة بقيادة القيادات العسكرية.
منذ فترة أوضحت إدارة " الكي دورسي" التابعة للوزارة المذكورة سابقا أن "Campus France (الوكالة الفرنسية لترويج التعليم العالي الفرنسي في الخارج واستقبال الطلاب الأجانب في فرنسا) وخدمات التأشيرات لم تعد قادرة على العمل بشكل طبيعي"، مؤكدا ان "الفنانون والطلاب والباحثون الموجودون الآن في فرنسا أنشطتهم ودراساتهم تسير بشكل طبيعي، وهم دائما موضع ترحيب”.
وقبل أيام قليلة، اندلع جدل بعد نشر بيان صادر عن الإدارات الجهوية للشؤون الثقافية يدعو كل من مراكز الدراما الوطنية والرقص والمسارح الوطنية إلى وقف أي تعاون مع دول الساحل الثلاث. وفي وقت لاحق، تراجع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤكدا أنه لا توجد "مقاطعة ولا أعمال انتقامية" ، وأن فرنسا ستواصل الترحيب بالفنانين من منطقة الساحل إذا كانوا يحملون تأشيرات.
لكن من جهة وزارة البحث والتعليم العالي، التي تقول "أنه لا مجال لإيقاف التعاون القائم مع الجامعات أو المؤسسات العلمية الأخرى"، فإن الإشكال ما لا يزال قائماً.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها إلى المؤسسات الجامعية بتاريخ 31 أغسطس، قالت الوزارة "إنها تأسف لعواقب هذا الجدل السياسي على المرشحين وعدم ضمان تنقلهم إلى فرنسا " موضحة ان هذا الإجراء مجرد تعليق للإجراءات وليس إلغائها.
"مجرد ضحايا"
هذا الوضع تسبب في تعليق دعوات الباحثين إلى المشاركة في المؤتمرات والندوات، وتسبب أيضا في تعليق المنح الدراسية للطلاب الذين يحملون تأشيرة، الأمر مماثل بالنسبة للمرشحين الآخرين للتنقل في فرنسا، فإن المستقبل معلق أيضًا.
وفي بوركينا فاسو، ينتظر ما لا يقل عن 115 طالبًا، مقبولين في المؤسسات الفرنسية الحصول على تأشيرة، وفقًا لإحصاء قام به تجمع طلاب بوركينا فاسو، وقد حدد لأغلبيتهم الموعد النهائي للوصول إلى فرنسا هو نهاية سبتمبر.
"ماذا تشعر مع اقتراب العام الدراسي؟ "لقد كنت أكافح منذ ديسمبر، لإعداد مشروع دراستي، كنت أضع كل وقتي ومدخراتي لإعداده، لقد ضحيت بكل شيء من اجل التدريب في فرنسا. والآن، "أشعر بأنني عالق"،" هكذا يجيب ديفيد متأسفًا
ويضيف الطالب لقد خسرت الكثير من المال: بين التأمين الصحي، وتحديد موعد لتقديم طلب التأشيرة والتسجيل أنفقت حوالي 250 ألف فرنك أفريقي (حوالي 380 يورو)" . ويقول "فرنسا دولة ذات سيادة، وأنا أفهم ذلك. ولكن ليس علينا أن نعاني من الأزمة الدبلوماسية مع قادتنا، نحن ضحايا التاريخ "، لكنه أعرب عن أمله في أن يؤدي الجهد الذي تبذله وزارة أوروبا والشؤون الخارجية لإصلاح الوضع في ضوء التطورات الأمنية في المنطقة" .
وفي مالي المجاورة ، يعيش مولاي سيمبارا، نفس الوضع.
كان من المفترض أن يسافر طالب علوم الكمبيوتر البالغ من العمر 23 عامًا، إلى باريس في 20 سبتمبر، هذا الطالب الذي تغلب هو أيضًا على العقبات الإدارية وحصل على مكان في جامعة خاصة في فينسين ودفع رسوم التسجيل البالغة 3.150 يورو، وكان يستعد لاجتماع مع شركة كاباجو، الشركة التي تعاقدت معها السلطات الفرنسية للتعامل مع طلبات التأشيرة، أصيب بالدهشة عندما اكتشف صعوبة سفره إلى فرنسا بسبب عدم حصوله على الفيزا.
"إشارة غير مفهومة"
"انأ لا أفهم. أنا أشعر بخيبة أمل وغضب"، قال طالب أخر من باماكو وهو يتنهد. "نحن الطلبة، لا علاقة لنا بالمشاكل بين فرنسا ومالي. لماذا يعاقبنا القانون؟ ".
اختار هذا الطالب من باماكو شركة فرنسية لإكمال تدريبه في الهندسة والشبكات، لكن حلمه بدأ يتلاشى في ظل أزمة سياسية لا دخل له فيها. ويضيف "أردت مواصلة دراستي في فرنسا لاكتساب الخبرة والعودة لخدمة بلادي".
على الرغم من التوترات السياسية والدبلوماسية التي وضعت باريس في مواجهة عواصم منطقة الساحل لمدة عامين، ظلت فرنسا الوجهة المفضلة لطلاب غرب إفريقيا. وخلال العام 2022-2023، سجلت الجامعات الفرنسية 3.000 طالب مالي و2.500 بوركينابي و1.200 نيجيري مسجلين في التعليم العالي.
وفي إطار رابطة طلاب الطب في بوركينا فاسو التي يرأسها، يشير الشيخ سيمبور إلى هذه الصعوبات المستمرة التي يواجهها أولئك الذين يحاولون متابعة التدريب في فرنسا.
"كانت المستشفيات الجامعية الفرنسية هي المؤسسات المضيفة لطلابنا الذين يبحثون عن تدريب داخلي لمدة شهر واحد. لكن مع رفض تأشيرات الدخول التي تكلف الطالب 50 ألف فرنك أفريقي (حوالي 75 يورو) والتي لم يتم تعويضها، لجا الطلاب في السنوات الأخيرة إلى بلجيكا أو المغرب أو الكاميرون، ويوضح أن عدد من أطباء اضطروا إلى التخلي عن التدريب المتخصص في فرنسا في الأيام الأخيرة بسبب هذا الإجراء.
"إنها إشارة غير مفهومة ترسلها فرنسا إلى الشباب الأفريقي، رغم أن استراتيجية الرئيس ماكرون بأكملها تعتمد على وجه التحديد على تعزيز العلاقات مع سكان هذه البلدان وحكوماتها" يقول مسؤول منتخب من أغلبية الطلبة مضيفا “إنه من غير اللائق مهاجمة الطلاب والباحثين والفنانين. إنهم حلفاء فرنسا الطبيعيون لأنهم غالبا ما يتقاسمون القيم التي تدافع عنها".













