أيُعقَلُ أن نكون.. النانة شيخنا محمد الأغظف

أيُعقَلُ أن نكون عبرنا المَهامِهَ والبراري، وتَسلَّقْنا شامخاتِ الجبال، كي نحصد في نهاية المطاف أحلاما موءودة وذاكرة مفقودة؟

أيمكن أن يكون الأفق القاتم الذي كان في الأمس القريب مشعا متلألئا، قد خَفَتَ ضياؤُه وهوى إلى الأسفل؟

أفَيَتَأتَّى أن يُسلِّم النقاء الصافي نفسه يوما دون قتال للأيدي القذرة، وأن تطمح الخُرْدة الصدِئة أن تُلمِّع الإبْريزَ الخالص؟

أيةُ رزيةٍ حلَّت بنا، وأية خطيئة اقترفنا، كي تتربص بنا على الدوام انحداراتنا، واندثار الأشياء وانتظاراتنا؟

أوَ تكون السبل انقطعت بنا وطُويت ملاحمنا؟

وكم من طريق وعْر مملوء بالأشواك اعترض سيرورتنا العتيدة؟

ولأن السير يرسم معالم المسار؛ ابتدعنا ممرات سالكاتٍ على طول وعرض الطريق..

وكم سطرت أقدامنا من آثار على الدروب.. فعلى مر السنين تماهينا بأحلامنا مع الثريا أو يزيد! وأوَ لمْ تحيي موسيقى الكلمات الأمل البطولي في قلوبنا؟

لكن أيضا.. أولم يغدُ اليوم ذاك الأمل طريح الأديم، مُمْتَهَناً مُهانًا أمام ناظرينا، يذرف الدموع بين خطانا المختلطات؟

هل نتركُ نفَسه يخبو في قلوبنا، والارتكاس بنا القهقري إلى سبلنا الفائتات.. أم أننا غدونا في عصر المَعاتِيه الأدعياء الذين يريدون بغرائزهم الدنيئات محوَ كل أثر للسمو؟ إنهم في ذلك يلجؤون إلى أرذل الصنائع والعبارات اللئيمة، كملاذ أخير!

وإني أتساءل ههنا: من أجل أية مقاصد مخزية يراد إنزال العظمة إلى مهاوي الحضيض؟

وأية نفْس شريرة تريد منا أن نُرَكِّع الوطنيين الأشاوس، الذين شَبُّوا و شَابُوا في ظل السيوف؟

لقد بلغ السيل الزُّبَى وطفح الكيل.. فكفانا تسامحا وتساميا! فلْنُفْرِغ كل الأسى الذي في نفوسنا فقد آنَ أنْ يبكي ويَنْصَبَ حدَّ الإرهاق وينتهي!

آن لنا أن نرفع الرؤوس عاليا والأفق منفرج أمامنا!

ولنشجب الخطب الماكرات والوعود الكاذبات التي أصَمَّتْ آذاننا.. ولنقطع دابر كيد الأفَّاقين بأصواتنا المنثورة على طول طريق مجد وبقاء الوطن! ولنشدو بصوت عال: سبل الكرامة خلقت لتدوم والويل والثبور لمن لقطعها يروم!!