إنه الوزير الأول الأنسب للمرحلة- محمد الأمين الفاضل

يمكن القول بناءً على العديد من المعطيات بأن اختيار مدير الديوان السابق وزيرا أولَ للمأمورية الثانية كان اختيارا موفقا لجملة من الأمور نذكر منها تحديدا :
1 ـ  المسار المهني والسياسي الناجح لمعالي الوزير الأول المختار ولد اجاي، فهو كان قد نجح في إدارة الضرائب، والتي كانت يوم تعيينه مديرا لها في حالة يرثى لها، وقاد من بعد ذلك إصلاحا عميقا في وزارة المالية، وكذلك في وزارة الاقتصاد، وتمكن من بعد ذلك كله، وفي فترة وجيزة من إخراج اسنيم من وضعية صعبة كانت تعيشها في تلك الفترة. يُضاف إلى الخبرة الإدارية خبرته في مجال العمل السياسي، وقد أثبت كفاءته خلال الانتخابات التشريعية الماضية حيث انتزع العاصمة نواكشوط من قبضة المعارضة. يمكن أن نضيف إلى كل ذلك قربه من فخامة رئيس الجمهورية، وهو القرب الذي تعزز أكثر خلال فترة توليه للديوان؛
2 ـ أن بإمكانه أن يبدأ من أول يوم في العمل على تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية (طموحي للوطن)، وخاصة الملفات التي شكلت عناوين كبرى في البرنامج. إن المأمورية الثانية ليست كالمأمورية الأولى، فليس من المقبول أن نُضيع منها يوما واحدا، وليس من المقبول إطلاقا أن نشتغل بنفس وتيرة البطء التي طبعت العمل الحكومي في المأمورية الأولى، والراجح أن الوزير الأول الحالي سيبدأ تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية من أول يوم من تشكيل الحكومة، وبوتيرة متسارعة، ويمكننا أن نراهن عليه في إرسال رسائل إيجابية للمواطن الموريتاني خلال المائة يوم الأولى من المأمورية الثانية؛
3 ـ بالإضافة إلى أن تعيينه يخرجنا من التوازنات التقليدية في التعيينات، وتلك رسالة مهمة من فخامة الرئيس فإنه أيضا يجسد أحد أهم الشعارات في برنامج فخامة رئيس الجمهورية. صحيح أنه لم يعد شابا، ولكنه في المقابل لم يبتعد عمريا من مرحلة الشباب، ثم إنه - وهذا هو الأهم - لم يصل إلى ما وصل إليه بفضل عائلة تتوارث الوظائف في الدولة، ولا بفضل استنفار قبيلة أو شريحة، بل وصل إليه من خلال قدراته الذاتية وعصاميته، وهذا هو خير نموذج يمكن أن يقدم للشباب في مأمورية الشباب.
يبقى  من الضروري أن أسجل في هذه النقطة ملاحظة سلبية مفادها أن مأمورية الشباب لا تعني فقط الاهتمام بالملفات التي تعني الشباب كالبطالة مثلا، أو ضخ دماء جديدة في الإدارة، فهي تعني كذلك الابتعاد عن المظاهر غير الشبابية في تسيير شؤون البلد، ولذا فقد كنتُ أتوقع من معالي الوزير الأول أن يبحث عن طريقة ما لوقف ذلك التزاحم الذي شاهدناه في منزله بعد التعيين، فتلك المظاهر التقليدية وغير الشبابية لا تليق بأن تكون فاتحة لمأمورية الشباب. صحيح أنه ليس من المناسب أن تطرد الناس من منزلك عندما يتزاحمون عليك مهنئين، ولكن الصحيح أيضا أنه من المهم أن يتخذ الوزير الأول إجراءات عملية لوقف هذه المظاهر غير اللائقة، ويسن بذلك سنة حسنة، وهو يمتلك قطعا ما يكفي من الشجاعة والجرأة للقيام بذلك.
إن التهانئ يمكن أن تقدم بالهاتف، ويمكن للأصدقاء المقربين جدا أن يقدموها من خلال الاتصال المباشر، ولكن بوقار واحترام؛
4 ـ  لا يمكن في هذا المقام إلا أن أتحدث عن الانتقادات التي توجه لمعالي الوزير الأول، وهي انتقادات قد لا تكون وجيهة في بعض الأحيان، وقد يبالغ فيها في أحايين أخرى.
