طالب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الأربعاء 19 يونيو 2024، جميع شركائه في الائتلاف الحكومي بـ"التعقل وضبط النفس"، فيما شهدت الثمانية وأربعين ساعة الأخيرة تبادلاً للاتهامات، وتهديداً بالانسحاب من الحكومة وحلها، وأخيراً بوادر تمرد داخل وزراء حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو.
حيث خاطب نتنياهو شركاءه بالقول إن الوقت ليس مناسباً للتشريعات التي تعرّض الائتلاف الحكومي للخطر، وذلك في كلمة مصوّرة بثها عبر حسابه على منصة إكس، في وقت يشهد فيه الائتلاف الحكومي انقسامات حادة بخصوص مشروعي قانوني "التجنيد" و"تعيين الحاخامات".
وقال نتنياهو: "نحن في حالة حرب على عدة جبهات، ونواجه تحديات كبيرة وقرارات صعبة، لذلك أطالب بشدة جميع شركاء الائتلاف بضبط النفس".
واعتبر أن "هذا ليس الوقت المناسب للسياسات الضيقة، وليس هذا الوقت المناسب للتشريعات التي تعرض التحالف الذي يقاتل من أجل النصر على أعدائنا للخطر".
وتابع: "علينا جميعاً أن نركز فقط على المهام التي أمامنا: هزيمة حماس، وإعادة جميع مختطفينا (الأسرى في غزة)، وإعادة سكاننا سالمين إلى منازلهم في الشمال (على حدود لبنان)، والجنوب (بمحاذاة شمال غزة) على السواء".
وختم بمطالبة الجميع أن "يضعوا جانباً كل الاعتبارات الأخرى، وأن ينحّوا أي مصلحة جانبية، وأن نقف كرجل واحد معاً خلف جنودنا"، وفق تعبيره.
الشرارة التي أطلقت كرة الثلج
والثلاثاء، سحب نتنياهو مشروع "قانون الحاخامات" من جدول الأعمال قبل التصويت عليه في الكنيست بالقراءة الأولى، بدعوى عدم وجود أغلبية لصالحه.
وينص مشروع القانون على نقل صلاحيات تعيين الحاخامات في المدن من السلطات المحلية إلى وزارة الأديان التي يتولاها موشيه ملخيئيلي (من حزب شاس الديني).
ويواجه مشروع القانون انتقادات واسعة ورفضاً حتى من أحزاب في الائتلاف الحكومة، إذ يرى المنتقدون أن هذا القانون مصمم على مقياس حزب "شاس"، وسيمنحه الفرصة للسيطرة على مراكز دينية مهمة في الدولة.
من جانبه، قال حزب "شاس"، الشريك في الائتلاف الحكومي، إن الحل الكامل للحكومة هو مسألة وقت، وذلك عقب سحب نتنياهو مشروع "قانون الحاخامات".
صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أكدت، الأربعاء، أن زعيم "شاس" أرييه درعي، قال لنتنياهو في محادثة بينهما وُصفت بالصعبة: "أنت فقدت السيطرة على الائتلاف، منذ قيام الدولة لم تكن هناك حكومة سيئة كهذه بالنسبة إلى الحريديم".
من جانبها، نقلت هيئة البث الرسمية عن مسؤولين في "شاس" لم تسمّهم، قولهم بشأن إلغاء التصويت على "قانون تعيين الحاخامات": لا ائتلاف، ولا انضباط.. إن حل الائتلاف بالكامل هو مسألة وقت فقط".
ويضم الائتلاف الحكومي الحالي حزبي "شاش" (11 مقعداً من أصل 120 بالكنيست) و"يهدوت هتوراه" (7 مقاعد) الحريديم.
نتنياهو وبن غفير وسط المسرح
في وسط ذلك، تبادل حزبا الليكود بقيادة نتنياهو و"القوة اليهودية" بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير اتهامات بـ"تسريب أسرار الدولة".
حزب الليكود في بيانه قال إنه "من يريد أن يكون في فريق المشاورات الأمنية، عليه أن يثبت أنه لا يسرب أسرار الدولة"، في إشارة إلى طلب بن غفير الانضمام إلى مجلس حرب الاحتلال بعد انسحاب بيني غانتس منه.
عقب ذلك، سارع حزب "القوة اليهودية" بالرد أنه يدعم قانون كشف الكذب لأعضاء الحكومة، داعياً نتنياهو إلى الترويج له بسرعة، بشرط أن ينطبق أيضاً على أصحاب أجهزة تنظيم ضربات القلب.
وكان "القوة اليهودية" يشير بذلك إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي خضع قبل عدة أشهر لعملية جراحية، تم فيها وضع جهاز تنظيم ضربات قلب في صدره.
كما طالب حزب بن غفير بإجراء تحقيق في كيفية تسريب المواد من المجلس السياسي والأمني المصغر "الكابينت".
وسبق أن طرح نتنياهو مشروع قانون لإخضاع الوزراء لجهاز كشف الكذب، لوقف التسريبات، ولكن لم يتم تمريره.
وتعقيباً على التراشق بين "الليكود" و"القوة اليهودية"، قال حزب "الوحدة الوطنية" الذي يقوده الوزير السابق بيني غانتس في بيان: "أي شخص يعتقد أن هناك وزيراً يسرب أسرار الدولة لا يمنحه السيطرة على الشرطة الإسرائيلية وعضوية مجلس الوزراء (في إشارة إلى بن غفير)".
