تفكيك شبكة للمهربين المغاربة بين الجزائر وإسبانيا

تواجه أوروبا، وخاصة إسبانيا، أزمة هجرة ذات نطاق غير مسبوق. وتسلط الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين الوافدين، وخاصة من شمال أفريقيا، الضوء على مدى تعقيد هذه الظاهرة المتعددة الأوجه.

فمن ناحية، يخاطر البشر اليائسون بحياتهم من أجل مستقبل أفضل. ومن ناحية أخرى، تستغل شبكات الجريمة المنظمة هذه المحنة الإنسانية بشكل ساخر. إن تفكيك شبكة المهربين المغاربة في إسبانيا، المسؤولين عن الإدخال غير القانوني لأكثر من 1000 مهاجر، يوضح حجم هذا التحدي، سواء على الصعيد الإنساني أو الأمني.

المهربون المغاربة: منظمة إجرامية متطورة

وكشفت التحقيقات التي أجرتها الشرطة الإسبانية عن وجود شبكة إجرامية جيدة التنظيم، تتألف أساسا من مهربين مغاربة. وتمتلك هذه المنظمات قواعد لوجستية معقدة في الجزائر، خاصة في مدينة وهران الساحلية. وتألف أسلوب عملهم من استخدام قوارب سريعة ومكتظة في كثير من الأحيان لنقل المهاجرين إلى الساحل الإسباني. بمجرد وصولهم، عادة في مناطق معزولة هربًا من الضوابط، يتم الاعتناء بالمهاجرين من قبل شركائهم الذين يؤويونهم مؤقتًا قبل تسهيل تفريقهم إلى دول أوروبية أخرى.

الجانب الأكثر إثارة للصدمة في هذه الصناعة الإجرامية يكمن أيضًا في أرباحها الباهظة. ولا يتردد المهربون في ابتزاز ما يصل إلى 20 ألف يورو للشخص الواحد مقابل هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر. غالبًا ما تكون ظروف السفر غير إنسانية: حيث يُحشر المهاجرون في قوارب غير مستقرة، دون معدات السلامة الكافية، مع تجاهل تام لكرامتهم وسلامتهم.

وتمثل الجزائر، عن غير قصد، نقطة انطلاق لهذه المعابر، وتواجه البلاد تحديات في السيطرة بشكل فعال على سواحلها وحدودها الشاسعة. ويسلط هذا الوضع الضوء على الحاجة إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة هذه الشبكات العابرة للحدود الوطنية.

إن الجهود التي بذلتها إسبانيا، بدعم من اليوروبول، لتفكيك هذه المنظمات الإجرامية تستحق الثناء. ومع ذلك، فإنها تسلط الضوء أيضًا على استمرار المشكلة حيث تستمر العوامل الأساسية - الصراعات والفقر وعدم الاستقرار السياسي - في دفع آلاف الأشخاص إلى الفرار من بلدانهم الأصلية.

نحو نهج عالمي ومنسق

ويمثل تفكيك شبكة التهريب هذه انتصارا كبيرا للسلطات الإسبانية، لكنه لا يمثل سوى خطوة واحدة في مكافحة تهريب المهاجرين. ولمعالجة هذه الظاهرة المعقدة بشكل فعال، يلزم اتباع نهج شامل ومتعدد الأبعاد.

وفي قلب هذه الاستراتيجية تكمن الحاجة إلى تعاون دولي أقوى. ويجب على بلدان المنشأ والعبور والمقصد تكثيف الجهود الدبلوماسية وتحسين تبادل المعلومات لمواجهة الشبكات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية بشكل فعال. وفي الوقت نفسه، من الأهمية بمكان معالجة الأسباب الجذرية للهجرة القسرية. يمكن أن يساعد تنفيذ برامج التنمية المستدامة في بلدان الأصل في تقليل العوامل التي تدفع الأشخاص إلى القيام برحلات خطيرة.

تلعب إدارة الحدود أيضًا دورًا رئيسيًا في هذا النهج الشامل. إن تحسين تقنيات وممارسات المراقبة يجب أن يحترم حقوق الإنسان، ويحقق توازناً دقيقاً بين الأمن والكرامة. ويجب أن يكون هذا النهج مصحوبا بزيادة الدعم الإنساني للمهاجرين واللاجئين المستضعفين، بالتعاون الوثيق مع المنظمات الدولية ذات الصلة.

ويشكل رفع مستوى الوعي ركيزة أساسية أخرى لهذه الاستراتيجية. يمكن أن تساعد الحملات الإعلامية الموجهة حول مخاطر الهجرة غير النظامية والبدائل القانونية في تقليل عدد الأشخاص المستعدين للمخاطرة بحياتهم. وأخيرا، لا بد من تكثيف الحرب ضد الجريمة المنظمة، مع التركيز على تفكيك شبكات التهريب ومصادرة أصولها، من أجل تعطيل عملياتها بشكل دائم.

ترجمة موقع الفكر

أصل الخبر

https://www.afrik.com/demantelement-d-un-reseau-de-passeurs-marocains-en...