الذكرى المئوية لقيام الحزب الشيوعي الصيني

في الذكرى المئوية لقيام الحزب الشيوعي الصيني، وبغض النظر عن الاختلاف الفكري والإيديولوجي مع هذا الحزب، فإنه لا مناكرة في أن هذا الحزب برغم كل ما يمكن أن يوجه إليه خصومه وخصوم الصين من نقد قد نقل الصين من دولة من أفقر دول العالم وأكثرها تخلفا إلى قوة عالمية عظمى وثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما أن قدرة هذا الحزب على صياغة التحولات الكبرى داخل الصين وفي علاقاتها بالعالم أمر لافت، فهذا الحزب الذي حكم الصين وفق رؤية ماوية صدامية دفع الصينيون عشرات ملايين الضحايا ثمنا لها من خلال برامج البناء العسكري والتحول الصناعي والثورة الثقافية، والذي توقع الكثيرون انهياره بموت ماو، هو نفسه الحزب الذي الذي قاد به من عزلته ومعتكفه الزعيم دينغ شياو بينغ (خصم ماو تسي تونغ وسجينه) سياسات الإنفتاح واقتصاد السوق وفق نبوءته أو خطته للصين 2028، والتي حققت أهدافها منذ سنوات قبل موعدها.
وهو نفسه الحزب الذي من خلاله تتحرك صين شي جي بينغ ودون صعوبات كبيرة باتجاه قيادة العالم أو فرض تعددية القيادة وبناء أقطاب دولية تزيح تفرد الولايات المتحدة بزعامة العالم، رغم ما يتطلبه ذلك من تحولات أخرى تتجاوز تحقيق القوة الاقتصادية والعسكرية إلى بناء منظومة فكرية قابلة للتسويق خصوصا في مجال الحريات وحقوق الإنسان والانحياز للدول الفقيرة، وتتجاوز ببدائلها الثغرات والأخطاء في منظومة العالم الحر.
إن أفضل درس تقدمه لنا الصين اليوم، ومن تجربة قرن من العمل السياسي، هو القدرة على صياغة التحولات ومنهجية العبور الآمن.