يحكى أنّ إحدى القبائل المعروفة بالأدب و الظرافة عزمت ذات يوم على ذبح سلحفاة. أخذوا يراقبونها عن كثب. وعندما أيقنوا أنها خرجت رأسها من القَوقَعة، قفز أحدهم بسكين وذبحها. وبعد لحظات قليلة، فوجئت الجماعة بالسلحفاة تسير على راحتها. قالوا لها: امشِ حتّ يغير فم شرطه.
تذكرت هذه الحكاية وأنا أنظر إلى المشهد. وعادت بي الذاكرة إلى يوم قرر البرلمان الموريتاني ذبح الفساد. فشكل لجنة تحقيق من كل الأطراف السياسية، وأعطاها الصلاحيات الكافية، ومدّها بالمال والرجال. وتسلحت اللجنة بسكين القانون والبحث والمتابعة. وقامت بما يمكن القيام به. وتم استجواب مئات الرجال من وزراء ومديرين ورجال أعمال في قطاعات مختلفة حتى أيقنت أن الفساد أخرج رأسه من القَوقَعة، قفزت بسكين العدالة وضربته.. لتتفاجأ بعد ذلك بجميع المشتبه بهم - إلا 1 - يمشون على راحتهم ويرتقون في سلم الدولة .. ولسان حالها يقول: امشوا حتّ، يغير فم شرطه.