قال الشيخ عباس: نحن أصحاب الحق، ويجب أن يخلوا الطريق لنا، فنحن الذين أخذنا زمام المباردة، وأسّسنا أول حزب إسلامي في الجزائر، فعليهم أن يفسحوا لنا الطريق، ولو كانوا هم الذين سبقوا وبادروا لفعلنا نحن ذلك.
قلت: يا شيخ عباس أنتم أخذتم زمام المبادرة، مشكورين ومأجورين إن شاء الله، ولكنهم موجودون على الساحة السياسية قبل إنشاء الحزب وبعده.
قال: موجودون، ولكن لا يعرفهم أحد.
وبدأ النقاش يحتد، والمنطق يغيب، وحاول الأستاذ الأميري بطريقته الدبلوماسية أن يُهدئ الجو الذي اكفهر وتلبّد بالغيوم.
وقلت: يا أخوتنا إن التقارب والتفاهم لا يمكن أن يتم إذا ظلَّ كل فريق مصرًا على موقفه متشبثًا به، لا يتزحزح قيد أنمله عنه. إن الرسول الكريم علمنا في تسوية صفوف الجماعة: مبدأ مهمًا يتمثل في قوله صلى الله عليه وسلم : «لينوا بأيدي إخوانكم»(1)... فعند تسوية الصفوف لا بد أن يلين المصلي في الجماعة في يد إخوانه، بحيث يتقدم هذا قليلًا ويتأخر هذا قليلًا، حسب الحاجة، حتى يستقيم الصف، أما إذا وقف كل مصلّ متخشبًا في موقعه، لا يريد أن يتحرك ولا أن يلين، فلا يمكن أن يستوي الصف أبدًا.
يا قومنا إن كنائس النصارى على اختلاف مذاهبهم التي يعتبر كل واحد منها أنه دين مستقل: يتقارب بعضهم مع بعض، بل إنّ النصارى حاولوا الاقتراب من اليهود - وهم أعداء تاريخيون لهم - فأصدروا وثيقة تبرئهم من دم المسيح عليه السلام. فلماذا نظل نحن المسلمين يصارع بعضنا بعضًا مع تحذير كتاب ربنا وسنة نبينا لنا من التفرق فيما بيننا؟!
وبعد قيل وقال: انصرف الجميع دون أيَّ حد أدنى من الاتفاق.