قراءات سريعة في خطاب افتتاح الحملة الانتخابية (10)- محمد الأمين الفاضل

" الأمن خط أحمر، لا يمكن التهاون بشأنه."
المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب افتتاح الحملة (نواكشوط 14 يونيو 2024).

كما قلتها سابقا، فإني أكررها الآن، إن الأمن والاستقرار بالنسبة للدول لا يمكن أن يُشبَّه أو يُقاس إلا بالصحة بالنسبة للأفراد، فالشخص عندما يمرض ينسى كل شيء، وتصبح كل النعم العظيمة الأخرى بلا قيمة عنده، ويكون شغله الشاغل هو أن يُشفى من مرضه ويستعيد صحته، وهو عندما يُشفى من مرضه، ينسى نعمة الصحة تماما، ولا يقدر قيمتها ولا يذكرها، ولذا فقد قيل إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.

 والشيء ذاته يمكن أن نقوله عن الأمن والاستقرار بالنسبة للدول، فالمواطن في الدول الآمنة والمستقرة قد لا يقدر قيمة الأمن، وقد لا يعتبر تحقيق هذا الأمن إنجازا يستحق أن يذكر، ولكنه عندما يفقد الأمن والاستقرار في بلده، فإنه سينسى كل مطالبه الملحة الأخرى، ويصبح شغله الشاغل يبدأ وينتهي باستعادة بلده لنعتمي الأمن والاستقرار، ولتذهب بقية المطالب الملحة الأخرى إلى الجحيم، فما أهمية الديمقراطية ومحاربة الفساد وتخفيض الأسعار في بلد غير آمن وغير مستقر؟ 

إن الأمن والاستقرار هما بمثابة تاج على رؤوس الدول الآمنة، لا تراه إلا الدول التي تعاني من الفتن والحروب الأهلية، وإذا أردتم أن تتأكدوا من ذلك، فيمكنكم أن تسألوا دولة مجاورة لنا لتؤكد لكم دقته وصحته.

إن من يُتابع خطابات المترشحين للانتخابات الرئاسية، سيلاحظ أن القاسم المشترك بين ستة منهم، هو غياب أي حديث عن الأمن والاستقرار، وربما يعود سبب ذلك الغياب إلى واحد من أمرين:

الأول: أن يكون أولئك المترشحين لا يُقَدِّرون قيمة الأمن والاستقرار ولذلك فقد غاب الحديث عنهما في خطاباتهم خلال الحملة؛
الثاني: أنهم على قناعة تامة بأنهم غير قادرين ـ إن هم انتُخِبوا ـ على توفير الأمن في بلد شاسع المساحة، تحيط به دول غير مستقرة، ولذا فهم يتجنبون الحديث عن هذا الملف الذي يعلمون أنه يشكل واحدة من أبرز نقاط ضعفهم.

بالفعل، فإن توفير الأمن والاستقرار لبلدنا يشكل واحدة من أبرز نقاط ضعف منافسي المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني، ويمكن القول ـ وبكل موضوعية ـ بأن التصويت لأحد أولئك المترشحين، في ظل هذه الظرفية الأمنية البالغة التعقيد التي تمر بها المنطقة، يعني بلغة انتخابية صريحة وفصيحة، التصويت لعدم الاستقرار في بلدنا. 

وعلى العكس من بقية المرشحين، فإن الحديث عن الأمن كان حاضرا في أغلب خطابات المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني، ففي مدينة النعمة أكد المرشح أنه قادر على حماية أقصى نقطة في بلادنا، وفي مدينة ألاك أكد أن بلدنا آمن ومستقر في محيط إقليمي وعالمي مضطرب، وفي مدينة أطار قال بأنه لا ينصح أي جهة داخلية أو خارجية بمحاولة اختبار ردة فعلنا في حال مُست حوزتنا الترابية، وفي مدينة ازويرات قال بأن بلدنا آمن ولله الحمد، وأنه قد أخذ لذلك كل الأسباب من خلال "تزويد قواتنا المسلحة وقوات أمننا بأسباب القوة الكافية، لضمان أمن مواطنينا وممتلكاتهم والحفاظ على الحوزة الترابية للوطن."

إنها رسالة فصيحة وصريحة موجهة إلى الداخل والخارج، مفادها أن موريتانيا قادرة على الدفاع عن حوزتها الترابية، وقادرة كذلك على حماية مواطنيها والدفاع عن ممتلكاتهم، ومن قبل هذه الرسالة أبْرِقت رسالة أخرى في العاشر من هذا الشهر، كانت أكثر وضوحا وأشد صراحة، وتمثلت تلك الرسالة في استعراض ترسانة متطورة من العتاد الحربي تم اقتناؤها مؤخرا في إطار تحديث هيكلة مختلف الجيوش، وهو تحديث أملته التحديات الجيوستراتيجية الراهنة في المنطقة وفي العالم.

وشملت هذه الترسانة الجديدة وحدات مدرعة ومدفعية ميدانية، ووحدات مضادة للدروع، وأخرى مضادة للطائرات، وطائرات ومحطات رادار،  ومسيرات استطلاع وهجوم ذات فعالية عالية جدا، قادرة على تغطية كامل الحوزة الترابية على مدار الساعة.

غزواني الخيار الآمن لمستقبل واعد. 
#منتدى24_29
حفظ الله موريتانيا..