مؤتمرات صدام الإسلامية:
كان صدام قد مهَّد لذلك بمحاولة كسب الرأي العام العربي إلى صفه، فبدأ يتظاهر بأنه مع الإسلام، وأنه لم يعد متمسكًا بأفكار البعث، أضاف إلى عَلَم العراق: كلمة «الله أكبر».
ودعا أكثر من مرة إلى مؤتمرات عنده، حشد فيها من علماء الدين من استطاع حشده، من بلاد العرب والمسلمين، ليعلن أنه ليس ضد الدين... بل هو ناصر الدين!
وفي آخر مؤتمر عقده، شارك فيه عدد كبير من علماء الأمة منهم شيخنا الشيخ الغزالي، والشيخ عبد الله الأنصاري من قطر، وغيرهما.
وقد حرص على أن يجتمع بالشيخ الغزالي قبل سفره اجتماعًا خاصًّا طال لمدة ساعتين، وتأخرت الطائرة التي تقلّه، حتى ينتهي الاجتماع. وقال الشيخ الغزالي: يبدو أن الرجل تغيَّر، وسبحان مقلب القلوب!
وعاد الشيخ الأنصاري يتحدث عنه، وكأنه أحد أبطال الإسلام!
وكان أخونا الشيخ أحمد البزيع ياسين في الكويت من أكبر الدعاة لصدام، وكنت أختلف معه بشدة حين نلتقي في اجتماعات مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية، وهو أمين الصندوق فيها، وكان يقول لي بثقة واعتزاز: إنه فحل العرب!
أحسب أنه كان - بهذه الأمور كلها - يهيئ النفسية العربية، والذهنية العربية، لما يريد أن يفعله.
عدم استجابتي لحضور مؤتمرات صدام:
وأحمد الله أني لم أشارك في شيء من هذا، وقد دُعيت أكثر من مرة لمؤتمرات صدام، وألحَّ عليَّ في الدعوة: السفير العراقي في قطر، ولكني اعتذرت، وأصررت على الاعتذار. وكانوا يقولون في العراق: هناك عالمان فقط لم يستجيبا لدعوة العراق أو دعوة صدام: أبو الحسن الندوي في الهند، ويوسف القرضاوي في قطر. وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس.
وقد جسَّ صدام نبض أمريكا، بحديثه مع السفيرة الأمريكية في بغداد... ماذا يكون موقف أمريكا لو غزا العراق الكويت؟
وقالت السفيرة: سيادة الرئيس، ليس بيننا وبين الكويت معاهدة دفاع مشترك!!
فكأن هذا النوع من الإذن، أو التحريض على فكرة الغزو.
بقينا أيامًا في لندن أو ضاحيتها مع إلهام وأولادها، نراقب الأحداث، ونتابع التلفازات، ووكالات الأنباء، ولا نكاد نصدّق ما جرى ويجري، من هول الصدمة.
بعد أيام، كان لا بد لنا أن نعود إلى القاهرة، لبقاء أيام قليلة، ثم نحزم أمتعتنا إلى الدوحة، فقد أوشك العام الدراسي أن يدخل.