يعد الاستثمار إحدى أهم آليات التنمية ووسائلها لتحقيق النمو الاقتصادي في معظم الدول، بمختلف مستوياتها، ولا سيما النامية منها التي في أمس الحاجة إلى الاستثماروبعد فشل جهود التنمية في موريتانيا خلال العقود الماضية في تحقيق أهدافها، الأمر الذي دعا إلى اعتماد برامج وسياسات اقتصادية أخرى تعتمد بشكل أساسي على دور القطاع الخاص والمدخرات المحلية والاستثمارات الأجنبية.
وبما أن القطاع الخاص هو قطاع محدود القدرات والإمكانات، وإضافة إلى ضعف الادخار المحلي نتيجة لانخفاض الدخول، كان لا بد من اللجوء إلى الاستثمار الأجنبي في تمويل مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحتل الاستثمارات الأجنبية المباشرة مكانة كبيرة ومهمة في التحليل الاقتصادي الحديث وخاصة التحليل الرأس مالي وهذا شأن الشركات متعددة الجنسيات بحيث توصل المؤتمر الذي ضم اقتصاديون كبارا من الولايات المتحدة وكندا وأوربا عام 1921م إلى أن الاستثمارات الدولية المباشرة أصبحت القناة الرئيسية للعلاقات الاقتصادية الدولية، أما الشركات المتعددة الجنسيات فهي المعبر الأساسي لها... وبما أن بلادنا تتمتع بموقع
استراتيجي يؤهلها لمكانة اقتصادية متميزة إن لم تكن على المستوى القاري فعلي المستوى الإقليمي وذلك لما تتوفر عليه من موارد مستقلة أو غير مستقلة.
وسنحاول الوقوف على أهم هذه الموارد من حيث الطبيعة وإمكانية الاستثمارات وذلك من خلال:
المجالات الاستثمارية: قامت الحكومة الموريتانية بالعديد من الإجراءات لتحسين مناخ الأعمال، حيث تم اعتماد مدونة للاستثمار، ومراجعة مدونتي الصفقات العمومية والتجارة؛ وإنشاء شباك موحد، ومركز للتحكيم والوساطة. وسنقف على مجالات الاستثمار في موريتانيا:
- المعادن (الحديد، الذهب، النحاس...
الطاقة (الغاز، البترول، الطاقة النظيفة والمتجددة…………
- الصيد البحري (إمكانية صيد 1.8 مليون طن وما يتطلبه ذلك من إقامة وحدات تصنيع وبنى للتفريغ...)
- الزراعة والثروة الحيوانية (ما يزيد على 500 ألف هكتار صالحة للزراعة؛ من بينها 135 ألف هكتار مروية، أكثر من 22 مليون رأس من المواشي؛ ما بين الإبل والبقر والضأن والماعز.
السياحة (تتنوع ما بين سياحة صحراوية وبيئية، وتشمل ساحلا أطلسيا على امتداد 720 كلم، ومدن أثرية عديدة؛ وواحات نخيل…….
- النقل والبني التحتية والإسكان والعقارات...
منطقة حرة في مدينة انواذيبو تتمتع بنظام ضريبي وجمركي محفز... تسهيل الإجراءات
ولتطوير وتسهيل علميات الاستثمار، تم إنشاء عدد كبير من مشاريع البنى التحتية؛ حيث تمت توسعة وعصرنة الشبكة الطرقية ، والموانئ ، والمطارات/ وتشمل هذه البنى التحتية:
ميناءان للبضائع (انواكشوط وانواذيبو )؛
ميناء للصيد التقليدي؛
مطارات دولية،
جميع المدن الكبرى مرتبطة بطرق معبدة (مما مكن من فك العزلة عن مناطق الإنتاج)؛
تتوفر الكهرباء والهواتف والإنترنت في كافة المراكز الحضرية،
مدارس التكوين المهني (الأولوية لتعليم العلوم والتقنيات)؛
مستشفى في كل ولاية و 4 مستشفيات في انواكشوط.
