تستحق جنوب إفريقيا أن تصلها رسالة شكر بالبريد السريع والمضمون، وبمختلف الصيغ والأشكال من كل شخص حر في هذا العالم، وذلك لأنها تحركت في التوقيت المناسب وبالشكل المناسب من أجل وقف هذه الإبادة غير المسبوقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بمباركة ودعم من "العالم المتحضر"، وبتفرج يمكن أن يصنف هو أيضا على أنه مباركة لهذه الإبادة، أقول وبتفرج من العرب والمسلمين، ولا أستثني من القوم أحدا إلا جماعة الحوثيين التي تُحاول ـ ولوحدها ـ أن ترد على حصار أهلنا في غزة بفرض حصار بحري على الكيان الغاصب.
نعم تستحق جنوب إفريقيا أن تصلها رسالة شكر بالبريد السريع والمضمون، وبمختلف الصيغ والأشكال، من كل إنسان حر في هذا العالم، وتستحق أن تصلها تلك الرسالة بشكل خاص من كل عربي ومسلم في هذا العالم، وخاصة من بعد أن تبخرت الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وغابت الأنظمة العربية والإسلامية، وتُركت غزة لوحدها تواجه الكيان الأكثر إجراما وعنصرية في التاريخ الحديث.
نعم غابت الأنظمة العربية والإسلامية، وغابت كذلك الشعوب العربية والإسلامية، وذلك لأن تحركها لم يكن على مستوى حجم حرب الإبادة التي ترتكب في حق أهلنا في فلسطين. غاب العرب والمسلمون عن بكرة أبيهم، وتُركت فلسطين لوحدها تواجه الكيان الأكثر إجراما وعنصرية، وهو الكيان الذي يتلقى كل أشكال الدعم العسكري والدبلوماسي والاقتصادي من الأنظمة الغربية.
غاب الكل، فحضرت جنوب إفريقيا، ولحضور جنوب إفريقيا قيمته ودلالته الرمزية الكبيرة، فهذا البلد كان ـ وإلى وقت قريب ـ ضحية لنظام عنصري، وبالتالي فهو الأكثر إحساسا بمعاناة الشعب الفلسطيني، ثم إن هذا البلد هو بلد المناضل الكبير "نيلسون مانديلا"، ولذا فلم يكن غريبا أن يُسارع هذا البلد إلى التحرك من أجل وقف الإبادة الأكثر بشاعة والأكثر فظاعة في العقود الأخيرة.
اليوم تثبتُ جنوب إفريقيا أنها هي وحدها التي تستحق أن تتحدث باسم "الضمير الإنساني" و "الضمير العالمي" و "المجتمع الدولي" إلى آخر ذلك من المصطلحات والعبارات التي فقدت مصداقيتها منذ فترة طويلة، بل وأصبحت سيئة السمعة، وذلك بسبب تكرار استخدامها من طرف النظام الأمريكي، وكل الأنظمة في الغرب، والتي عراها طوفان الأقصى وأظهر كل سوءاتها دفعة واحدة، وبأحدث تقنيات العرض.
نعم تستحق جنوب إفريقيا أن تصلها رسالة شكر من كل إنسان حر، وعلى المستوى الشخصي فإني سأكون من بين أولئك الذين سيشاركون في وقفة العرفان بالجميل التي ستُنظم أمام سفارة جنوب إفريقيا في نواكشوط ضحى يوم الاثنين الموافق 15 يناير 2024.
شكرا جنوب إفريقيا..