ليس من اللائق على الإطلاق أن نتحدث عن تنصيب فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني دون أن نبارك له شخصيا و للوطن بصفة عامة .
وليس من الموضوعية بمكان أن نقيم خطاب التنصيب دون وصفه بالخطاب الرزين المطمئن للشعب خصوصا حين وصف الرئيس برنامجه الانتخابي بالعهد ، ورغم ذلك كان بإمكان الرئيس المعتاد على خطاب مواطنيه الأعزاء عبر منصات التواصل الاجتماعي أن يتطرق وهو يكلم الشعب مباشرة لموضوعين من صميم اهتمام الشارع الموريتاني .
الأمر الأول : يتعلق بموضوع الغاز المقبل وما يصاحبه من فرص وآفاق واعدة بإذن الله ، فقد توقع بيان لصندوق النقد الدولي ، نشره في موقع بلومبيرغ ، أنه في حال البدء في تصدير الغاز خلال العام 2024 ينتظر أن يقفز معدل النمو في موريتانيا من 5% العام الحالي ليتجاوز 14% عام 2025 .
مجرد هذه الأرقام كفيلة بأن تكون المحور الأساسي لخطاب التنصيب .
قديما قالت العرب " وما يوم حليمة بسر " كذلك موضوع مثل موضوع الغاز لا يمكن أن يكون هامشا على متن أولويات واهتمامات موريتانيا في المأمورية القادمة لذا فإن نازلة التكتم عليه
تثير كثيرا من الاسئلة في أذهان الحالمين بحقبة مزدهرة تتخللها ورشات بناء على كافة الأصعدة واستثمارات في مجالات شتى خصوصا في العنصر البشري .
المفارقة البارزة في الموضوع أن جارتنا السينغال تشهد ورشات وندوات وأحاديث حماسية عن الغاز في حين نتحدث عن مكافحة الفقر والتنمية البشرية بوسائل لاتشي أن أصحابها مقبلون على تصدير أول شحنة من الغاز المسال قريبا إن شاء الله .
الأمر الثاني وهو حديث ذو شجون يتعلق بنزيف الهجرة الذي طرق أبواب معظم الأسر الموريتانية فما من بيت موريتاني إلا وأصبح يعرف أسماء غابات المكسيك ونيكارغوا و مدنهما الحدودية و ما من شاب موريتاني أو كهل إلا وقد راوده حلم الهجرة في الفترة الأخيرة .
بالطبع أنا لست ضد الهجرة ولكني ضد نزيف الهجرة وضد فكرة الوطن الطارد ، لذا كنت أتوقع من فخافة الرئيس عند حديثه عن الشباب أن يتحدث عن موضوع نزيف الهجرة وعن الوطن المحتضن الذي يفتح دائما ذراعيه لعودة شبابه وعن خطط لربط المهاجرين بأوطانهم من خلال تسهيل معاملاتهم في الوطن الأم وتسهيل امتلاكهم للقطع الأرضية في موريتانيا وربما افتتاح أقسام من المدرسة الجمهورية في الدول التي توجد بها جاليات موريتانية معتبرة
طبعا أنا أعي جيدا أن خطاب التنصيب ليس خطابا انتخابيا وأن وقته محدود بصرامة البروتكول ومراسم الحفل ووقت الضيوف لكن دقائق لا تتجاوز الثلاثة يتفاءل فيها الشعب الموريتاني بموضوع الغاز ويحس خلالها الآباء والأمهات أن الرئيس يدرك مدى حجم معانتهم من فراق فلذات أكبادهم ، لهي دقائق تستحق أن يخرق خلالها البروتكول .