ثم تخرجنا، جاءت محن الإخوان، وفرّقت بيننا الأيام، وأعرت إلى قطر، وبقيت فيها واستقر هو في مصر. ثم جمعنا العمل الدعوي العام في أقطار شتى، ومناسبات عدة، في ندوات ومؤتمرات ولقاءات: في مصر، وفي قطر، وفي الجزائر، وفي السودان، وفي المملكة العربية وفي الإمارات والكويت وغيرها من بلاد الإسلام، وخارج بلاد الإسلام.
وكان الشيخ صلاح رجلًا محبَّبًا إلى كل من يعرفه، لذكاء عقله، وسعة علمه، ودمائه خلقه، ولطف معاشرته، وسماحة نفسه، وإشراقة وجهه، وابتسامة ثغره، وتوقُّد حماسه، وتواصل نشاطه، وصبره على العمل والتنقل والحركة، رغم ضخامة جسمه، وثقل وزنه، لكنه كان قوي العزيمة، عالي الهمة، عميق الإيمان، عظيم الأمل في انتصار الإسلام، شديد اليقين بنجاح دعوته، إذا وجدت الداعية المؤهَّل باليقين والأخلاق والعلم والحضور وحسن الطريقة.
الصوت الجهير في مجلس الشعب:
كان صوته جهيرًا في مجلس الشعب المصري، الذي مثَّل دائرته فيه لعدة دورات. وكان مطالبًا بتحكيم الشريعة، داعيًا إلى الحريات، ولا سيما الحرية السياسية، منتقدًا للأوضاع العوج بصراحة وقوة، مستفيدًا من حصانته البلمانية. وقد ظل يسعى ويجتهد في المجلس حتى أصدر جملة من القوانين الموافقة للشريعة الإسلامية، ولكنها ظلت حبيسة الأدراج، لم تخرج إلى النور، لأنه لم توجد «الإرادة السياسية» التي تتبناها وتحولها إلى واقع مشهود.