كنا في المعارضة في فترة العشرية ننتقد معالي الوزير الأول الحالي بقسوة وشدة أكثر من انتقادنا لغيره، وذلك ليس بسبب فساده، فهناك مفسدون كبار في العشرية لم نكن ننتقدهم بعد أن اختاروا الصمت والابتعاد عن الأضواء وعدم مواجهة المعارضة. لم نكن ننتقد الوزير الأول الحالي بسبب فساده، بل لأنه كان هو الوزير الأكثر صدامية والأكثر استعداد لمواجهتنا في المعارضة خلال العشرية.
كان الوزير الأول الحالي هو الوزير الأكثر صدامية مع المعارضة في فترة العشرية، وذلك لأنه كان يدافع عن رئيس اختار أن يتخذ نهجا صداميا مع معارضته، وللمفارقة فإن الوزير الأول الحالي كان هو الأكثر انفتاحا في المرحلة الحالية على المعارضة، ويمكنكم أن ترجعوا للتعليق الإيجابي جدا للمرشح صاحب الرتبة الثانية في الانتخابات الماضية، ولكم أن ترجعوا كذلك للتعليق الإيجابي جدا لأحد المترشحين الشباب ممن لم يحصل على تزكية.
كان معالي الوزير الأول هو الوزير الأكثر صداما مع المعارضة في فترة العشرية، وذلك لأن الرئيس حينها كان قد اعتمد نهجا صداميا مع المعارضة، واليوم يُعدُّ الوزير الأول هو الوزير الأكثر انفتاحا على المعارضة، وذلك لكونه يخدم نظاما اختار نهج التهدئة والانفتاح على معارضته.
يحسب لمعالي الوزير الأول المختار ولد اجاي، وهذه قد تجلب له الكثير من النقد، أنه يتفانى سياسيا في خدمة الرئيس الذي يعمل معه، فإن اختار الرئيس أن يكون صداميا مع معارضيه كان ولد أجاي صداميا إلى أبعد الحدود، وإن اختار الرئيس أن يكون منفتحا مع معارضيه كان ولد اجاي هو الوزير الأكثر انفتاحا على المعارضة في النظام.
أما بخصوص تهم الفساد فإن الوزير الأول قد برأته العدالة، وهو من قبل ذلك قد صرح  في حالة نادرة من نوعها في شهر أغسطس من العام 2019 عن ممتلكاته، وكنتُ أنا من بين المعارضين الذين طالبوا حينها بالقيام بعملية بحث لإثبات ممتلكات تزيد على تلك التي صرح بها الوزير، ومواجهته بتلك الممتلكات،  ولكني لم أجد من زملائي في المعارضة من  يستجيب لذلك الطلب. يمكن النظر في مقال : " عن كشف الوزير السابق المختار اجاي لممتلكاته" منشور يوم 20 أغسطس 2019. 
أذكر من قبل ذلك، وتحديدا في يوم 29 / 7 / 2012 ، أني تقدمت ـ رغم معارضتي للنظام القائم حينها ـ  بوسام شكر لمدير الضرائب حينها السيد مختار ولد اجاي الذي كان قد رفض أخذ رشوة من رجال أعمال أجانب، وأعلن عن رفضه علانية لتلك الرشوة.
لقد استوقفني ذلك التصرف في ذلك الوقت، وفي اعتقادي أن الوزير الأول المختار ولد اجاي، ورغم كل ما يمكن أن يقال عنه، فسيبقى هو الأكثر قدرة من بين كل الوزراء في العهد الحالي على تجسيد الإرادة السياسية لفخامة رئيس الجمهورية في مجال محاربة الفساد.
سيحارب الوزير الأول المختار ولد أجاي الفساد بصرامة ودون إحداث مشاكل وتوترات جانبية للنظام، تماما كما فعل في فترة إدارته للضرائب حيث استطاع أن يفرض على رجال الأعمال دفع الضرائب ودون أن تحدث مشاكل تؤدي إلى ارتباك في سير الأمور، خصوصا على مستوى القطاع الخاص.   
يبقى أن أقول أخيرا بأنه على الوزير الأول المختار ولد اجاي أن يبتعد عن سياسة الأحلاف المحلية، وأن لا يحشر نفسه في حزب الإنصاف، حتى وإن كان هو الحزب الأكبر في الأغلبية، بل عليه أن ينفتح على كل داعمي فخامة الرئيس، وذلك بعد أن تم اختياره وزيرا أول لتنفيذ التزامات الرئيس التي صوت عليها 56.12% من الموريتانيين. 
كل التهانئ والتبريكات للأخ المختار ولد اجاي بمناسبة اختياره وزيرا أول لمأمورية حاسمة يتطلع فيها الموريتانيون لكثير من الإنجاز، خصوصا في مجال محاربة الفساد والتمكين للشباب وإصلاح الإدارة وتقريب خدماتها من المواطن.
#منتدى24_29 
حفظ الله موريتانيا..