منذ زمن بعيد وأنا أصاب بالأسف كلما رأيت الترتيب "لبرتكولي" المتأخر لوزارة الشؤون الإسلامية..
وأتساءل هل لدى الدولة الموريتانية موقف سلبي من الإسلام، وهي تؤخر وزارة الشؤون الإسلامية!
لماذا لا ترفع وزارة الشؤون الإسلامية لتكون في الترتيب أرفع من غيرها!
إن ترفيع وزارة الشؤون الإسلامية وإعطاءها المكانة اللائقة بها أمر محمود ومطلوب شرعا، فقد أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، بإعظام وإعلاء شأن الشعائر فقال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب} [الحج: 32]. قال الزمخشري في الكشاف: "أي فإن تعظيمها من أفعال ذوى تقوى القلوب (..) وإنما ذكرت القلوب لأنها مراكز التقوى التي إذا ثبتت فيها وتمكنت، ظهر أثرها في سائر الأعضاء".
وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَع} [النور: 36]. ومعنى ترفع تعظم ويعلى من شأنها، عن الحسن رضى الله عنه: ما أمر الله أن ترفع بالبناء، ولكن بالتعظيم.
قال القرطبي: "أَذِنَ" معناه أمر وقضى. وحقيقة الإذن العلم والتمكين دون حظر، فإن اقترن بذلك أمر وإنقاذ كان أقوى. و"تُرْفَعَ" قيل: معناه تبنى وتعلى، قاله مجاهد وعكرمة. ومنه قوله تعالى:" وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ" وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *(من بنى مسجدا من ماله بنى الله له بيتا في الجنة)*. وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة تحض على بنيان المساجد. وقال الحسن البصري وغيره: معنى" تُرْفَعَ" تعظم، ويرفع شأنها، وتطهر من الأنجاس والأقذار".
وما من شك أن ترفيع وزارة الشؤون الإسلامية وترفيع رتبتها في "لبرتكول" فيه ما فيه من رفع شأن المساجد وإعظام الشعائر؛ لأنها الجهة المسؤولة عن هذه الأمور المختصة في تسييرها، فهي تشرف على تسيير المساجد وترعى المحاظر، وتقوم بتسيير أمور الحج والعمرة إلى غير ذلك من شؤون الشعائر والتعبدات التي أمر الله أن تعظم ويعلى شأنها، فكان تقديمها على غيرها أمرا محمودا مطلوبا نحمد الله سبحانه وتعالى عليه..
فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يتحقق الرجاء ويتأتى الطموح على يد فخامة الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني، فقد قام بترفيع رتبة وزارة الشؤون الإسلامية ضمن "لبرتكول" الوزاري لتكون من وزارات السيادة، فجزاه الله خيرا على هذا الإنجاز الذي صان به لأهل الشريعة مكانتهم، وعرف لهم به منزلتهم "وإنما يعرف الفضل ذوه".
جزاه الله خيرا على هذه اللفتة الكريمة التي حققها لهذا القطاع الحيوي الهام.. أعنى قطاع صحة وتنمية الموريتانيين الروحية والشعائرية وتلك صحة وتنمية لا تعدلها أي صحة ولا تنمية أخرى.
ولئن كانت فر حتنا بهذا الإنجاز فرحة عظيمة، وغبطتنا به غبطة جسيمة، فما تزال بالنفس حزازة من التقصير في جنب معاشر أهل الشريعة وحملتها، وما تزال ندوب تحتاج لمسة آس لطيف؛ لتكتمل الفرحة برفع الظلم عن المؤسسات الشرعية وعن دكاترة العلوم الشرعية، ولن يكون ذلك إلا بتحقيق مطالبهم السهلة التي ما تزال ممتنعة!
لذلك نلتمس من فخامة رئيس الجمهورية أن يكمل جميله في هذا المسار أعني مسار إعلاء وإعظام شعائر الله فيقوم بحل مشكلة دكاترة العلوم الشرعية عبر دمجهم واستيعابهم في مؤسسات التعليم العالي الشرعي، والضرب لهم بسهم في التعيينات التي تتم داخل وزارة الشؤون الإسلامية.
وفي هذا السياق فإننا نلفت عناية فخامته إلى بعض المطالب الملحة في هذا المضمار:
1. إجراء اكتتاب شامل يستوعب دكاترة العلوم الشرعية ويمتص بطالتهم، وينتشلهم من وهدة هذا التعطيل، الذي لا يخلو من تعطيل بلاغ الشريعة للناس..
وقد علمتم أن حملة الشريعة الإسلامية هم حملة راية وهوية الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وعليه فإنه من اللازم تقديم جرعات كافية في الهوية الإسلامية للدولة عبر إضافة مواد شرعية في كل فصل دراسي أحرى تخصص علمي مدني أوعسكري.. لنتعلم الأخلاق الإسلامية والرابطة الوطنية في آن واحد..
2. هناك قطاع من الدكاترة فاتهم قطار التوظيف فلم يعد عامل العمر يسمح لهم بالمشاركة في الاكتتاب، فهؤلاء نرجو أن تتاح لهم الفرصة عبر عقود مفتوحة تعوض لهم الفرصة التي أضاعها عليهم تعطيل الاكتتاب.
3. نرجو أن يكون الولوج إلى العقود التي تبرمها مؤسسات التعليم الشرعي شفافا ونزيها، وأن يتاح للجميع المشاركة فيه عبر إعلان هذه المؤسسات عن فتحه أمام عموم الدكاترة بمعايير موضوعية ونزيهة في غضون أن يتم الاكتتاب الشامل.
فهذه جملة مطالب رأينا التذكير بها في سياق رفع الوزارة وجعلها وزراة سيادة بموجب مكانتها في بناء المجتمع والشعب على هوية الجمهورية الإسلامية.
مذكرين بضرورة رفع مكانة وسيادة الطاقم البشري الذي هو مصدر السيادة، حملة الشريعة وعلى رأسهم دكاترة العلوم الشرعية المعطلين وقد استوفوا الأوراق المدنية والكفاءة العلمية اللازمة لاستيعابهم مدرسين ومؤطرين في الجامعات الإسلامية وكل مفاصل ومؤسسات التعليم العالي.