جلب مياه الشرب من المستنقعات العكرة والبرك الآسنة في قرى آفطوط
صراع يومي مرير تخوضه النسوة كغيرهن من سكان قرى آفطوط من أجل الحصول على بضع جرعات من الماء العكر، صفوف طويلة ومعاناة تحت شمس حارقة في هذه النقطة أو تلك لجلب المياه من مناطق على بعد مرمى حجر من سد فم لكليته، فيما توجد مناطق أخرى قرب بحيرة مال التي جفت باكرا خلال السنة الحالية، فلم ينفعهم القرب من سد فم لكليته الذي بلغ عمره 4 عقود من الزمن الضائع وجيرته يتضاغون من العطش، وربما يصدق فيهم المثل" جاور الماء تعطش"
تقول النسوة اللائي أتى بعضهن من مسافات بعيدة- إن هذه البرك الآسنة هي مصدر السكان الوحيد للحصول على المياه وعلى مدى فترات تمتد لأشهر، حيث يتتبع السكان أماكن انحسار المستنقعات عبر البطاح وبطون الأودية والوهاد ويحتفرون حفرا سطحية طيلة أشهر الصيف يشرب منها الإنسان والأنعام وما جلب السيل من الكلاب والذئاب، فالماء قسمة بين الجميع..
ضعف التساقطات المطرية الخريف الماضي، وانحسار البحيرات السطحية أدى لنضوب الآبار في المناطق القريبة من السدود في هذه المناطق.
غياب أي تدخل من الجهات الحكومية فاقم أزمة شح المياه التي تعيشها قرى عديدة في منطقة مثلث الفقر لعقود خلت.
لا تتوقف تأثيرات شرب مياه المستنقعات على انتشار الاسهالات والأمراض المعوية والفشل الكلوي بين السكان بل تمتد لتشل النشاط التنموي من خلال توجيه اهتمامات الساكنة لتأمين شربة مياه شحيحية على عطش، لا بقاء لحياتهم بدونها.
يتطلع السكان لإنهاء معاناتهم مع انطلاقة مشروع جلب المياه من النهر السنغالي الذي دشنه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قبل فترة قصيرة بالقرب من مدينة بابابى بولاية لبراكنه،لتزويد 165 قرية في ثلاث ولايات بالماء الصالح للشرب.
وفي الوقت الذي صرح فيه وزير المياه عن ولوج 72% من الموريتانيين لخدمات المياه، فإن موريتانيا تعد من البلدان العربية الأقل أمانا في مجال المياه وجاء موقعها متأخرا على مؤشر الأداء البيئي العالمي ومدى جودة المياه والوصول إلى خدماتها في العام 2020 حيث احتلت المركز 167 عالمياً.
تحت درجة حرارة عالية تجاهد النسوة والرعاء لتأمين بضع لترات من المياه العكرة لأسرهن في القرى المجاورة، مهام يومية قد تغدو أكثر صعوبة مع اقتراب حلول فصل الصيف واستمرار انحسار البرك والتجمعات المائية السطحية المتبقية من موسم الأمطار العام الماضي.
لا يقتصر أضرار العوز المائي على البنية الاقتصادية بل يتعداها ليؤثر سلبا على مختلف مرافق الحياة بما فيها التعليم والصحة تعليم الأطفال وعلى البنات اللواتي يخرجن متلفعات بمروطن ما يعرفن شدة الغلس في سبيل جلب المياه في رحلة مستمرة لا خاتمة لها، كدرا وطينا..