بعد أن انتصفت العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وبدأ الشهر الفضيل يلوح ببقية أيامه مودعا، وفي جو إيماني زكي يصر الصائمون القائمون فيه على اغتنام خواتم هذا الشهر الكريم، التماسا لليلة القدر، وتتويجا لشهر من السيطرة على أزمِّةِ نفس أمَّارة بالسوءِ، تشرئب أعناق أهل الأسواق، تطلعا إلى المتسوقين الراغبين في اقتناء ملابس العيد الجديدة وهداياه.
وينتظر أهل الأسواق هذا الموسم بفارغ الصبر، حيث يمثل فرصة لرواج تجارتهم وجنيهم أرباحا تعينهم على نوائب الكساد بقية العام، فكلهم صوب مدافعه تجاه الزبناء عله فنص منهم متافع ويجني منهم أرباحا.
نواكشوط كله أسواق
قبل عَقدين من الآن، كانت أسواق نواكشوط الكبيرة محصورة بالعدِّ، ويتصدرها سوق العاصمة (السوق الكبير) الذي ظل يكبر ويتوسع تبتلع قصوره الدور وفي طريقه ذلك ابتلع حتى المدارس العمومية والثكنات العسكرية، ويأتي بعده سوقا السبخة والميناء، و بعد ذلك سوق الكصر ثم سوق تيارت، أما اليوم فإن نواكشوط كله أسواق!
فلكل مقاطعة من مقاطعات المدينة التسع أكثر من سوق كبير، وهناك شوارع خاصة في تفرغ زينه ومناطق أخرى تتناثر على جنباتها المحلات التجارية الفخمة والراقية أحيانا.
وقد عرف عن الموريتانيين ولعهم الهستيري بتشييد المحلات التجارية، حتى أنك تجد كبار الأثرياء يصرون على أن تكون منازلهم الخاصة في أرقى أحياء نواكشوط تتمتع بواجهة تضم المحل أو المحلين أو الثلاثة، وهو إصرار وإن كان قد بدأ في الانحسار فإنه ساد لفترة وما زال موجودا.
حركية في أسواق قلب العاصمة
رغم أن نواكشوط كله أسواق كما أسلفنا، فإن أسواق قلب العاصمة ما زالت تمارس نوعا من الأبوة على بقية الأسواق وتحظى بأفضلية عند المتسوقين، ويتندر الكثير من أهل الأسواق الطرفية بأن المتسوقين من كل أنحاء نواكشوط مهما بعدت لهم الشقة عن وسط المدينة، لا يهدأ لهم بال قبل أن يتجولوا في سوق العاصمة وبعده في سوقي السبخة والميناء، رغم أن بإزائهم حيث يسكنون، أسواقا تعج بما يطلبون.
كلما اقترب اليوم الموعود يزداد الإقبال على أسواق وسط العاصمة، خاصة محلات الملابس الرجالية والنسائية وملابس الأطفال، وقد عمد أصحاب تلك المحلات إلى نثر بضاعتهم أمام محلاتهم وفي الطرق القريبة منهم، استمطارا لنفحات المتسوقين، وتقريبا للخدمات منهم، وقد يكون هذا التوجه تعزز أكثر، بعد احتلال الباعة المتجولين وأصحاب العربات اليدوية للساحات العمومية والطرقات القريبة من الأسواق.
ويلاحظ المتجول في أسواق وسط نواكشوط، هذه الأيام، رواجا للبضائع ذات الصلة بالعيد، وحركة للباعة والمشترين تملأ الأرجاء.
وتبدأ هذه الحركية والرواج في التصاعد لتبلغ أوجها ليلة العيد وقد تتواصل إلى ما قبل صلاة العيد بقليل.
من داخل السوق
عبد الله أربعني يبيع الملابس الرجالية الجاهزة يواصل العمل ليل نهار استعدادا للموسم الكبير، يداوم مساء وصباحا، لكنه مع ذلك يتضايق من ضعف العائد المادي لفاحه السرمدي في سبيل تحصيل لقمة العيش بطريقة شريفة، فهو يرى أن عائد السوق يتراجع بسبب الارتفلع المستمر للملابس وكثرة محلات البيع وضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
اسعار مرتفعة وإقبال ضعيف
أحمد ولد امامه فيذكر لموقع الفكر أن الأسعار ارتفعت بشكل معتبر وخاصة في المواسم المهمة كالعيدين، فثلا ارتفع الخنط وخاصة " ازبي بشكل مبير مقارنة مع الفترة السابقة، في حين لم ترتفع الرواتب ولا العوائد الاقتصادية.
ألا إلا تكن إبل فمعزى
للملابس الجاهزة أو الملابس المستعملة أو ما يعرف ب "افكو جاي" روادها والباحثون عنها، خصوصا في ظل الغلاء الذي تشهده أسعار البضائع الجديدة وضعف القوة الشرائية للكثير من المواطنين، وهي أمور تجعل من هذه الملابس حلا مرضيا، خاصة أن هذه الملابس توجد فيها الكثير من الماركات والعلامات التجارية النقبولة و الجيدة..
محمد محمود معلم عقدوي التقيناه عند إحدى نقاط التسوق ومعه إبناه وحليلته وأكد لنا بمرارة أن راتبه الزهيد لا يمكنه من أداء أي الواجبات المترتبة عليه من نفقة وكسوة وإيجار و مصاريف تعلين الأطفال، وهو مت دفعه اليوم إلى الولوج إلى سوق الملابس النستعملة، وهو لايدري إت كان أطفاله سيقبلون في النهاية ويستسلمون لهذا الخيار، فنحو عندي درهم ولي وطر " ملتزم فيه تقدم الخبر"
قطاعات أخرى تنتعش
رغم أن أسواق الملابس المختلفة والأحذية ولهدايا وكل مستلزمات عيد الفطر السعيد، هي المستفيد الأكبر من هذا الموسم، فإن قطاعات أخرى تشهد انتعاشا في هذه الأيام المباركة، ومنها قطاع النقل العمومي وصالونات الحناء وسوق المواشي، فعلى الرغم من أن هذا ليس عيد الأضحى، إلا أن كثيرا من الناس يعمد إلى شراء الذبائح، في يوم يفطرون فيه بعد شهر من الصوم.
وسنوافيكم في الجزء الثاني بتقرير مصور