تعد مفتشيات الشغل من أقدم أجهزة الدولة ، حيث ولدت قبل نيل البلاد لإستقلالها التام إبان فترة الوصاية الفرنسية على البلاد آنذاك
ساهمت هذه المصالح في رسم السياسات والخطوط القانونية في مجال العمل للدولة الوليدة يومها كان لمفتشية الشغل سمعة وهيبة كبيرة تسبقها في أوساط العمال وأرباب العمل .
كان المفتش هو الراعي والضامن لقانون الشغل وحامي حمى العمال أين ما وجدو
وكانت الدولة الوليدة تعطي لهذا الجهاز عناية خاصة مدركة بأنه مفتاح التنمية البشرية والإقتصادية في البلاد
يومها كان المدير العام للعمل هو المدير الوحيد الذي يحضر لاجتماع مجلس الوزراء ولكم أن تتصوروها من مكانه حظي بها كان المحظي المحظوظ ومن وراءه مفتشي ومراقبي الشغل بكامل صلاحياتهم القانونية
فما الذي جرى لهذا الجهاز ؟
وماهي مكامن الخلل والإصلاح ؟
ومع مطلع التسعينات بدأت النكسة والنكبة معا تراجع دور القطاع وبدأت الدولة تتجه نحو مغريات العولمة والرأس مالية ولعل ماشجعها واغراها هو انتصار الغرب على التيار الشيوعي الإشتراكي السوفيتي وبهذا تراجع الدفاع عن اليد العاملة وبدأت حقبة تمجيد أصحاب رأس المال و تصدروا المشهد الإقتصادي والسياسي والإجتماعي فكان من طبيعي في بلد نامي من العالم الثالث _ أو ماوراءه_ أن يدير ظهره للعمال وأن يتعالى رجال المال بعد أن نالوا المكانة والسلطة على موظفين يحملون مشعل الدفاع عن العمال بسطاء وأمام هذا الواقع أصبح مفتش الشغل أمام خيارين احلاهما مر بل حنضل إما أن يعيش مهمشا وفقيرا براتبه الصغير لايستطيع زيارة شركة لتفتيشها ، أو أن يمد يده ويطأطئ الرأسه لأرباب العمل فيطعمونه ويسكتُ عنهم صوت ضمائرهم وأصوات حناجر العمال
ويطيعهم ويصير مملوكا مخنوقا برشاويهم مع بعض صلاحيات الواهية والقوة الزائفة ( مفتشاً تحت الطاولة ) له حق في دخول شركاتهم وتفتيشها تفتيشا جزئيا وكأنها لعبة أطفال لإسكاتهم وقت يصرخون بكاءً و نحيبً
مضت السنوات والسنين ومع دخول الألفية الجديدة أستبشر الناس بأهدافها وتحولاتها
ومع كل الضجيج الذي حظت به لم يتغير واقع مفتشيات الشغل ولا مفتشوها و أنعكس ذلك على القطاع كله مرت أربع سنوات وتم عقد اجتماع ثلاثي للشركاء الإجتماعيين الثلاثة ( الدولة - أرباب العمل - مناديب العمال ( النقابات العمالية ) )
و تمخض عن اجتماع مدونة يراها الكثيرون بأنها منحازة لطرف الأقوى ومع ولادة هذه المدونة لم تدعم بكادر بشري جديد بل أن القطاع عاش نقصا في الطاقم البشري فأخر اكتتاب كان في الثمانينيات لو استثنينا اكتتابا داخليا واحد لبضعة أشخاص واستمر الحال إلى السنة التاسعة بعد الألفين لتتكتتب دفعة جديدة تخرجت في سنة ألفين وإحدى عشر لتحمل مشعل ولتضخ دماما جديدا رغم ماعنته من تحديات ودعمت بدفعة من ذوي احتياجات التحقت بهم في ألفين وسبعة عشر واستمر القطاع في حاله مع ملاحظة تحسن ملحوظ في أداءه وفي مرافقه وافتتحت مفتشيات على عموم التراب الوطني بواقع مفتشية لكل ولاية ورغم كل هذا ورغم اكتتاب دفعة من مفتشي ومراقبي شغل في ألفين وتسعة عشر وأخرجها في ألفين اثنين وعشرين_ مهمشةً إلى يوم الناس هذا_ لازال القطاع بعيدا عن سقف الطموحات على إثر مكامن خلل تنخر جسمه
ولعل أبرزها :
الوضعية المادية والمعنوية لمنتسبي القطاع رغم مصادقة الجهات العليا على الإتفاقية 81 التي تنص بالنص الصريح على تحسين الوضع المادي والمعنوي لمفتشي ومراقبي شغل
الوضعية الغير اللائقة المفتشيات الشغل وغياب الوسائل اللوجستية للتفتيش من سيارات .ألخ
النصوص القانونية التي لم تعد تتماشى والعصر
