لا افهم هذا الاصرار على الزيارات التي طمعنا أن تكون إدارية بحتة فوجدناها موغلة في الكرنفالية كما في سابق حالها: فهي معيبة من أوجه عدة:
- انها لا تحصل بصفة التفقد المفاجئ لاختبار المسؤولين المحليين ووالاطلاع الفني على أداء القطاعات بافرعها العاملة داخليا؛ وهذا هو أصل الغرض منها ولا يمنع ذلك أن تحصل زيارات مرتبة لكن استثناء لا قاعدة؛ فالأصل أن الرئيس يتفقد حالا في ميدانه ولذلك تتأكد أهمية المبادرة للزيارة دون ابلاغ للمَزورين وتحقيق بعض المفاجأة وتأكيد معنى المساءلة أمام الجمهور.
- انها لا يحصل منه الاتصال المباشر العفوي مع الساكنة؛ فالمتدخلون يمرون بفلترة دقيقة ويزاحمهم الرسميون من الولاية في الزمان المكان والاستقبال
- انها غالبا لا يظهر لها نتائج منطقية سريعة كملاحظة خلل (ولن تخلو زيارات من أكثر من خلل ملاحظ) أو اقالة مسؤول او تدبير شأن بدا انه استعجالي بمنطق السكان لا الرسميين (الرسميون لا يريدون ظهور نواقص اصلا)
- انها تكلف خزينة الدولة ما لو وضع في مشاريع صغيرة لكفى بضع عشرات من الأسر
- انها تعطل اوجه الحياة الخدمية في بعض مفاصلها لأن كل مسؤول يريد ان يسجل حضورا بصريا وصوتيا وقبليا وتلفزيا لاحقا امام الرئيس
الأوْلى ان تكون مفاجئة وأن تكون قصدا لدار الوالي رأسا ثم الحكام وان تكون ":تفتيشا رئاسيا" لا نقاهة تغيير جو واستماع لكلام مفلتر والصمت على مسؤولين باردين اجلودهم يعلمون ان الموكب سيسير في خط لا يحرجهم وانهم منحوا وقتا لمكيجة سريعة ظاهرية (تذكرون منذ سوات كيف أن مسؤولا، خلال إحدى الزيارات الرئاسية الداخلية، عمد إلى صباغة أحد جدران مبنى مهترئ البنية، فعل ذلك دون طلاء بقية المبنى لأنه لم يسعفه الوقت ): طبعا الجانب المصبوغ هو المواجه لمرور الموكب العابر.
من طرائف الزيارات وكونها عامرة عادة بالتزييف وتغييب لسان الساكنة المحليين ماحدث للرئيس هيدالة (شفاه الله وعافاه) مع والي ولاية نهرية وما حصل للرئيس المختار رحمه الله مع حاكم (اظنه في بتلميت)
الرئيس هيدالة زار الولاية دون مقدمات ابروتوكولية (وكان يفعل ذلك وهو من محامده) فعلم الوالي بعد ان ورد خبر رؤية الموكب البسيط حينها وكان - اي الوالي - بعيدا عن مقر عمله وفي حفل وزيه فاخر لكن ذهنه كان مرتبا بذكاء؛ فبادر بأمر سائقه ان ياخذه الى اقرب بقعة بها طين وماء كدر - وكان الموسم خريفا - ففعل فنزل الرجل بثيابه الفاخرة في الطين (اتمرغ فيه هاك) وانطلق بسرعة الى مقر الولاية؛ وكان هيدالة قد وصل فدخل الوالي في هيئته تلك مبادرا انه كان في نجدة بعض الساكنة عانوا من الامطار والسيول . ؤمشي الحال وقتها
اما المختار رحمة الله عليه فقد حدث ان بدأ الكلام في احدى زيارته حاكمٌ بالغ في الحديث عن تمام الحال ورخاء الناس وأنه قد حُفر في ذلك النطاق من الريف العديدُ من الآبار للسقاية. الخ. فلما انهى، طلب احد الحاضرين من الجهة ان يؤذن له بالكلام، فأذن له. وفق الرجل مباشرة موجها كلامه للمختار : السيد الرئيس، آن بعد طالبكم ؤراجيكم عنكم تمشو بيان شور اعمق واحد من ذو الحسيان الل كن السيد الحاكم يحدثكم عنها ؤتزركوني فيه!
قيل يومها ان المختار انتابته نوبة ضحك هسيتيرية وان الحاكم طافه بعض ماء الآبار تلك عرقا من شدة الحرج.
#إلذاك