أيها الانقلابيون في مالي الحل ليس في شن حملات إعلامية ضد موريتانيا وتحميلها المسؤولية في فشلكم، فموريتانيا حكومة وشعبا وقفت مع مالي، ورفضت حصار الشعب المالي بعد الانقلاب، ومع ذلك تعرض مواطنوها للقتل بدم بارد من طرف الجيش المالي. كان بإمكانها أن ترد، وتمتلك وسائل الرد، ولكنها اختارت أن تتحمل الألم وأن تتجاهل يد الغدر حتى لا تزيد من معاناة الشعب المالي الذي كان يتعرض - وما زال - لكل أشكال المعاناة.
تُحاول بعض وسائل الإعلام في مالي أن تحمل موريتانيا مسؤولية الضربات الموجعة التي تلقاها الجيش المالي في الفترة الأخيرة، وحجة أولئك أن موريتانيا وفرت العلاج لبعض جرحى الحركات المسلحة، وتجاهلوا أنها وفرت أيضا العلاج لبعض الجرحى من الجيش المالي.
يبدو أن الانقلابيين في مالي وكذلك في النيجر وبوركينافاسو لم يتمكنوا من الحد من الهجمات التي تقوم بها الحركات المسلحة، بل إن وتيرتها ازدادت بعد الانقلابات مما يشير إلى فشل أمنى كبير لدى الحكام الجدد في هذه الدول.
ويبدو كذلك أن ربيع الانقلابات في إفريقيا يسير في اتجاه مظلم، وربما يكون مصيره كمصير ربيع الثورات العربية.
لقد وجدت الثورات العربية احتضانا شعبيا كبيرا، ووجد ربيع الانقلابات في إفريقيا احتضانا شعبيا كبيرا، ولكن المشكلة كانت دائما فيما حصل بعد إسقاط الدكتاتوريين والحكام الفاشلين في دول المنطقة.
هناك خوف حقيقي من أن تتحول الأوضاع في مالي وبوركينافاسو والنيجر إلى أسوأ مما كانت عليه من قبل الانقلابات الأخيرة، وأسباب ذلك عديدة منها :
1- زيادة الحماس ونقص الخبرة لدى الانقلابيين الجدد؛
2- خبث فرنسا، والتي ستفعل كل شيء من أجل إظهار فشل الحكام الجدد الذين يناصبونها العداء. من المحتمل جدا أن تتعاون المخابرات الفرنسية مع الحركات المسلحة في هذه الدول من أجل توجيه ضربات موجعة للحكام الجدد؛
3- انعدام الثقة بين بوتين ومجموعة فاغنر، وهلاك قائد المجموعة، وكل ذلك سيؤثر سلبا على قدرة المجموعة في حماية الأنظمة التي استدعتها إلى أراضيها.
4 - الفشل المتراكم، فالحكام الجدد وجدوا دولا منهارة، وهو ما يزيد من تعقيد الأمور.
ما يحدث في دول المنطقة، وفي مالي خصوصا، هو أمرُ مقلق لنا في موريتانيا، فأمن موريتانيا من أمن مالي.