الاستعانة بالكفار للضرورة:
واستمر النقاش طويلًا في ذلك، ولكن الذي حسم النزاع هو قولهم: إننا أمام ضرورة، ليس لنا خيار غيرها. إما أن نقبل ما وقع، ونرضى بضياع الكويت دولة، وابتلاع صدام لها، وإما أن نقبل الاستعانة بقوة أمريكا وحلفائها، فهي وحدها القوة القادرة على الردع. وما دمنا أمام ضرورة، فالضرورات تبيح المحظورات.
وبهذا انتصر رأي القائلين بجواز الاستعانة بأمريكا، على أن تخرج فورًا من المنطقة بعد إنهاء احتلال الكويت، لأنه أمر محظور أبيح للضرورة، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها.
على أن تقرير هذا من الوجهة النظرية سهل، ولكن الصعب هو تنفيذه، فمن ذا الذي يستطيع أن يقول للقوة المقتدرة المنتصرة: ارحلي عنا، وارجعي من حيث جئت!
موقف بعض علماء السعودية المضاد للاستعانة:
وكانت هناك فئة من علماء السعودية قد اتخذت موقفًا مضادًا لهذا الاتجاه، معارضة لمقررات هذا المؤتمر الذي كان على رأسه مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز، وعلى رأس هؤلاء العلماء المعارضين الشيخ الدكتور سفر الحوالي، الذي أعدّ دراسة قيمة حول الموضوع، بيَّن فيها: أن أمريكا هي التي خطَّطت لهذا الأمر، وبيَّنت له من قبل، وجهّزت «قوات الانتشار السريع»، وكان صدام أداتها في تنفيذ مخططها من حيث لا يدري، فقد درست نفسيته، واستغلت طموحاته في تحقيق أهدافها في السيطرة على المنطقة.
أهمية الجمع بين العلم الشرعي والفقه السياسي:
وهذه نقطة مهمة تسجّل لإخواننا من شباب العلماء والدعاة في المملكة، الذين جمعوا إلى العلم الشرعي: الفقه السياسي، ووقفوا موقف المعارضة لسياسة الحكومة، وسياسة كبار المشايخ. فحيَّاهم الله وجزاهم خيرًا: الحوالي والعودة والقرني والعمر وإخوانهم، الذين وُضعوا في القائمة السوداء، وجرى لهم بعد ذلك ما جرى من محن، ندعو الله أن تكون في ميزانهم حسنات ودرجات.مع تحيات.