(وأنا حيّ؟)- الخبير التربوي فؤاد علوان

من أقوى ما قرأتُ قول أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- عندما علم بخبر المرتدين، ومَنْعِهِمُ الزكاة: " أَيَنْقُصُ الدينُ وأنا حيٌّ؟".
إنه قولٌ- لو تعلمون- عظيم!
فلو أن كلَّ مسلمٍ فينا عاش هذا المعنى، وسَبَرَ أغْوارَه، لما رأينا مُتَخَلِّفًا عن واجب، ولا قاعدًا عن ركب، ولا ساكتًا عن حق، ولا مُغْمِضًا عينيه عن حقيقة، ولا واضعًا أحدٌ أصابِعَهُ في أذنيه.
" أينقص الدين وأنا حي؟"
قالها أبو بكر- رضي الله عنه-، لتصبح بعدها شعارًا لكل مسلم، وبرنامجًا عمليًّا له؛ إذ كيف يرضَى كلٌّ منا أن يتآكلَ الدين، وتذهبَ عقائدُهُ، وفرائضُه، وأركانُه، وسُننُه، وشرائعُه، وأخلاقُه، وتُنقَضَ كلُّها عُرْوةً عُرْوة، وهو جالسٌ يتفرَّج، أو لاهٍ يتسلَّى، أو مُنقلِبٌ إلى أهله يتمطَّى، أو مُتعجِّبٌ ثم يمضي!
" أينقص الدين وأنا حي؟"
 قالها أبو بكر، وترجَمَها واقعًا عمليًّا، وحَمَلَ أصحابَهُ عليها، وما استراحَ إلا بعد أن وَأَدَ الفتنة، وأعاد للدين منظومتَه، وهيبتَه، ومكانتَه.  
ماذا أقول لربي حين يسألني عن نقصِ الدينِ ونَقْضِه؟! ماذا أقول لربي حين يسألني عن التفريط في الأرض والعِرض؟ وعن  المقدسات والحرمات؟ وعن الصلوات والزكوات؟ وعن حجاب الحرائر المسلمات؟ وعن انحلال الشباب والفتيات؟ وعن الفساد، والنفاق، وسوء الأخلاق؟ وعن الفُرْقةِ والوهن؟ وعن المحن والفتن؟
سأُسألُ ما الذي قدَّمْتُ   في دنيايَ يُنْجيني
فكيف إجابتي من بعد    ما فرَّطتُّ في ديني
فكيف أُجيبُ يا وَيْحِي   وماذا سوف يَحميني؟

لا يغُرَّنَّ أحدَنا قدرتُهُ الآن على الخطابة أو الجدل، ولا يَرْكَنَنَّ إلى مواهِبِهِ في المناظرة والمحاورة؛ فإنَّ الأمرَ عظيم، والخطب جَلَل، والموقف عسير إلا من يسَّرهُ الله له.
فَليشمِّر كلٌّ منا عن ساعِدِه، ولْيُجَهِّزْ إجابتَه، ولْيُراجِعْ قبلَ انتهاءِ الوقتِ وَرَقَتَه.