إدارة حماس للمفاوضات مع إسرائيل وما تمخض عنها من نتائج يبين بوضوح أن قيادة المنظمة السياسية على درجة عالية من الكفاءة والفعالية. وإظهار هذا الأمر في الظروف العسكرية والتكتيكية الراهنة يشكل ضربة قوية لمجلس قيادة الحرب في إسرائيل. وهذا ما اعترف به ضمنيا نتنياهو عندما كرر بأن الاتفاق مع حماس يشكل أصعب قرار واجهه في حياته، معترفا ضمنيا بضعفه أمام ملف الرهائن الإسرائيليين وبعجزه عن شل فعالية قيادات المقاومة المسلحة الفلسطينية رغم حرب الإبادة التي يقدم عليها جيشه.
حرب إبادة وجرائم حرب أضرت بصورة دولته بشكل لا سابق له، حتى أن حلفاءها "المتصهينون"، مثل جو بابدن والرئيس الفرنسي ماكرون وغيرهما، أصبحوا محرجين أمام العالم وأمام مواطنيهم، بينما تشهد الحكومة الإسرائيلية تصدعات وصراعات داخلية شديدة تعيق فعاليتها، ومن الوارد أن تعصف بها في أجل غير بعيد.
في حين نالت حماس مشروعية (légitimité) عالمية لم يكن من سبيل لأعدائها سوى الاعتراف بها عمليا على ساحة المفاوضات. كما كمَّمتْ افواه "المطبعين" العرب ونالت احتراما كبيرا، بوصفها زعيمة جديرة بالثقة، من لدن شركائها في المقاومة المسلحة (الجهاد الإسلامي، حزب الله، الحوثيون...). فالاتفاق مع إسرائيل وردود فعلهم السريعة والايجابية حوله تدل على أن حماس نسقت معهم بشكل مرضي.
يبقى لهم الآن جميعا أن يبرهنوا على فعاليتهم فيما يعني تطبيقه الذي سيتعرض لا محالة لمصاعب، لوجستية وأمنية، لا يستهان بها، لا يُستبعد أن يكون المتشددون الصهاينة في الحكومة وقوات الأمن ضالعين فيها. وطبعا سوف يعملون- وتعمل إسرائيل وحلفاؤها- على تحميل حماس مسؤولية جميع العثرات المقبلة في هذا الشأن.
وهذا لا يخفى على حماس، وكلما جعلت له حسابه، فسيعترف نتنياهو على مضض :
"اتفاق الأسرى الحالي يؤرقني".
وأظنه على حق. وأتوقع ألا يقتصر أسفه ولا خيبة ظنه عند هذا الحد.