دخلت السنيغال رسميا دائرة الدول المنتجة للهيدروكربونات مع انطلاف استخراج النفط من حقل "سانغومار" قبالة سواحل داكار. وفي غضون أشهر قليلة، ستبدأ السنيغال، بالتعاون مع موريتانيا، في استغلال حقل غازي ضخم في البحر.، فما هي الآثار المحتملة لذلك على الاقتصاد السنيغالي؟ وكيف ينبغي للحكومة إدارة الإيرادات الناتجة عن انتاجها للهيدروكربونات؟.
مدير الأبحاث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) والمتخصص في شؤون الهيدروكربونات فرانسيس بيرين يجيب عن هذه التساؤلات:
حدث اقتصادي كبير
يعتبر فرانسيس بيرين دخول السنيغال إلى مجموعة الدول المنتجة للنفط حدثا مهما ليس فقط للسنغال بل لكامل القارة الافريقية. فحقل سانغومار، الذي يقع على بعد حوالي 130 كلم، من داكار في عمق البحر، يعد اكتشافا مهما، فالشركة الأسترالية "وودسايد إنرجي" المسؤولة عن استغلال الحقل، تتوقع إنتاج حوالي 100 ألف برميل من النفط يوميا. ورغم أن هذا الرقم أقل بكثير من إنتاج نيجيريا أو السعودية، إلا أنه يعتبر إنجازا كبيرا للسنغال، ويعزز من مكانتها كدولة منتجة للطاقة.
آفاق مستقبلية واعدة
لا يتوقف الأمر عند حقل سانغومار، بل إن السنيغال تمتلك إمكانيات كبيرة في مجال الهيدروكربونات، خاصة الغاز. وتشارك السنغال مع موريتانيا في حقل غازي ضخم في البحر، ومن المتوقع أن يبدأ استغلاله قريبا. يشير بيرين إلى أن أوروبا، في ظل سعيها للتحرر من الاعتماد على الغاز الروسي، بدأت تتجه نحو مصادر بديلة مثل قطر وأمريكا الشمالية، وأيضا أفريقيا، مما يضع السنغال في موقع استراتيجي كمصدر محتمل للغاز غلى أوروبا.
تأثيرات اقتصادية متوقعة
يتوقع أن يجلب حقل سانغومار للسنغال إيرادات تقدر بمليار يورو سنويا على مدى 30 سنة، وقد يبدو هذا الرقم قليلا لكنه يمثل تحولا حقيقيا في قدرات الدولة المالية. فهذه الإيرادات ستعزز من قدرة الحكومة على تمويل مشروعات التنمية والبنية التحتية، مما سيؤدي إلى تحسن ملحوظ في مستوى معيشة السكان.
إدارة الإيرادات بذكاء
ينصح بيرين الحكومة السنغالية بتجنب ما يسمى بـ"لعنة النفط"، التي عانت منها دول أخرى نتيجة سوء إدارة الإيرادات النفطية وما يصاحبها من فساد وتضخم. بدلا من ذلك، يمكن للسنغال الاستفادة من تجارب دول أخرى مثل النرويج التي تستخدم إيرادات النفط لصالح الأجيال القادمة من خلال صندوق سيادي.
لكن بالنظر إلى وضع السنيغال كدولة نامية، فإن استخدام الإيرادات لتحسين البنية التحتية وتلبية احتياجات السكان الفورية هو أمر ضروري.
بناء قطاع وطني قوي
يؤكد بيرين ضرورة تطوير قطاع وطني قوي في مجال الهيدروكربونات، مما يتطلب تدريب المهندسين والعمال المحليين، وتأسيس شركات وطنية قادرة على المشاركة بفعالية في هذا القطاع.
تأسيس معهد وطني للبترول كان خطوة في هذا الاتجاه، لكن ما زال هناك الكثير مما يجب عمله لتحقيق الاعتماد الكامل على الكفاءات الوطنية.
إعادة التفاوض على العقود
يشير بيرين إلى أن الحكومة الجديدة في السنغال تسعى لإعادة التفاوض على العقود مع الشركات الكبرى العاملة في قطاع النفط والغاز، مثل "وودسايد إنرجي" و"BP". ومع ذلك، فإن فرص النجاح في إعادة التفاوض محدودة نظرا للاستثمارات الضخمة التي قامت بها هذه الشركات، مما يجعل من الصعب تغيير الشروط التعاقدية في هذه المرحلة.
تواجه السنغال فرصة ذهبية لتحقيق نقلة نوعية في اقتصادها من خلال استغلال مواردها الهيدروكربونية بذكاء . لتحقيق ذلك، يجب على الحكومة الاستثمار في البنية التحتية، وتطوير الكفاءات الوطنية، وإدارة الإيرادات بشفافية وفعالية لضمان استفادة جميع المواطنين من هذه الثروة.
أصل الخبر
https://information.tv5monde.com/afrique/comment-le-senegal-doit-il-depe...'exploitation%20de,de%20ce%20march%C3%A9%20si%20strat%C3%A9gique.