قرأتُ المقال الرائع للعلامة الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، المنشور في جريدة الاتحاد الإماراتية بتاريخ 8 أغسطس 2024م، تحت عنوان: "فقه الواقع: نحو فتوى تستوعب أشكال الحداثة وإشكالات المعاصرة".
في هذا المقال، يقدم الشيخ عبد الله بن بيه نموذجًا يُحتذى به من قِبَل المدارس الفقهية الأخرى، حيث يدعو إلى تبني منهجيات أكثر انفتاحًا وتطورًا، مما يساهم في تجديد الفكر الإسلامي وجعله أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات، تتماشى هذه الرؤية الإصلاحية لدى الشيخ عبد الله مع الاحتياجات الفعلية للمجتمعات الإسلامية المعاصرة، وتُقدم فهمًا عميقًا للتغيرات الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على المسلمين اليوم، كما توضح بعمق كيفية تعامل الفقه الإسلامي مع التحديات التي تفرضها الحداثة والتغيرات الاجتماعية السريعة، من خلال فتوى مرنة ومتجددة تستجيب بشكل فعّال للتحولات التي يشهدها العالم، دون التنازل عن المبادئ الشرعية الأساسية.
يسعى المقال إلى تعزيز دور الفقه الإسلامي، ليكون جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمسلمين في العصر الحديث، من خلال استيعاب أشكال الحداثة وإعادة ربط الشريعة الإسلامية بحياة المسلمين بشكل يجعلها أكثر ارتباطًا بالواقع، ويسهم في حل مشكلاتهم الفعلية؛ ويرى الشيخ عبد الله أن الحداثة ليست عائقًا أو تهديدًا، بل إنها واقع يجب فهمه واستيعابه، بحيث تأخذ الفتاوى بعين الاعتبار التطورات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية، مما يخلق توازنًا بين الحفاظ على أصول الشريعة الإسلامية والمرونة في تطبيقها بما يتناسب مع الواقع الجديد.
تكمن أهمية هذا المقال في أنه يقدم مقاربة تساعد في تجنب التشدد أو التساهل المفرط، ويدعو إلى فتاوى متوازنة تستند إلى اجتهاد دقيق. كما يقدم نموذجًا لكيفية التعامل مع القضايا الفقهية في سياق معاصر، وهو نهج يمكن أن يلهم مدارس الفقه المعاصرة لتبني مواقف أكثر انفتاحًا وتفهمًا للحداثة، بحيث يكون الفقيه واعيًا بالتحديات والتغيرات التي تواجه المجتمعات، مما يعزز دوره في توجيه المسلمين في قضاياهم المعاصرة من خلال فهم دقيق للسياق والواقع. ويحذر الشيخ من خطورة إصدار فتاوى دون اعتبار للواقع المعاش، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى قرارات غير واقعية ومنفصلة عن حياة الناس، مما يزيد من خطر التشدد أو التساهل غير المبرر.
كما تبرز أهمية المقال في مساهمته في تعزيز الفهم العميق لفقه الواقع، وتشجيعه على تجديد الفقه الإسلامي بطرق تتوافق مع تطورات العصر، مع الحفاظ على جوهر الشريعة الإسلامية. ويحذر المقال من مخاطر الانصياع الكامل لضغوط الواقع الحديث، الذي قد يحمل انحرافات عن تعاليم الإسلام.
هذه الرؤية تجعل المقال مرجعًا هامًا للفقيه في وقتنا المعاصر وللباحثين في الدراسات الإسلامية، حول كيفية تطبيق الفقه الإسلامي على الواقع ، مع المحافظة على جوهر التعاليم الإسلامية دون التفريط فيها أو تجاهل التحديات الحالية