تمرد داخل الليكود نفسه
ولكن بذور الازمة لم تقف عند هذا الحد بل وصلت إلى داخل حزب الليكود، حيث أبلغ وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات بأنه سيعارض مع أعضاء آخرين من حزب الليكود قانون التجنيد بشكله الحالي.
جاء ذلك في بيان نشره بركات وهو أحد أقطاب حزب الليكود (32 مقعداً من أصل 120 بالكنيست) برئاسة نتنياهو، على حسابه بمنصة "إكس".
والأسبوع الماضي، صوّت الكنيست خلال جلسة عامة، لمصلحة إحياء مشروع قانون للتجنيد تم طرحه خلال فترة البرلمان السابق، ويمنح اليهود المتدينين (الحريديم) "استثناءات" تخص الخدمة العسكرية.
وقال بركات: "أبلغت رئيس الوزراء بعد التصويت الفني بأنني سأعارض قانون التجنيد بشكله الحالي في التصويتات التالية، إلى جانب أعضاء كنيست آخرين من الحزب".
وأضاف: "من أجل كسب الحرب، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى مزيد من الجنود. دون النصر في المعركة، لن يكون هناك بلد ولا توراة".
والأحد، قال رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، إن تجنيد اليهود المتدينين "الحريديم" في الجيش، أصبح "ضرورة ملحّة".
واعتبر هاليفي خلال مؤتمر صحفي أن "تجنيد اليهود المتدينين في الجيش أصبح حاجة ملحّة، ولهذا السبب نشجع ذلك بقوة ونريد أن نفعل ذلك بشكل صحيح".
وأضاف: "كل كتيبة يهودية متدينة ننشئها ستوفر علينا تجنيد الآلاف من جنود الاحتياط".
وفي 11 يونيو/حزيران، صوّت الكنيست بأغلبية 63 عضواً مقابل معارضة 57، على مشروع قانون تجنيد الحريديم بصيغته الحالية والذي يمنح اليهود المتدينين إعفاء من الخدمة العسكرية.
ويتضمن المشروع خفض سن الإعفاء من التجنيد لـ"الحريديم" إلى 21 عاماً (حالياً 26).
ومن المقرر بعد بحث التشريع في لجنة الخارجية والأمن بالكنيست طرحه للقراءتين الثانية والثالثة الضرورتين ليصبح قانوناً نافداً.
وجرى اقتراح مشروع القانون عام 2021 للمرة الأولى من قبل الحكومة بقيادة نفتالي بينيت، وتم تمريره في الكنيست بالقراءة الأولى عام 2022، لكن حل الكنيست لإجراء الانتخابات في العام نفسه، حال دون إحالته إلى القراءات النهائية.
وعلى مدى عقود تمكن الشبان الحريديم من تجنب أداء الخدمة العسكرية من خلال الالتحاق بالمدارس الدينية لدراسة التوراة والحصول على تأجيلات متكررة للخدمة حتى وصولهم إلى سن الإعفاء العسكري.
خسائر الاحتلال تنكشف
يأتي ذلك فيما كشفت قناة إسرائيلية، الثلاثاء، أن عدد المعاقين من جيش الاحتلال تجاوز 70 ألفاً لأول مرة، بينهم 8663 أصيبوا بعد بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
بحسب القناة السابعة، فإن عدد الجنود المعاقين الذين يتلقون العلاج في أقسام إعادة التأهيل التابعة لوزارة الجيش تجاوز 70 ألفاً، بعد انضمام 8663 جريحاً منذ الحرب (والباقون في حروب سابقة).
كما أشارت إلى أن "35% من المصابين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعالجون من أمراض عقلية، مقابل 21% منهم إصاباتهم جسدية".
كما لفتت القناة إلى أن "قسم التأهيل في وزارة الجيش يستعد لاستقبال نحو 20 ألف جريح جديد منذ اندلاع الحرب وحتى نهاية عام 2024".
وتابعت: "تظهر البيانات المقدمة من المؤتمر الطبي الإسرائيلي أنه يتم إدخال أكثر من ألف جريح جديد من الرجال والنساء إلى الجناح كل شهر لتلقي العلاج".
ومنتصف أبريل الماضي اعترف جيش الاحتلال بـ"إعاقة" أكثر من 2000 جندي وشرطي وعنصر أمن، منذ بداية حربه على قطاع غزة، وفق ما نقله موقع "واللا" الإخباري العبري عن معهد السلامة والأمن التابع لوزارة العمل الإسرائيلية.
الموقع وقتها نوّه إلى أن "نسبة الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في النوم، ارتفعت من 18.7% الصيف الماضي، إلى 37.7% أي بزيادة 101%".
وأوضح أن "الإبلاغ عن المعاناة من ضغوط عالية ارتفع إلى 43.5% أثناء الحرب، بزيادة نحو 78%".
يشار إلى أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشن دولة الاحتلال حرباً مدمرة على غزة بدعم أمريكي مطلق، خلفت أكثر من 122 ألف شهيد وجريح فلسطيني، ما أدخل تل أبيب في عزلة دولية وتسبب بملاحقتها قضائياً أمام محكمة العدل الدولية.
نقلا عن عربي بوست