وتعاني من الكثير من التناقض وعدم المرونه وانحيازه لطرف الأقوى
ويتضح من ما تقدم طريقة إنعاش وإنقاذ مفتشياتنا من الإندثار
أولا تحسين الوضعية المادية للمفتشي ومراقبي شغل
ومنحهم كافة السلطات في المجال ووضع رجال الأعمال امام الأمر الواقع الرضوخ للقانون والحد من سطوة ونفوذ هم
ثانيا تحسيين ظروف المفتشيات واقتناء مواقع ووسائل المناسبة لعملها
ثالثا تحديث النصوص القانونية
بوضع قانون جديد لشغل بمشاركة الأطراف الثلاثية المعهودة وتحت نظام حق النقض لممثلي كل من الدولة والعمال على مايرونه من تصورات واقتراحات مطروحة من الشريك الثالث ( أرباب العمل ) دون حصول الطرف الأخير على هذا الحق
لما شاهدناه ولاحظناه من تناقضات وثغرات اقترحها على مايبدو أرباب عمل في مدونة الحالية للشغل المعروفة ب القانون رقم 017_2004 الصادر بتاريخ 06 يوليو 2004
نشتمُ من خلالها للنوايا للإستغلال العمال ، وهو ما يتنافى مع الروح التي يجب أن يتمتع بها قانون الشغل يرعى حق عمال وطنيين لأي دولة ولضيوفها من العمال الأجانب حسب ماتنص عليه جميع معاهدات ومواثيق المنظمة الدولية للشغل
.
ويتضح من ما سبق أن القانون الموريتاني للشغل أصبح
بحاجة ماسة للتغيير نظرا لعمره الذي أكمل عشرين عاما
وهذا ما لا يستحسن في قانون اجتماعي يتغير مع تغير المجتمع كل فترة وناظر إلى هذا التاريخ يعي مدى التغير الإجتماعي والسياسي والإقتصادي الحاصل منذ 2004 إلى يومنا هذا.
ومن مايثير الدهشة لو علمنا أن مصدرا من مصادر تشريعات الشغل لازال ساريا منذ ستينيات القرن الماضي أ لا وهي الإتفاقية الجماعية للشغل
وضرورة إبرام اتفاقية جديدة تشمل مختلف القطاعات الإنتاجية مع ظهور قطاعات ومجالات جديدة لم تكن معروفة من قبل .
.مفتشيات الشغل ، و شبح الموت السريري
تعد مفتشيات الشغل من أقدم أجهزة الدولة ، حيث ولدت مع بزوغ شمس الدولة الموريتانية في زمن الوصاية الفرنسية على البلاد آنذاك
ساهمت هذه المصالح في رسم السياسات والخطوط القانونية في مجال العمل للدولة الوليدة يومها كان لمفتشية الشغل سمعة وهيبة كبيرة تسبقها في أوساط العمال وأرباب العمل .
كان المفتش هو الراعي والضامن لقانون الشغل وحامي حمى العمال أين ما وجدو
وكانت الدولة الوليدة تعطي لهذا الجهاز عناية خاصة مدركة بأنه مفتاح التنمية البشرية والإقتصادية في البلاد
يومها كان المدير العام للعمل هو المدير الوحيد الذي يحضر لاجتماع مجلس الوزراء ولكم أن تتصوروها من مكانه حظي بها كان المحظي المحظوظ ومن وراءه مفتشي ومراقبي الشغل بكامل صلاحياتهم القانونية
فما الذي جرى لهذا الجهاز ؟
وماهي مكامن الخلل والإصلاح ؟
ومع مطلع التسعينات بدأت النكسة والنكبة معا تراجع دور القطاع وبدأت الدولة تتجه نحو مغريات العولمة والرأس مالية ولعل ماشجعها واغراها هو انتصار الغرب على التيار الشيوعي الإشتراكي السوفيتي وبهذا تراجع الدفاع عن اليد العاملة وبدأت حقبة تمجيد أصحاب رأس المال و تصدروا المشهد الإقتصادي والسياسي والإجتماعي فكان من طبيعي في بلد نامي من العالم الثالث _ أو ماوراءه_ أن يدير ظهره للعمال وأن يتعالى رجال المال بعد أن نالوا المكانة والسلطة على موظفين يحملون مشعل الدفاع عن العمال بسطاء وأمام هذا الواقع أصبح مفتش الشغل أمام خيارين احلاهما مر بل حنضل إما أن يعيش مهمشا وفقيرا براتبه الصغير لايستطيع زيارة شركة لتفتيشها ، أو أن يمد يده ويطأطئ الرأسه لأرباب العمل فيطعمونه ويسكتُ عنهم صوت ضمائرهم وأصوات حناجر العمال
