بين الحين والآخر تفرض قوى ومجموعات قبلية وعرقية، نفسها في تنظيمات تتناقض في أهدافها وعمقها مع روح الدولة وهيبتها وكونها الإطار الجامع للمواطنين.
هنالك في الجنوب أو الشمال أو الشرق تجمعات تعيد صياغة الآصرة القبلية لتطبعها بلبوس سياسي شفاف، وعلى مرأى ومسمع من الدولة، تعود الأمجاد الغابرة وذكريات وأساطير الحروب والفتكات، والتفاضل على أساس عرقي ونسبي وجهوي.
في أحيان كثيرة تقوم نزاعات قبلية على أراض هي ملك عمومي للدولة الموريتانية، بحكم القوانين التي صدرت، ثم أسقطتها قوة القبيلة وسطوتها.
أكثر من مهرجان قبلي تم تنظيمه خلال الفترة الأخيرة تحت عناوين مختلفة، تنتهي بشكل إلى تمجيد مجموعة أو إحياء ثقافة غابرة لا علاقة للدولة بها من قريب ومن بعيد.
وغالبا ما تكون النتائج سلبية ولا تتجاوز المطاعم وغناء القنيات والتشرف لأن " تسمع بنا العرب"
لقد كان المرحوم المختار ولد داداه حاسما أكثر عندما أقال عددا كبيرا من المسؤولين الذين حضروا حفلة "آوليك" الشهيرة التي تضمنت مصالحة قبلية بين مجموعتين.
صلح الافتضاح..
لقد تربت خلال هذه الفترة أجيال لا تعرف القبيلة ولا تؤمن بها ولا تسعى لتمكينها، قبل أن تتدفق مجموعات أخرى كبيرة وقوية من القبليين حتى النخاع، دخلت القبلية في العمق، حيث يتم تقاسم المناصب الوزارية تبعا للمحاصصة القبلية، والمناصب النيابية وفقا لها أيضا، وبموجبها تتحول الإدارات العمومية إلى ميدان للصراع القبلي، وهكذا يقوم وزير جديد، باستهداف مجموعة قبلية بالتصفية، والتمكين للقبيلة.
لقد أصبحت قبيلة الرئيس والوزير والنائب والمدير هي المسيطر، دائما وصاحبة النفوذ والقوة، وأصبحت السند البراق الذي يرفع من لا سند له من علم ولا مكانة ولا شهادة، يكفي أنك ابن المسؤول الذي يمثل قبيلته، وأن كان له أب ومات رحمة الله عليه .
يكفيه فخرا أنه مفرد وجده هو العالم المفرد.
من بطأ به عمله لا ينبغي أن يسرع به نسبه..
طبيعي أنه لا يمكن القضاء على القبيلة، لأنها آصرة مجتمع، لكن القبلية كأسلوب ونمط في إدارة العلاقات والوصولية السلبية ينبغي أن يتوقف، ومن المؤسف جدا أنها عادت بقوة مع نظام الرئيس الذي تحدث في "وادان" و"جول" بما أثلج صدور المواطنين، ورفع سقف الآمال، وجميل التوقعات، لكنها آمال سقطت في شراك القبلية للأسف..
كان من المؤسف ان تتعامل السلطة بأريحية مع التجمعات القبلية، ترخيصا ودعما وعناية وهي التي منعت قبل فترة ترخيص مهرجان وطني ثقافي للشيخ الحاج ولد محمد المشري، واستفزته السلطات الإدارية، وهاهي الآن السلطات نفسها تغض الطرف عن تجمعات بنيت على أساس المحسوبية واختطاف الشعارات القبلية.
فهل اختلت حساباتنا و تبخرت آمالنا حين عولنا على الرئيس الغزواني في إيقاف غوغاء ورعاء القبلية عند قدرهم، وهو غير كبير.. فهل سينحاز صاحب الفخامة إلى الشعب والأمة، أم أنه سيفتتح حملته بالتجمعات القبلية وألوية العشائر المتنافسة.
اقرأ المزيد:
الخطابات التاريخية.. هل كانت كذلك وماذا حققت للبلاد- موقع الفكر
موريتانيا: أنت مجرد مواطن.. لماذا جئت إلى هنا بدون وساطة- موقع الفكر
الأوامر غير القانونية".. أزمة الإدارة الموريتانية وعنوان الفساد الأكبر- موقع الفكر