معظم ما يَجِدُّ اليوم من اختراعات وأبحاث علمية يَصدُر باللغة الإنجليزية، ثم يُترجم إلى اللغات الأخرى، ومِن بينها اللغة الفرنسية التي هي - مثلَ لُغتنا وغيرِها- عالةٌ على اللغة الإنجليزية في التقنيةِ والعلوم.
انتشارُ اللغة الفرنسية خارجَ فرنسا ومحيطها لا يكاد يتعدّى مستعمراتها السابقة في إفريقيا، والنسبة الكبرى من متحدثيها غير الأصليين ينتمون لأقطار تُعَدُّ متأخرة في النمو، بل مِن أفقر الدول وأكثرها هشاشة وَفْقَ البيانات الإحصائية المعتمدة.
فرنسا نفسُها متأخرة في البحث العلمي والتقني، وفي محتوى الويب، واقتصادُها -لا سيما الصناعي- ضعيفُ التنافسية، وهي في تراجع مستمر! وقد تخرج -بعد سنوات قليلة- من قائمة الدول العشر الأولى في الناتج المحلي الإجمالي!
والفرنسيون في بلجيكا (الوالونيون)، وسويسرا (الرومانديون)، وكندا (الكيبكيون) متأخرون عن مواطنيهم، وفقًا لمعايير التقدم والرَّفاه.
اللغة الفرنسية لم تَعُدْ لها قيمةٌ مؤثرةٌ في عالمنا اليوم؛ فما الذي نَجْنِيهِ من التشبثِ بهذه اللغة، ومزاحمةِ لغتِنا الأصيلةِ بها في مضامير التعليم والإدارة والحياة العامة؟
يتجه التفكير الآن في بعض الدول الفرنكوفونية إلى التخلص من اللغة الفرنسية، واستبدال اللغة الإنجليزية بها، وهي خطوة يقتضيها الحرص على مواكبة العصر، والانفتاح الحقيقي على الثقافة العالمية، وتحقيق المصلحة الوطنية. وقد عملتْ بها بعضُ الدول، وبعضُها في الطريق إلى ذلك.
بيدَ أن اللغات الأجنبية - وتعلُّمُها من ضرورات العصر لا شك- لا ينبغي أنْ تكون منافسةً للُّغة الأم في عُقر دارها، فضلًا عن اتِّخاذها لغةً لتدريس بعض المواد.. علينا أن نتعلَّمها ولا نُعلِّمَ بها، وندرُسَها و لا نُدَرِّس بها!
#مقاميات
(من الأرشيف).
من حساب الأستاذ