استيراد حكومة وطواقم إدارية- أحمد ولد مولاي امحمد

قرر أخذ قسط من الراحة في سويسرا، حيث لا جالية تذكر هناك، واستغل الحيز الزمني الضيق، صحبة أحد المرافقين، للتفكير في آلية مختلفة لتسيير البلد والخروج به من عنق الزجاجة بعد "سنوات عجاف" كان ينوي خلالها تحقيق المستحيل لشعبه وبلده، لكنه وجد نفسه مكبلا بإرادة واقتراحات بطانة السوء التي غيبته عن الفعل والتأثير وتحكمت هي في كل شيء حتى اصطدم، بسببها، بأقرب خلصانه وتحول البلد في عهده إلى "بورصة صفقات" للنافذين وذلك على حساب شعب مطحون مغبون ومظلوم ومحروم من خيرات وطنه. حيث تحكم رجال المال والأعمال واستفحل ثراؤهم على حساب المواطن.
قال لرفيق رحلته الخاصة: التقيت برئيس رواندا و أردت الاستفادة من تجربته في تطوير بلده من بلد عانى ويلات الحروب الأهلية إلى بلد ثري متماسك يغزو الفضاء، لكن البطانة لم تسمح لي بالانفراد به والاستماع إليه كما أريد، والعرف البروتوكولي لا يسمح لرئيس منفرد بأداء زيارة عمل لبلد آخر.
يواصل الرئيس: فكرت في لقاء مهاتير محمد لأستفيد من تجربته الرائدة لكن "الظروف" لم تسمح، ولكنني قررت استيراد مجلس وزراء من بلدان تحترم القانون والمواطن، استمع إليه كل أسبوع واترك على عاتقه مهمة العمل كل حسب قطاعه، كما قررت استيراد مديرين لمؤسساتنا الكبرى مثل شركة اسنيم والموانئ وشركات إصلاح وصيانة الطرق وحتى الامناء العامون للوزارات.
نعم، يضيف الرئيس، ساستورد وزراء ومديري مؤسسات كبرى، وحتى مفتشي حسابات، وجميعهم من دول تحترم القانون ولا تصغي لغير القانون. فلا بد من إصلاح شامل للقضاء والإدارة والإعلام والتعليم والصحة، باختصار نحن بحاجة إلى إصلاح شامل و أول خطوة فيه هي انتقاء الوزراء وكبار المسؤولين الأجانب الذين سنتعاقد معهم للاستفادة من خبرتهم ويستحسن أن يكونوا من شرق آسيا.
مرافق الرئيس: بعد أيام فقط سيتعودون على ما نخشاه وسيتعرفون على البطانة ورجال الأعمال وباقي "الشلة" ممن شوهوا صورة البلد ووضعوه في الحضيض.
الرئيس: ابدا، لن اسمح بذلك، ساوقع معهم عقودا ملزمة يحصلون بموجبها على مستحقات معتبرة، وفي المقابل سيكون لزاما عليهم البقاء بمعزل عن كل الموريتانيين، وإذا أرادوا استجماما أو راحة داخل البلد سيتم ذلك تحت حراسة مشددة ويمنع حتى على من يحرسهم أن يقترب منهم او يكلمهم، وكل من يخدمونهم سيكونون من غير المواطنين. كما أننا سنعاقب كل مواطن يحاول ربط صلات بهم ولن تقل عقوبته عن خمس سنوات سجنا، أي مدة المأمورية كاملة.
المرافق: هل تعتقدون، أن هذا الإجراء سيحقق النتائج المرجوة؟
الرئيس: بالتأكيد. فخلال سنة واحدة ستلاحظون كيف تراجعت الأسعار إلى حدود النصف، وكيف ارتفعت الأجور 200بالمائة، وكيف تضاعفت مداخيل البلد وعائداته.
ستلاحظون التحسن الكبير، بل القفزة النوعية في خدمات الصحة والتعليم، والماء والكهرباء والطرق والنهضة العمرانية العملاقة.
للاسف، نحن بلد لا يمكنه الاستعانة بأغلب أبنائه بسبب استشراء الفساد والنفاق والتملق، والرشوة. لذلك سيتم إقصاء معظم الموظفين السامين واستبدالهم بآخرين لا سوابق لهم في سوء التسيير والنهب وبهذا سيكون بمقدورنا بناء دولة.
المرافق: وماذا عن كبار الضباط ونفوذهم؟
الرئيس: سننفذ ما يقرره وزير الدفاع المستورد والذي سيطلع على تفاصيل حياتهم الشخصية والمهنية وحتى السياسية، وبالتالي فإذا قرر استبدالهم فسيكون له ذلك. باختصار سننفذ ما يقرره أعضاء الحكومة الذين تعاقدنا معهم لإصلاح البلد وقبل انتهاء مدة العقد، أي ماموريتي بسنتين، سنقيم الأداء وسنقرر بعد ذلك.
المرافق: لنا تجربة سابقة لا بأس بها، فقد كان لكل وزير في الحكومة مستشار فرنسي او أكثر وكان الأداء افضل آنذاك وظروف المواطن افضل مما هي عليه.
الرئيس: نعم، هذه المرة سيكون الوزراء أجانب وهم من يقرر. حتى لو قرروا سجن جميع المسؤولين السابقين الذين يثبت تورطهم في عمليات فساد، حيث سنصادر ممتلكاتهم.
أحسست بيد فوق رأسي وإذا بصوت يقول لي: نحن على مشارف أذان الفجر فلا تفوتنك الرغيبة.
استيقظت، وتمنيت لو كانت هذه "رؤيا" وليست أضغاث أحلام وذلك لحاجة بلدنا الماسة للتغيير الجذري بعد معاناة طويلة مع الفساد والمفسدين.