انتفاضة المقدسيين وصمود الفلسطينيين عموما على أرضهم أسقط كل صفقات هذا القرن والقرن الفارط،/ سيدي محمد بن محم

بغض النظر عن تقييمات أفيف كوخافي المتفائلة، وتصريحات أفيخاي أدرعي التي لا تقنع أحدًا، فإن انتفاضة المقدسيين وصمود الفلسطينيين عموما على أرضهم أسقط كل صفقات هذا القرن والقرن الفارط، وأكد أن بقاء إسرائيل أضحى حلماً بعيد المنال، فالتفوق الإسرائيلي (العسكري والتكنولوجي) يتقلص مع الوقت، والدعم الغربي يستحيل استمراره على المدى البعيد إذ لا يمكن لدافع الضرائب في الغرب أن يظل الضامن الوحيد لبقاء كيان لا يملك أيا من مقومات البقاء، والمستوطنون قلقون على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، ويدركون أنهم لا يمكن أن ينعموا بالسلام والإستقرار على حساب الفلسطيني المشرد من أرضه وحقوقه مهما وقّعت إسرائيل من معاهدات التطبيع، فالفلسطيني وحده من يمنح السلام أو يمنعه، وانهيار فعالية القبة الحديدية، وانفجار مصنع الصواريخ بالرملة، وحرائق مطار اللد وميناء حيفا، وصاروخ ديمونا الغامض، والبالونات الحارقة التي تتساقط في الارض المحتلة، والرشق الصاروخي اليومي على المستوطنات والاهداف العسكرية، وصفارات الإنذار التي لا تتوقف، كلها عوامل جد مقلقة للمستوطنين القادمين لأرض المعاد بحثا عن فرص العمل والاستقرار، وهم في الغالب ليسوا يهودا ولا متدينين، وقد عملت حكومة العدو إلى تحويلهم لمكتتبين كمليشيات مساعدة لجيش الإحتلال مما يثير التململ بداخلهم ويدفع بالبعض للعودة أدراجه، والإحصائيات في ذلك تعكس أرقاما مثيرة جدا. 
ويبقى الخوف الأكبر على مستقبل الإستثمار بالسوق الإسرائيلي، فالوضع الحالي مخيف بالنسبة للمستثمرين مهما كانت درجة تعاطفهم مع هذا الكيان، وعُزوفهم يعني بقاء مورد وحيد للاقتصاد الإسرائيلي وهو المساعدات القادمة من الولايات المتحدة وبعض الدول الداعمة، وهي مساعدات مشكوك في استمراريتها على المدى البعيد، وتجعل من إسرائيل عبئا ثقيلا على اقتصادات هذه الدول.
ناهيك عن المحيط المعادي، ووجود إسرائيل في منطقة حبلى بالمفاجآت والمتغيرات والثورات الدموية والتحول الديمغرافي الهائل.
من هنا بدأ الحديث في أعلى مستويات صنع القرار بإسرائيل عن "التهديدات الوجودية" لهذا الكيان، والتي تؤكد في أكثرها تفاؤلا أن مستقبله في خطر.
وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَالَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَالَمُونَ كَمَا تَالَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ.