كان آخر مَن ادرَكنا مِنَ المُرابطين الأُوّل ووَرثة ابن ياسين بِهذه الارض،
هذا الذي ظلّ مرابطاً بزاويته بين الساحل والنّهر لا يَحيد.
هذا الذي جمع كُل شِيم الزّوايا وتَعاليهم حتى في انكسارهم وهزائمهم، وقد بَرتهُ العاصفات بريَ الاقداح فما استخفته الطّفرة ولا أخافته الوَكزة.
هذا الذي أدمَن العَطاء دوماً وارتضَى منزلته سفراً في التّضاريس الرطبةِ، وترحالاً بين مَضارب الاوَّابين، وظل بهذه الدّيار قطب رَحى العلم الذي بِفقده استَحار مَدارها وانطَوى ثَفالها.
هذا الذي نصحَ وأرشدَ وسدّد وهدى للقَصد، نابذًا كل وصايةٍ على الدِّين والناس، وبِبُعد نظَر العلماءِ وتَواضُع الزّهاد وشَجن الحَادي يردد : هذا رأيي.... ومن أتاني بخيرٍ ٍ منه قَبلته.... فظل ينسابُ عذباً لاتكدِّره الدِّلاء.
وفي آخر جُمع شهر الله وعَتَمات أوَاخره، وقد عزّ العَزاء بفَقدكم والدَنا الإمام...
فمن لِظَمأ المَنابر وفراغ الكَراسي وصَمت الذّاكرين؟
ومن لذِكراكم التي لا تُغادر إلا لتعود!