احتفى مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق الـ 18 ديسمبر من كل عام، تحت شعار “العربية: لغة الشعر والفنون”، وذلك برعاية الأمير بندر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة بالمملكة العربية السعودية، رئيس مجلس أمناء المجمع.
وفي مستهل الجلسة الافتتاحية التي عقدت أمس الأحد (14 يناير 2024) في مقر الأمانة العامة للمنظمة بجدة، توجه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي السيد حسين إبراهيم طه بعظيم الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية، بلد المقر، على جهودها العظيمة في دعم المنظمة وخدمة الأهداف التي تأسست بموجبها.
وقال الأمين العام، إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وجزء لا يتجزأ من أداء العبادات والصلاة في الإسلام، فضلاً عن كونها واحدة من أقدم اللغات وأكثرها تحدثا وانتشارا واستخداما في العالم.
وأوضح حسين طه أن المنظمة وبتعاون ومبادرة من المملكة العربية السعودية، أقرت في الدورة الـ 49 لمجلس وزراء الخارجية في مارس الماضي، والتي عقدت في نواكشوط بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، قراراً وزارياً بشأن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية دعما لحضورها في المحافل الإقليمية والدولية.
وأكد الأمين العام أن مبادرة الاحتفال باللغة العربية بالشراكة مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، تعكس انفتاح الأمانة العامة بالمنظمة على الفاعلين في المملكة العربية السعودية والدول الأعضاء ممن يطمحون في المساهمة في إعطاء اللغة العربية المكانة التي تستحقها.
ولفت إلى أن التعاون بين المنظمة والمجمع أثمر عن العديد من البرامج والأنشطة طوال العام الماضي بما فيها دورات تدريبية للعديد من المستفيدين من الدول الأعضاء، معربا عن طموح المنظمة في توسيع التعاون مع المجمع لما يصب في بناء قدرات المؤسسات التابعة للدول الأعضاء متوجها بشكره وتقديره للمجمع الذي تتلاقى أهدافه مع أهداف المنظمة وغاياتها.
كما ألقى الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الأستاذ الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي كلمة أشاد فيها بالجهود السعودية الكبرى في نشر اللغة العربية في العالم، واهتمامها البالغ بمكونات اللغة العربية، وثمَّن فيها رعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء المجمع للاحتفاء.
وأضاف الوشمي أنَّ أهم ما يميز اللغة العربية أنها لا تُعد رمزًا قويًا للهوية الوطنية والعربية فحسب، بل ترجع أهميتها العظمى بالنسبة للشعوب الإسلامية إلى أنها لغة القرآن الكريم؛ لذا فهي مرتبطة ارتباطًا بنيويًا بالبعد الإسلامي والرابطة الدينية، ولقرون عديدة كانت الأداة اللغوية التي عُبر بها عن العديد من الإنجازات الثقافية والدينية والفكرية للحضارة الإسلامية.
استعرض سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة العربية السعودية، شاهين عبداللاييف الجهود التي تبذلها بلاده للعناية باللغة العربية وتدريسها بالإضافة إلى السيرة التاريخية للغة العربية في أذربيجان.
وأكد عبداللاييف أن اللغة العربية مثلت أداة لا غنى عنها بالنسبة لأذربيجان فيما يتعلق بالاطلاع على تاريخ البلاد وعلمائها وشخصياتها البارزة خلال القرون الماضية.
من جانبه، أوضح المندوب السعودي الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي الدكتور صالح بن حمد السحيباني أن مناسبة اليوم العالمي للغة العربية تمثل فرصة كبرى للفت الانتباه والتذكير بالعمل الجاد خدمة لهذه اللغة، كما أنها فرصة للتعاون والتشارك نحو إنجاز مشاريع كبرى حقيقية تخدم اللغة العربية في كافة الجوانب.
وأكد السحيباني أن المملكة العربية السعودية، وبتوجيهات كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمتابعة كريمة من ولي عهده الأمين ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وانطلاقًا من مرتكزات رؤيتها الوطنية، تقدم كل الدعم لتعزيز حضور اللغة العربية لغة السلام والوئام في العديد من المنظمات الدولية، مضيفا أن “جهود مركز الملك سلمان العالمي للغة العربية الذي يعد أحد الكيانات المشرفة التي قدمتها قيادتنا الرشيدة وفقها الله للعالم الإسلامي في سبيل خدمة هذه اللغة إلا واحدا من تلك الجهود التي لا تهدأ والتي يصعب تحديد بوصلتها الزمنية والمكانية لأنها تعمل في كل الاتجاهات في كل القارات وعبر العديد من المبادرات والبرامج”.
وشدد السحيباني على أن اللغة العربية مسؤوليتنا جميعا نحن كمسلمين وكدول أعضاء في هذه المنظمة العريقة، لكي تواصل دورها رافدا حضاريًا، داعيا إلى تقديم مقومات تحفظ للغة فاعليتها وجعلها لغة العمل والتعامل اليومي في الأمانة العامة، بالإضافة إلى اللغات الرسمية الأخرى وذلك وفقاً لميثاق المنظمة.
وقال السحيباني إنّ تنظيم هذه الاحتفالية الخاصة من قبل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في مقر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي في المملكة العربية السعودية وبالقرب من مكة المكرمة مهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين وبالقرب من المكان المقدس الذي انتشرت فيه هذه اللغة المباركة لهو شأن رفيع وعمل سام كريم نثمنه لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية وللأمانة العامة للمنظمة.
وعبَّر عن أمله في أن تكون هذه الاحتفالية بمثابة انطلاقة وثابة تستشرف المستقبل وتعزز العمل الإسلامي المشترك في سبيل الإبداع في تبني المبادرات التي ترتقي بالعمل الجاد في هذا السبيل لتبرهن هذه الاحتفالية عن جهود المملكة العربية السعودية في سبيل نشر اللغة العربية والمحافظة عليها وهي جهود ممتدة تزداد بالتعاون وتزدهر بالتكامل والمؤازرة.
وعقب الجلسة الافتتاحية استمع الحضور إلى قصائد شعرية ألقاها عدد من الشعراء من دول المنظمة.
ثم عقدت الجلسة الأولى حول “الشعر العربي في الدول الإسلامية: التأثر والتأثير” حيث تطرق أستاذ الدراسات العليا بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور محمد هادي المباركي إلى أثر الشعر العربي في أدب الشعوب الإسلامية، مقدماً نماذج من الأدبين الفارسي والتركي.
كما تناول أستاذ الأدب في جامعة أم القرى الدكتور عبدالله بن إبراهيم الزهراني موضوع “تأثر الشعر العربي بأدب الشعوب الإسلامية”، فيما تحدث أستاذ الدراسات العليا بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن رجا الله السلمي عن أثر الشعر والفنون في ثقافات الشعوب الإسلامية.
وتناولت الجلسة الثانية موضوع “اللغة العربية في الفنون بالدول الإسلامية”، وتحدث فيها كل من الدكتور مجدي حاج إبراهيم من منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، والمدير العام لمركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية الدكتور محمود أرول قليج، ورئيس قطاع التخطيط والسياسة اللغوية في مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور محمود المحمود.
يذكر أن الاحتفالية شهدت تنظيم معرض مصاحب يستعرض جانباً من إصدارات المجمع وجهوده لخدمة اللغة العربية وتعزيز انتشارها على الصعيد الدولي.