ينبع جزء كبير من إشكالية الإدارة في بلادنا من محدودية تدخل الوزير في تكليف كبار موظفي قطاعه أو إعفائهم.
أي صلاحيات لا يدخل ضمنها اختيار الفريق الذي يعمل به المسير الأعلى للقطاع (الوزير) ستكون ناقصة محدودة التأثير.
يشعر أغلب المديرين، ورؤساء المصالح، والمستشارين أنهم غير مدينين للوزراء بأي شيء في تعيينهم ابتداء ولا هم قلقون بشأن صلاحيات الوزراء في استمرارهم في مواقعهم، أو تحولهم إلى أحسن منها. بل قد يكونون أحيانا مدينين لخصوم سياسيين أو منافسين قطاعيين للوزراء الذين يعملون معهم.
قد لا يكون الحل في إطلاق أيدي الوزارء في التعيين والإقالة في الوظائف الكبرى، ولكن الحل أيضا ليس في استمرار الحال على ما هو عليه. تصوروا أن كثيرا من الوزراء يتعرفون على كبار مساعديهم في جلسة مجلس الوزارء التي يعين فيها هؤلاء مساعدين لهم! كم هو ساخر هذا المشهد وعبثي!.
فليمكن الوزير من إحدى ثلاث:
1. أن يقترح اقتراحا شبه ملزم، كبار معاونيه، وليكن بأكثر من خيار لكل وظيفة.
2. أو يمنح "حق النقض" بشأن تعيينهم؛ بحيث لا يعين له من يرفضه.
3. أو يمنح حق إقالتهم عندما يتبين له قصورهم أو خيانتهم للأمانة، وليكم بتقرير معلل.
تصوروا أن محاسبا برتبة رئيس مصلحة يمكن أن يعيق قرار وزير لمدة إشهر يماطل في إكمال الإجراءات، وأنه يمكن أن يفلس مقاولا يتعامل مع القطاع ويتسبب في تأخير مشروع لمدة سنة.
الوزير لا يعمل بيديه ولا يعد الأوراق، ولا يكتب التقارير، وليس من شأنه، ولا في مقدوره متابعة كل تفصيل، يقوم بالعمل رؤساء المصالح والمديرون المركزيون ومديرو المشاريع، ومديرو المؤسسات ومساعدوهم.. وهؤلاء لا يمكن أن يحاسب عليهم وزير وهم محميون حتى من مجرد لومه، أو توبيخه!
إذا بقي كتاف المساعدين هكذا فلا تلوموا الوزراء.. ولا تشجبوا تعطل الإدارة..