قبل سنين عددا وبينا أنا أتابع تغطية إحدى الغارات الأمريكية على أفغانستان، لفت انتباهي عنوان عريض بين الأنقاض: "أضواء البيان"!.. فقد أضحى هذا الكتاب العظيم أحد الكنوز التي تفاخر بها المكتبات الإسلامية شرقا ومغربا.
لم يكن شيخ الإسلام وعلم الأعلام الإمام الزاهد الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (آب ولد خطور) رحمه الله يظن أن يبلع كتابه ما بلغ، لكنه ميراث العلم، ينفع الله به الناس، ويمكث في الأرض.
ذكرني هذا الموقف نقاش أثاره بعض الأحبة حول إسهاماتنا في المكتبة العربية والإسلامية خلال العقود الأخيرة.
وفي تقديري أن هذا الإسهام دون المستوى لظروف موضوعية في جانب منها، فقد اعتمدت المنظومة المحظرية - وهي ذاكرة شنقيط - المنهج التلقيني، وغاب عنها التدوين في الغالب، بحكم التنقل والانتجاع.
لذا فإننا ندعو لتلافي هذا الخلل بنفض الغبار عن التراث المحظري، وإخراجه بأدوات العصر، الذي تراجعت فيه الثقافة الشفاهية وساد التدوين، فعلى كتابنا جمع ما تفرق في السطور والصدور ليكون ذاكرة للأجيال، ومَعلما للأمة يهدي في دروب الحياة.
كما أن على علمائنا وأدبائنا وباحثينا أن يكسروا الرتابة ويطلقوا العنان للأقلام، ويمدوا جسور التواصل مع محيطهم العربي والإسلامي، حتى يبقى للشناقطة دورهم الكبير وشهرتهم الواسعة، سفراء للعلم ودعاة للإصلاح.