بات سؤال "هل تصبح موريتانيا دولة غنية" مطروحا بقوة في أروقة الاقتصاد والإعلام؛ بناء على المؤشرات التي تتضمنها التقارير الاستشرافية، وتحليلات الخبراءء.
وسلط تقرير نشرته وكالة DW الألمانية، اليوم الإثنين، الضوء على هذا الموضوع، منوها إلى أن تقارير حكومية موريتانية ومؤسسات دولية متخصصة مثل منظمة الطاقة الدولية تشير إلى توفر بلادنا على احتياطات تقدر بـ 400 مليون برميل من النفط و100 تريليون قدم مكعب من الغاز.
وأعلنت الحكومة الموريتانية خلال العام الماضي "استراتيجية جديدة في مجال الطاقة، تهدف من خلالها أن تكون ضمن الفاعلين المهمين في مجال الطاقة وإنتاج الغاز المسال وكذلك إنتاج الهيدروجين".
وينسب التقرير ذاته لمؤسسة "غلوبال انرجي مونتور" أن موريتانيا توجد ضمن لائحة دول حديثة الولوج إلى سوق الغاز في إفريقيا، وضمن هذه الدول السنغال والمغرب، وتتوفر على حوالي 84 في المائة من الاحتياطات الجديدة في مرحلة ما قبل الإنتاج.
وفي هذا المنحى كشف المدير العام لقطاع المحروقات في وزارة البترول الموريتانية المصطفى البشير مؤخرا في مؤتمر للطاقة عقد في القاهرة، أن حوالي80 في المائة من احتياطات الغاز موجودة في حقل بئر الله والذي يتوفر على 80 تريليون قدم مكعب، أما البقية فهي موزعة ما بين حقلالسلحفاة المشترك مع السنغال وحقول أخرى صغيرة.
ويجسد انضمام موريتانيا لمنتدى الدول المصدرة للغاز، الذي أعلن عنه في مؤتمر المنتدى الأسبوع الماضي في الجزائر، مؤشرا على دخول هذا البلد إلى نادي الدول المصدرة للطاقة في العالم. كما تتوفر على موارد واعدة في مجال الطاقات المتجددة تؤهلها لتلعب دورا مهما فيخارطة الطاقة العالمية المستقبلية التي تعتمد على مزيج الطاقة كمصدر مستدام وتنافسي يضمن أمن الطاقة.
وإذا كانت موريتانيا تُعرف بمواردها الطبيعية مثل ثروتها السمكية الكبيرة في سواحلها التي تمتد أكثر من 750 كيلومترا على المحيط الأطلسي، بالإضافة للمعادن الكلاسيكية مثل الحديد والفوسفات والنحاس فقد أظهرت اكتشافات جديدة في السنوات القليلة الأخيرة وجود ثروات هائلة من المعادن النفيسة، يضيف التقرير نفسه.
وحسب تقرير "الصناعات الاستخراجية" لوزارة المعادن الموريتانية تتوفر البلاد على موارد وإمكانيات جيولوجية غنية بالمعادن النفيسة، وأظهرت الاكتشافات أكثر من 900 مؤشر معدني في مناطق عديدة من أبرزها سلسلة جبال الموريتانيد(وسط غرب البلاد) وحوض تاودني (وسط شرق)، التي "تحتوي على احتياطات كبيرة من الذهب والنحاس واليورانيوم. إضافة للكوارتزوالألماس والكروم والمنغنيز والرصاص والبلاتين".
وتفيد دراسات حديثة وضمنها دراسة لمعهد فرانهوفر للأبحاث الألماني بتزايد أهمية المعادن النادرة للاقتصاديات الكبرى مثل اقتصاد ألمانيا نظرا لأنها ضرورية للتكنولوجيات الرئيسية والمستقبلية، كما تشير الدراسة إلى تنامي نفوذ الدول المصدرة وغالبا عددها محدود.
ويرى محللون نقل عنهم التقرير الألماني بأن المؤشرات الدالة على تنامي الثروات الطبيعية، وخصوصا ذات الطابع الاستراتيجي في أمن الطاقة والصناعات التكنولوجية المستقبلية، يمنح البلد فرصة واعدة في النهوض الاقتصادي وتقوية مبادلاته مع الخارج.
ويخلص التقرير إلى أن موقع موريتانيا الجيوسياسي سيلعب دورا حاسما في تقوية دورها كجسر للتبادل بين أوروبا وشمال القارة السمراء وغربها ووسطها، مع فتح للآفاق الاقتصادية والتجارية التي يتيحها هذا الموقع.