وفي إطار استقطاب الاستثمار الأجنبي، والتأكيد على اهتمام وجدية موريتانيا في هذا المجال، وحرصها على معالجة الصعوبات والمختنقات التي تحد من توجهات الاستثمار الأجنبي يجب عليها الاستعانة بتجارب الدول التي سبقتها في هذ المجال سواء التي نجحت في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر أو التي أخفقت في ذلك وواجهتها بعض الصعوبات، عند صياغة السياسات الملاءمة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى بيئتنا المحلية بالإضافة إلى الاستعانة بما تمخضت عنه العديد من الندوات والمؤتمرات بالداخل فيما يخص تشجيع الاستثمارات الأجنبية في موريتانيا، وسنقسم هذه السياسات إلى شقين: سياسات جذب عامة وسياسات جذب خاصة وفيما يلي بيانها:
1) سياسات جذب عامة:
أهم السياسات الاقتصادية العامة التي تساعد على خلق المناخ للاستثمار الأجنبي:
1. خلق سياسات حرة قائمة على السوق مع وجود حد أدنى لتدخل الدولة، ويتم تحديد الأسعار بفعل قوى السوق وتتمتع المؤسسات الخاصة بحرية العمل بما يتماشى مع مصالحها الذاتية ودونما تحيز للقطاع العام.
2. خلق سياسات انفتاحيه ذات وجهة تصديرية تنافسية تشجع التجارة الخارجية من خلال تشجيع الصادرات عن طريق إزالة العقبات والضوابط أمامها.
3. خلق سياسات النقد الأجنبي التي تضمن توافره بكميات كافية لتنفيذ مشروعات الاستثمار الأجنبي، وكذلك حرية تمويل وانتقال الأرباح ورؤوس الأموال.
4. لا يمكن أن يكون الاعتماد على الحوافز الضريبية هو الأساس في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ولكن لا بد معها من توافر حزمة أخرى من الحوافز الإيجابية، مثل: سهولة وسرعة الإجراءات وإمكانية إتمامها من خلال جهة إدارية ولا يقتصر دور هذه الجهة على الإجراءات الإدارية فقط بل يمتد إلى تقديم الخدمات الاستشارية للمستثمر وتيسير التعامل مع الجهات العامة بالإضافة إلى ضرورة اهتمام هذه الجهات برفع كفاءة البنية الأساسية، وحماية حقوق الملكية الفكرية ومراقبة تصرفات الشركات التي قد تؤثر في عرض وتوزيع السلع والخدمات وتؤدي إلى خلق أوضاع احتكارية. كما يجب الاهتمام بتنمية مهارات العاملين.
حيث إن انخفاض تكلفة الأيدي العاملة ليست محددا هاما للاستثمار الأجنبي المباشر إذا لم تكن هذه العمالة مدربة.
5. رغم أن الحوافز الضريبية لم يعول عليها كثيرا لجذب الاستثمارات المباشرة في معظم التجارب المشار إليها إلا أنه من الضروري تطوير النظام الضريبي وكذلك ترشيد استخدام الإعفاءات الضريبية وربطها بالأوليات الاقتصادية الخاصة بالتركيز على الصناعة.
6. بحث الاستفادة من تجارب بعض الدول في منح علاوات للاستثمار تمثل نسبة من نفقات المشروع شاملة رأس المال العامل، وقد يقترح تقديمها في شكل منح نقدية تبدأ من 5 % من رأس المال المستثمر وبشرط أن تحدد قيمة إجمالي الاستثمار.
وفي الختام فإني أنصح بوضع قيود على الاستثمار الأجنبي لغرض تقليل المنافسة للاستثمارات المحلية أو لأي أغراض أخرى وأن يتم تحديد القطاعات أو الأنشطة الاستثمارية التي يجوز للمستثمر الأجنبي إقامتها بنسبة 100% ، والأنشطة التي لا يجوز لرأس المال الأجنبي أن يتجاوز فيها 50 % أو 49 % ، والأنشطة التي لا يجوز للاستثمار الأجنبي المشاركة فيها ، مع توسيع قاعدة الاستثمار الخاضعة للتشجيع بالنسبة للاستثمارات الوطنية والمحلية.