تواجه موريتانيا ظاهرة متكررة كل صيف تتمثل في اندلاع حرائق غابات، في ظل مناخها الجاف وتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية.
وبينما تبذل الحكومة جهودًا للحد من هذه الحرائق، يرى مراقبون، في أحاديث مع الأناضول، أن هناك حاجة إلى بذل مزيد من تلك الجهود، بما يشمل تعزيز الرقابة على الغابات.
ولا تتوفر أرقام دقيقة وشاملة للأضرار الناتجة عن حرائق الغابات في موريتانيا سنويًا، لكن مساحة غاباتها تراجعت بشكل هائل خلال العقود الأربعة الماضية جراء أسباب عدة بينها الحرائق والقطع الجائر للأشجار وموجات الجفاف والتصحر.
إذ تحتضن موريتانيا حاليا نحو 30 غابة ممتدة على مساحة 47 ألفا و440 هكتارا (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) بعدما كانت مساحتها تفوق 15 مليون هكتار عام 1982، وفق أرقام لوزارة المالية في هذا البلد العربي الواقع غرب إفريقيا.
وبذلك، باتت الغابات تمثل نحو 0.3 بالمئة فقط من إجمالي مساحة البلاد المقدرة بنحو مليون و30 ألف كيلومتر مربع.
** خطة الحكومة
من جانبها، تعد الحكومة الموريتانية في كل عام خطة للحد من حرائق الغابات من أجل حماية ما تبقى من تلك الغابات.
في العام الجاري، تضمنت هذه الخطة صيانة أكثر من 6 آلاف و200 كيلومتر من مصدات النار بالغابات، وهي عبارة عن مناطق تم إزالة المواد القابلة للاشتعال منها لمنع انتشار حرائق الغابات.
كما ستقوم الحكومة، وفق الخطة، بشق 1050 كيلومترا جديدة من هذه المصدات، فيما سيتولى سكان محليون عبر طرق تقليدية بشق 1000 كيلومتر أخرى بعموم ولايات البلاد.
كذلك، تتضمن الخطة "دعم جهود السكان المحليين في إطفاء الحرائق من خلال توفير بعض أدوات ولوازم الإطفاء من أحذية وأقنعة وحاويات مياه محمولة على السيارات".
وتركز الخطة، أيضًا، على تعبئة وتوعية السكان بخطورة حرائق الغابات، وسبل تفادي وقوعها.
** انتقادات
بدوره، يرى الصحفي المهتم بشؤون البيئة أطول عمر ولد محمد، أن خطط الحكومة للتصدي لحرائق الغابات والمراعي "تظل ضعيفة".
وفي هذا الصدد، يحذر ولد محمد، في حديث مع الأناضول، من أن اتساع مساحة التصحر في البلاد، الذي يعتبر أحد أسباب تراجع مساحات الغابات، يُنذر بمخاطر عديدة بينها "زيادة معدلات الفقر والنزاعات" على أماكن الرعي، مؤكدا أن إشكالية التصحر من المعضلات التنموية في موريتانيا.
وتسببت موجات الجفاف التي شهدتها موريتانيا خلال السنوات الماضية، في اختفاء غابات شاسعة، وارتفاع مستوى التصحر إلى نحو 85 بالمئة من مساحة البلاد.
على النحو ذاته، يرى رئيس منظمة "الشاطئ النظيف" (غير حكومية مهتمة بقضايا البيئة) محمد محمود ولد داهي، أن تقلص مساحات الغابات وارتفاع مستوى التصحر يؤكدان الحاجة الملحة إلى اهتمام حكومي خاص بملف البيئة.
ويشدد ولد داهي، في حديث مع الأناضول، على ضرورة "رفع وعي السكان المحليين بقضايا البيئة، بما يشمل توعيتهم بخطورة قطع الغابات، وضرورة المحافظة على المراعي الطبيعية".
كما يؤكد أهمية تعزيز الرقابة على الغابات لمنع عمليات قطع الأشجار.
** مخاطر محدقة
ويرى خبراء أن اختفاء الغابات واتساع الأراضي الصحراوية يزيدان معدلات الفقر في البلاد، ويؤثران سلبا في توفر الغذاء ومصادر الطاقة، ويؤديان إلى زيادة هجرة السكان والنزاعات على أماكن الرعي.
وبدأت موجات الجفاف غير المسبوقة بموريتانيا في ثمانينيات القرن الماضي، ما أدى إلى اختفاء مساحات شاسعة من الغابات والمراعي واتساع الأراضي الصحراوية، وتغير معالم قرى ومناطق بأسرها.
ودفعت موجات الجفاف المتتالية تلك العديد من السكان الذين يعتمد كثيرون منهم على تربية المواشي، إلى هجرة قراهم نحو المدن، خصوصا العاصمة نواكشوط والعاصمة الاقتصادية نواذيبو، بحثا عن فرص عمل أو مساعدات حكومية.
فالمتضرر الأكبر هو قطاع الثروة الحيوانية الذي يُقدر بأكثر من 30 مليون رأس، تشمل حوالي 1.5 مليون رأس من الإبل، ومليوني رأس من الأبقار، ونحو 27 مليون رأس من الماعز والضأن.
ووفقًا لتصريحات وزير التنمية الحيوانية أحمديت ولد الشين، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، يساهم قطاع التنمية الحيوانية بنحو 10في المئة من الناتج المحلي الخام ويوفر 11 في المئة من العمالة الوطنية.
ويشير مزارعون إلى أن الجفاف وزحف الرمال وندرة المياه تهدد أيضًا واحات النخيل بالاختفاء، خاصة في ولاية آدرار شمال البلاد، حيث يقدر عدد النخيل هناك بنحو مليون ومئتي ألف نخلة، منتشرة على مساحة قدرها 5673 هكتارا.
وتعتمد آلاف الأسر الموريتانية في معيشتها على عائدات واحات النخيل من خلال بيع التمور، إذ يصل سعر الكيلوغرام الواحد منها إلى نحو 1.5 دولار.
وتؤكد الحكومة أن التصحر وزحف الرمال هما من أهم المشكلات البيئية التي تواجه موريتانيا، ما جعل كثيرا من المشاريع التي تنفذها السلطات تركز على محاربة التصحر، وفقا لتصريحات مسؤولين حكوميين.
وكالة الأناضول