طالعتُ تصريحا لكم تداولته المنصات الإخبارية بشكل واسع، جاء فيه أنكم قلتم: "الصمتُ والاكتفاء بتوجيه المناشدات الجوفاء يعتبران مشاركة في ما يُقترف من جرائم".
هذا قولٌ صحيحٌ لا لبس فيه، والشارع العربي من المحيط إلى الخليج يتفق معكم ويؤيدكم في قولكم هذا، وبنسبة 100%، ولكن يا معالي الوزير ألا ترون أن حكومتكم أولى من غيرها بالعمل بمضمون تصريحكم هذا؟
هذه بعض المقترحات البسيطة التي قد تنقل مصر الدولة العربية العظمى من دائرة الاكتفاء بالمناشدات الجوفاء، والمشاركة بالتالي في ما يُقترف من جرائم، إلى دائرة الأفعال الملموسة الداعمة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض اليوم لواحدة من أبشع وأشنع وأفظع المجازر والجرائم في هذه الفاصلة العصيبة من تاريخ البشرية.
يمكن لمصر مثلا، ومن خلال وزارتكم يا معالي الوزير، أن:
1ـ تطرد سفير دولة العدو الصهيوني من أراضيها؛
2 ـ تستدعي سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتبلغهم تنديد الحكومة المصرية الشديد بموقفهم الداعم للعدو الصهيوني في جرائمه؛
3 ـ تفتح معبر رفح لمرور قوافل الدواء والغذاء إلى أهلنا في غزة، وليحدث بعد ذلك ما سيحدث.
هذه بعض الأفعال الملموسة التي قد تنقل موقف مصر من دائرة "الاكتفاء بتوجيه المناشدات الجوفاء" إلى دائرة الحد الأدنى من الأفعال المنتظرة من دولة عربية كبيرة بحجم مصر في مثل هذا الظرف العصيب الذي يمر به أهلنا في فلسطين.
معالي الوزير
إذا كانت مصر بعظمتها غير قادرة على الانتقال من دائرة القول إلى دائرة الفعل لسبب أو لآخر، فإننا ندعوها على الأقل أن تزيد من مستوى حدة أقوالها، وأن ترفع مستوى تلك الحدة إلى أعلى المستويات كأن تقول مثلا ـ وبأعلى صوت ـ إن حماس ليست منظمة إرهابية، وإنما هي حركة تحرر تدافع عن أرضها، فلماذا يقول رئيس تركيا ذلك من قبل أن يقوله رئيس مصر؟ أو تقول مثلا وبلسان عربي فصيح وصريح إن جيش العدو هو جيش إرهابي ومجرم وعنصري وقاتل، فلماذا تقول إيران ذلك، ولا تستطيع مصر قوله، وهي الأولى بقوله من أي دولة أخرى في العالم؟ أو تقول بلسان أخوي وإنساني متضامن إن العدو الصهيوني يرتكب "جريمة حرب وإبادة جماعية مبرمجة"، فبأي منطق تسبقكم وزيرة اسبانية لمثل هذا القول يا معالي الوزير؟
ولماذا ينتظر الشارع العربي مواقف قوية تندد بجرائم العدو من إيران أو تركيا أو حتى من دول أخرى غير مسلمة في آسيا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا، ولا ينتظرها من بلد عربي كبير بحجم مصر؟
للأسف الشديد لقد أصبح موقف العرب من القضية الفلسطينية باهتا ضعيفا، بل ومتخاذلا، إن لم أقل معاديا، وأصبحت هناك مواقف أكثر قوة يعول عليها الشارع العربي تأـتي من دول غير عربية، فإلى متى سيستمر هذا الحال؟
لقد تراجع الدور العربي في مجمله بتراجع مصر عن مواقفها التاريخية المعروفة من القضية الفلسطينية، فهل ستراجع مصر مواقفها وتستعيد دورها التاريخي ليستعيد العرب من خلفها دورهم المفترض والمنتظر مما يجري حاليا في فلسطين؟
حفظ الله مصر..