تشكّل الطاقة المتجددة في الجزائر حلًا مثاليًا لأزمة الطلب المتزايد على الكهرباء في البلاد، وترشيد استهلاك الغاز من أجل الوفاء بالتزامات التصدير.
ويعدّ الارتفاع المتواصل لحجم الاستهلاك المحلي للطاقة في الجزائر إحدى أهم القضايا التي تؤرّق الحكومة، خاصة أنّ نسبة كبيرة من هذه الطاقة (الكهرباء والغاز) موجّهة لقطاعات غير منتجة.
توجهت الحكومة نحو الطاقة المتجددة في الجزائر في خطوة من شأنها التخفيف من وطأة أزمة الاستهلاك المتنامي، بما يدعم خطط تحول الطاقة وخفض الانبعاثات.
استهلاك الغاز في الجزائر
تستهلك الجزائر45.87 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا على المستوى المحلي، موزّعة على العديد من القطاعات، يخصص منها 45% لإنتاج الكهرباء، أي ما يعادل 20.79 مليار متر مكعب.
ويوزع 32% من إنتاج الغاز الجزائري لتغطية احتياجات السكان، بما يعادل 14.888 مليار متر مكعب من الغاز، ويسهم الغاز في توليد 39.793 ألف غيغاواط من الكهرباء سنويًا، ما يمثّل أيضًا 54% من الإنتاج الوطني من الكهرباء البالغ 73.796 ألف غيغاواط سنويًا.
ومن مجمل إنتاج الجزائر من الغاز الطبيعي، يوجّه 23% للقطاع الصناعي، إذ يستفيد من 10.183 مليار متر مكعب، تضاف إليها 29352 غيغاواط من الكهرباء تمثّل 40% من الإنتاج الإجمالي الوطني.
وحسب أرقام مجمع سونلغاز، التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة، فإنّ باقي انتاج الكهرباء يوزع محليًا على قطاع الفلاحة، والذي يستفيد من 3003 غيغاواط، أي 4% من إجمالي الإنتاج الجزائري، ويأتي قطاع النقل في المرتبة الأخيرة بنسبة 2% فقط، مستفيدًا من 1648 غيغاواط من الكهرباء المنتجة من الغاز.
برنامج الطاقات المتجددة
يستهدف برنامج الطاقة المتجددة في الجزائر، وغيره من البرامج المقررة من قبل وزارة الطاقة والمناجم وشركة سونلغاز لتخفيف وطأة الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي، سواء في شكل غاز أو بوصفه مصدرًا لإنتاج الكهرباء المستهلكة محليًا، من خلال مجموعة من الآليات اعتمدتها في المدة الأخيرة، بما يدعم خطط البلاد لزيادة الصادرات من هذا الوقود.
وتعتمد سونالغاز- وفق الوثائق التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة- على مخطط يتمحور حول عدّة محاور، تتمثل في التالي:
- إجراءات الاقتصاد في الطاقة، والفاعلية الطاقية وترشيد استهلاكها.
- اتّباع الطرق الحديثة في البناء واستعمال تقنيات العزل للتقليص من استعمال الطاقة.
- تعميم استعمال الكهرباء في وسائل النقل الجماعية (الحافلات، المترو) بدلًا من الوقود.
- تحويل مجموعة كبيرة من المركبات والسيارات لاستعمال وقود "جي بي أل" (غاز النفط المسال)، بوصفه أقلّ تكلفة وأكثر وفرة، في انتظار توسيع استعمال السيارات الكهربائية.
- إعادة النظر في أسعار الطاقة من خلال مراجعة سياسة الدعم، كونها تشجع التبذير.
- تجسيد البرنامج الوطني لإنتاج 15 ألف ميغاواط من الطاقات المتجددة في الجزائر، موازاة مع تطوير برنامج الهيدروجين الأخضر، في مجال الإنتاج والتخزين والاستعمال.
وحددت مؤسسة سونالغاز خطّتها لتنفيذ برنامج 15 ألف ميغاواط من الطاقة المتجددة في الجزائر عبر مراحل تمتد على المدة من 2024 إلى 2035، من شأنها ترشيد استهلاك الغاز في المدة المحددة بنحو 40 مليار متر مكعب.
وحددت الشركة الجزائرية لتنفيذ البرنامج 46 ولاية و212 موقع للإنتاج على خطوط الضغط العالي والمتوسط، موزّعة على 3 شبكات وطنية للكهرباء، تنقل 12500 ميغاواط على مستوى شبكة الضغط العالي (HTB)، و2500 ميغاواط على مستوى شبكة الضغط المتوسط (HTA).
وتُقدّر سونلغاز أن يصل حجم الكهرباء المنتجة خلال المدة الممتدة من 2024 إلى 2035، إلى 168 تيراواط بمتوسط سنوي يُقدَّر بإنتاج 14 تيراواط سنويًا.
محطات الطاقة المتجددة في الجزائر
أطلقت سونلغاز في مسعاها لترجمة التوجّه نحو الطاقة المتجددة في الجزائر برنامجًا لتنفيذ 15 محطة طاقة شمسية لإنتاج 2000 ميغاواط، عبر مناقصة دولية ووطنية، أسفرت نتائج العروض المالية عن قبول 73 عرضًا، من إجمالي 77 عرضًا خلال عملية فتح المظاريف الخاصة بالعروض التقنية، بعد إلغاء 4 عروض لم تستوفِ الشروط القانونية.
تتراوح المحطات ذات القدرة الإنتاجية من 80 إلى 220 ميغاواط، وتعدّ المرحلة الأولى للبرنامج المتعلق بإنتاج 15 ألف ميغاواط من الطاقة المتجددة في الجزائر.
تجارب مشروعات الطاقة المتجددة في الجزائر
ترجع التجارب الأولى التي أجرتها مؤسسة سونلغاز بمجال استعمال الطاقة المتجددة في الجزائر إلى عام 1990، إذ عملت الشركة على تجهيز 18 قرية في الجنوب الكبير بأطقم صغيرة، لتزويد سكان المناطق المعزولة وبعض المصانع الصغيرة الموجودة بها بالكهرباء، إذ تنتج هذه المحطات المجهزة بالألواح الشمسية 453 كيلوواط، توفر الكهرباء لنحو 906 منزل.
يضاف إلى هذا مشروع 400 ميغاواط من خلال وضع محطات الطاقة المتجددة في الجزائر في المدة من 2014 إلى 2017، مقسّمة على مجموعة من الشبكات، إذ تنتج الشبكة الوطنية المتصلة 266.1 ميغاواط من الألواح الشمسية، في حين تولّد شبكة قطب إن صالح/أدرار/ تيميمون 63.2 ميغاواط، من بينها 53 ميغاواط من الألواح الشمسية، و10.2 ميغاواط من طاقة الرياح، في حين توفر شبكة الجنوب الكبير 25 ميغاواط من الألواح الشمسية.
المصدر الطاقة
