حرب غزة وتصاعد الدور الصيني

يبدو أن عملية السابع من أكتوبر وما تلاها من حرب إسرائيلية على غزة ستترك أثراً عميقاً على النظام الدولي الذي يمر بمرحلة مخاض مستمرة منذ عدة سنوات، إذ جاءت هذه الحرب لتعمّق من أزمة الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجية، التي تحاول التعامل مع تداعيات الحرب في أوكرانيا، وما تستنزفه من جهود سياسية وعسكرية تقف عائقاً أمام إعادة تمحور واشنطن، للتركيز على جنوب شرق آسيا واحتواء الصعود الصيني دولياً. 

فقد أعادت الحرب الولايات المتحدة الأمريكية إلى الشرق الأوسط من جديد، وهي التي كانت تعمل على تخفيض مستوى انخراطها في المنطقة. عادت واشنطن للمنطقة ليس سياسياً فقط، وإنما عسكرياً من خلال نشر حاملتَي طائرات والتزامٍ ضمني بالوقوف بجانب إسرائيل في حال توسع الحرب في غزة إقليمياً. عودة الانخراط الأمريكي للشرق الأوسط لن يمثل فرصة لبوتين لالتقاط الأنفاس في أوكرانيا ميدانياً، واستغلال الازدواجية الأمريكية للتحشيد سياسياً فحسب، بل يعطي مساحةً أيضاً للصين للاستمرار في الاستثمار في تثبيت نفوذها في منطقة جنوب شرق آسيا وتعزيز خطوات صعودها الدولي.  

أما الصين من جهتها، والتي تمثل القطب الصاعد في النظام الدولي، فتتقدم بخطى ثابتة نحو الشرق الأوسط. الانخراط الصيني المتصاعد لا يتوقع أن يشكل على المدى القريب رافعة لموازنة الموقف الأمريكي، إذ ما زال التواجد الصيني في المنطقة محدوداً، وهي التي لا توجد لها أي قوات عسكرية منتشرة، باستثناء مئات العناصر المشاركين ضمن بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، كما أن بكين غير معنية بمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تتبع سياسة الندية في تعاملها مع الغرب، على الأقل في المدى المنظور. محدودية الدور الصيني تبدو واضحة في الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، والذي لا تمتلك فيه الصين أدوات الضغط على الطرف الإسرائيلي للدفع بأي عملية تفاوض أو وساطة محتملة. 

عربي بوست