حرب بلغت ذروتها بين أطراف غير متساوية؛ كيان يستمد دعمه التام من أكبر دول العالم، وليس هذا الدعم وليد اليوم أو الأمس، بل منذ أكثر من 70 عاما والولايات الأمريكية تدعم الاحتلال بصريح القول والفعل، وبينما تحاول دول إعانة المقاوم الفلسطيني بما لا يساوي نصف الواحد مما يُدعَم ويعان به الكيان الغاصب يقف الأخير مناشدا حلفاءه مستغلا سلطته لإيقاف وصول أي إغاثة؛ فتغلق المعابر والطرق تلبية لندائه، هذا فضلا عن تطبيع الدول العربية وازدواجية الدول الغربية، ويكفي من الأمثلة على ازدواجية الغرب، حين نقوم بمقارنة بسيطة بين رد الفعل الأوروبي إزاء ما يحصل في فلسطين ومقارنته بما يحصل في أوكرانيا، تكفي مقارنة تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبيّة أورسولا فون دير لاين التي وصفت الحرب الروسية على أوكرانيا بأنها إرهاب، كما صنفت الهجمات الروسية على البنى التحتية المدنية وقطع المياه والكهرباء والتدفئة عن الرجال والنساء والأطفال على رغم الشتاء البارد بجرائم حرب، ولكنها لم تعلق على وصف وزير الدفاع الصهيوني سكان غَزة بـ”الحيوانات البشرية”! وتهديده بقطع الوقود والغذاء والمياه عن مليوني فلسطيني والتهديد بتهجيرهم!!!.
ومن الأمثلة كذلك على ازدواجية الغرب صورة نشرها رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عبر منصة "إكس" أرفقها بتعليق: "انتزاع طفل من أسرته هو أسوأ كابوس للوالدين، واستمعت هذا الصباح لعائلات تعاني من هذا العذاب الذي لا يطاق"، ولكنه لم يعلق على قصف الاحتلال البغيض وقتله آلاف الأطفال والنساء!
ومنها إعلان الاتحاد الأوروبيّ أنه بصدد إيقاف المساعدات التنموية للفلسطينيين، التي تبلغ قيمتها 730 مليون دولار، بدل الوقوف معهم ودعمهم في ظروف كهذه كمافعل مع أوكرانيا!! ولكنه يهدد بوقف المساعدات.
هذا هو الغرب "المتحضر" يدعم الكيان المغتصب البغيض على حساب أهل الأرض وهم الشعب الفلسطيني، فالأمة التي لاغنى عنها - بحسب تعبيرها - تتضح سرائرها بصواريخها وجنودها التي تقتل وتقصف شعبا بأكمله، وأكثر ضحاياه أطفال ونساء وشيوخ، تهدم عليهم المنازل والمدارس والمساجد والكنائس؛ فتحت أنقاض كل منها تخرج جثث وأشلاء للصغار والمسنين، فتراهم ما بين شهيد وجريح، عشرات الشهداء في الكفن الواحد، والجرحى والمرضى وسط كارثة فقد الوقود والإمدادات، وسالمون يعيشون بدون أبسط مقومات الحياة ومعرضون للقصف في كل ساعة! تحت مقصلة انعدام الضمير اليهودي الأمريكي المتواصل المتمثل آخره بقصف المستشفيات واستهدافها؛ فلا حرية ولا استقلال ولاحتى حياة في قاموس أمريكا للشعب الفلسطيني المحتل، وحقيقة الحال أن ما أوصله الإعلام ليس شيئا مما فعل الاحتلال الصهيوني المتغطرس للشعب الفلسطيني الصامد لأكثر من 75 عاما؛ ليبرهن للعالم أجمع ولاءه لوطنه بدمائه وجثثه، هذا الصمود الذى أثبت الحال أنه أرهب الملوك والرؤساء وأرعب الجيوش والاحتلال وأيقظ الألباب على حقيقية الحب والإخلاص والجهاد، هو شعب يقاوم بلا تكافؤ فلم تمنعه إمكانية خصمه من الصمود، فهو بين مطرقة صمت المدعين لحفظ الحقوق الإنسانية والدولية وسندان الرافضين لتطبيقها، ليرتجم ذلك الصمت والرفض كيان يخترق القوانين المواثيق الدوليه وأمم ودول لا تردعه، وشعب حر يصارع الموت ويقاوم الإبادة ويتشبث ببقايا أمل {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}، ووحوش لا يعرفون للرحمة والإنسانية سبيلا، قلوبهم أصلد من الحجارة يختبؤون وراء الأسلحة والجدران {يحسبون كل صيحة عليهم}
أما فصائل المقاومة فقلوبهم تملؤها الشجاعة ويتشوفون للشهادة أكثر من تشوف أعدائهم للحياة، ولا يريدون حياة بهوان بل بعزة وشهامة، فحق لهم الجزاء «من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا» هذا علاوة على البشارة التي وعدهم من وعده الحق: « ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا»»
لايضرهم من نافق وطبع مستبشرين ببشارة النبي ﷺ لهم (لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس).
فرابطوا على ثغوركم ولاتبرحوا فإن لكم نصيبا من الآية التي كررت لتأكيد الوعد وتعظيم الرجاء «إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا»
ولن يغلب عسر يسرين.