منذ عدة أسابيع خَطَبَنا خطيبُ الجمعة، فكانت خطبةً رائعة، ومصدر روعتِها أنه حشد كل أوصاف ال ي ه ود، وأفعالهم التي وردت في القرآن الكريم، وجمعها كلَّها، وتلاها في دفعات، أو قل: رشقات قوية متلاحقة، مع تعليق خاطف مختصر .. فاحت رائحتهم الكريهة، فاشمأزت النفس، وفار الدم، وشعُرْتُ أنا، وأحسب غالبية من سمِعوا الخطبة ووعَوْها شعروا أيضًا بكراهيةٍ شديدة لهذا الفصيل من البشر، الذي تجمَّعتْ فيه كل هذه القبائح، فما تركوا قبيحًا إلا فعلوه، ولا رذيلة إلا ارتكبوها .. شيءٌ مُقَزِّز أن تجد قومًا تجتمع فيهم كل الموبقات. ويرتكبون كل الخطايا.
بعد الفراغ من خطبة الجمعة وصلاة الجمعة وجدتُني مدفوعًا إلى الرجل، سلَّمْتُ عليه، وشددتُّ على يديه، وقلتُ له: لقد نجحتَ نجاحًا باهرًا في تحريك وجداننا نحو كراهية ال ي ه ود، وما أظن أحدًا استوعب خطبتك اليوم إلا خرج كارهًا لهؤلاء القوم. مُبْغِضًا لأفعالهم.
إنها شهادة رب العالمين فيهم، وما من قوم ذَمَّهُمُ الله في كتابه بصفات أصيلة فيهم، إلا أثبتوها بأنفسهم، وأكدوها باستمرارهم عليها، وإصرارهم على ارتكابها، وبقائهم على حالهم فيها.
فهؤلاء هم هم .. يومُهُم كَأَمْسِهِمْ، وحاضِرُهُمْ وماضيهِمْ سواء .. أصيلةٌ خصالُهُم، ثابتةٌ صفاتُهُم وطباعُهُم.
قل صدق الله.