القتل والتجويع الذي تمارسه حكومة اسرائيل وداعميها في البيت الأبيض بات يغض مضاحع الانسانية وأحرار العالم. لذلك كان حراك طلاب الجامعات الأمريكية العريقة كهارفارد Université Harvard ومعهد مانشستر للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology وجامعة ييل و جامعة كولومبيا Columbia University انتصارا لفلسطين ، فهم أصحاب علم وقيم ومبادئ إنسانية ويرون أنهم شركاء بعلمهم وأبحاثهم التي تستخدمها الادارة الحاكمة في أمريكا والمنحازة لاسرائيل في ابادة (الغزيين) عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا بطرق خفية محترسة !!
إسرائيل تعرف جيدا أن العالم تعاطف معها لسبب (محرقة الهولكوست) المزعومة. وقد كان أساس هذه الرسالة هو الإعلام المسموع والمرئي والمكتوب وقد أبدع في إخراجها للعالم مؤلفون مبدعون ومثقفون محنكون. حتى ليحس المرء بعد مطالعته لقصة أو مشاهدته لفيلم عن هذه المحرقة بحاجة إلى أن ينزوي نفسيا من هول ما شاهد وطالع.!!
تضررت هذه القضية المعروفة بمعادات السامية بتهور نتن ياهو وبايدن الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته بلينكن!!
كان ذالك قبل (محرقة غزة) التي جسدت كل تلك المشاهد وزادت عليها مع الفارق بين الزمنين, وان كنا لم نشاهد صور المحرقة الأولى, فإننا شهودا على هذه المحرقة والتي نشاهد فيها صورا تقشعر لها الأبدان وتموت لها القلوب كمدا, من هول الموقف فمثلا: أطفال مقطعة الرؤوس, وأشلاء لنساء, ومئات العائلات شطبت من السجل المدني, ومباني هدمت, ومساجد خربت, وكأننا أمام زلزال من صنع البشر, وسط صراخ: الأطفال والنساء والشيوخ وبين تلك الأصوات الصارخة في معركة غير متكافئة، يحس الإنسان منا ضميره الإنساني و هو يشاهد تلك الصور المقززة, يسأله ألهذا الحد وصل بطش الإنسان بأخيه الإنسان؟! في عالم يدعى الحرية وحقوق الإنسان!!
ويأخذ ينعم النظر محدقا ببصره، وهو إذ يملأ بالذي يراه عينا، يملأ به فكرا، ويملأ به قلبا. وان لم يكن موجودا في أرض المعركة بجسمه, فانه يعيشها من موقعه عاطفة وعقلا.!!
وستبقى غزة العزة تكتب بدمائها على أرضها تساؤلات: كم يكفى من هذه الدماء لإيقاظ أمة متفرقة, ضعيفة ذليلة,غثاء كغثاء السيل, كرهت الموت, واستطابت الحياة, وزهدت في كل مجد, وتجمعت عليها كل عوامل الضعف والتفسخ؟ وأين هو الضمير الإنساني؟
لعل انتفاضة هذا الجيل الأمريكي الخامس الذي يشاهد يوميا بوسائط (الصوت والصورة) مشاهد الموت والرعب الآنفة الذكر سيتمكن من وقف الحرب على غزة وفك الارتباط مع شركات السلاح المشاركة في الحرب.
وهذا ليس بالجديد فالجامعات الأمريكية كانت لها مواقف مشهودة في مثل هذه الأحداث..
في آخر ستينيات القرن الماضي 1968م اعتصم طلاب الجامعات الأميركية، في أكثر من مرة ومناسبة، داخل الحرم الجامعي أو خرجوا إلى الشوارع رافعين شعارات الاحتجاج والغضب، رفضا لقضايا مختلفة، مثل حرب فيتنام ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أو للمطالبة بحقوق أخرى.
وقد كان لهم ما أرادوا فهل يعيد الزمن نفسه؟
أما عن جامعاتنا العربية فحدث ولاحرج مشاكل في النظام التعليمي وفي ثقافة الإدارة ومستوى التعليم وحقوق الطلاب والحريات الأكاديمية وممازاد الطين بلة نُظمنا الاستبدادية التي زرعتها القوى الاستعمارية فقد هشمت وحطمت كل هياكل ومؤسسات المجتمع، وأفرغتها من محتواها ونخبها بالترهيب والترغيب!! فلم تصل اي جامعة عربية الى مستوى الجامعات المرموقة كالجامعات الامريكية والأوروبية!!
من العار مافعلته رئيسة جامعة كولوبيا مصرية الجنسية من اجراءات تخالف القيم الأمريكية وتتعارض مع أبسط حقوق طلبة الجامعات وحرياتهم...
وكأنها تستنسخ مايجري في الجامعات العربية!!
لكن تناست نعمت شفيق المثيرة للجدل أن لا الارضية ولا النظام ولا الكادر الجامعي تنسحب عليهم مثل تلك الأحكام الجائرة!!