ويطيعهم ويصير مملوكا مخنوقا برشاويهم مع بعض صلاحيات الواهية والقوة الزائفة ( مفتشاً تحت الطاولة ) له حق في دخول شركاتهم وتفتيشها تفتيشا جزئيا وكأنها لعبة أطفال لإسكاتهم وقت يصرخون بكاءً و نحيبً
مضت السنوات والسنين ومع دخول الألفية الجديدة أستبشر الناس بأهدافها وتحولاتها
ومع كل الضجيج الذي حظت به لم يتغير واقع مفتشيات الشغل ولا مفتشوها و أنعكس ذلك على القطاع كله مرت أربع سنوات وتم عقد اجتماع ثلاثي للشركاء الإجتماعيين الثلاثة ( الدولة - أرباب العمل - مناديب العمال ( النقابات العمالية ) )
و تمخض عن اجتماع مدونة يراها الكثيرون بأنها منحازة لطرف الأقوى ومع ولادة هذه المدونة لم تدعم بكادر بشري جديد بل أن القطاع عاش نقصا في الطاقم البشري فأخر اكتتاب كان في الثمانينيات لو استثنينا اكتتابا داخليا واحد لبضعة أشخاص واستمر الحال إلى السنة التاسعة بعد الألفين لتتكتتب دفعة جديدة تخرجت في سنة ألفين وإحدى عشر لتحمل مشعل ولتضخ دماما جديدا رغم ماعنته من تحديات ودعمت بدفعة من ذوي احتياجات التحقت بهم في ألفين وسبعة عشر واستمر القطاع في حاله مع ملاحظة تحسن ملحوظ في أداءه وفي مرافقه وافتتحت مفتشيات على عموم التراب الوطني بواقع مفتشية لكل ولاية ورغم كل هذا ورغم اكتتاب دفعة من مفتشي ومراقبي شغل في ألفين وتسعة عشر وأخرجها في ألفين اثنين وعشرين_ مهمشةً إلى يوم الناس هذا_ لازال القطاع بعيدا عن سقف الطموحات على إثر مكامن خلل تنخر جسمه
ولعل أبرزها :
الوضعية المادية والمعنوية لمنتسبي القطاع رغم مصادقة الجهات العليا على الإتفاقية 81 التي تنص بالنص الصريح على تحسين الوضع المادي والمعنوي لمفتشي ومراقبي شغل
الوضعية الغير اللائقة المفتشيات الشغل وغياب الوسائل اللوجستية للتفتيش من سيارات .ألخ
النصوص القانونية التي لم تعد تتماشى والعصر
وتعاني من الكثير من التناقض وعدم المرونه وانحيازه لطرف الأقوى
ويتضح من ما تقدم طريقة إنعاش وإنقاذ مفتشياتنا من الإندثار
أولا تحسين الوضعية المادية للمفتشي ومراقبي شغل
ومنحهم كافة السلطات في المجال ووضع رجال الأعمال امام الأمر الواقع الرضوخ للقانون والحد من سطوة ونفوذ هم
ثانيا تحسيين ظروف المفتشيات واقتناء مواقع ووسائل المناسبة لعملها
ثالثا تحديث النصوص القانونية
بوضع قانون جديد لشغل بمشاركة الأطراف الثلاثية المعهودة وتحت نظام حق النقض لممثلي كل من الدولة والعمال على مايرونه من تصورات واقتراحات مطروحة من الشريك الثالث ( أرباب العمل ) دون حصول الطرف الأخير على هذا الحق
لما شاهدناه ولاحظناه من تناقضات وثغرات اقترحها على مايبدو أرباب عمل في مدونة الحالية للشغل المعروفة ب القانون رقم 017_2004 الصادر بتاريخ 06 يوليو 2004
نشتمُ من خلالها للنوايا للإستغلال العمال ، وهو ما يتنافى مع الروح التي يجب أن يتمتع بها قانون الشغل يرعى حق عمال وطنيين لأي دولة ولضيوفها من العمال الأجانب حسب ماتنص عليه جميع معاهدات ومواثيق المنظمة الدولية للشغل
.
ويتضح من ما سبق أن القانون الموريتاني للشغل أصبح
بحاجة ماسة للتغيير نظرا لعمره الذي أكمل عشرين عاما
وهذا ما لا يستحسن في قانون اجتماعي يتغير مع تغير المجتمع كل فترة وناظر إلى هذا التاريخ يعي مدى التغير الإجتماعي والسياسي والإقتصادي الحاصل منذ 2004 إلى يومنا هذا.
ومن ما يثير الدهشة لو علمنا أن مصدرا من مصادر تشريعات الشغل لازال ساريا منذ ستينيات القرن الماضي أ لا وهي الإتفاقية الجماعية للشغل
وضرورة إبرام اتفاقية جديدة تشمل مختلف القطاعات الإنتاجية مع ظهور قطاعات ومجالات جديدة لم تكن معروفة من قبل .