نسائم الإشراق الحلقة رقم (1642) 13 يوليو 2021م،02 ذو الحجة 1442هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (673)

كتابي «ملامح المجتمع المسلم»

في هذه الفترة «يونيو 1993م» ظهر كتابي «ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده» في (400) صفحة. وهو يتكوّن من أحد عشر فصلًا، تشمل كل مكوّنات هذا المجتمع بدءًا بـ «العقيدة والإيمان» التي هي أساس هذا المجتمع، ومرورًا بالعبادات والشعائر، ثم الأفكار والمفاهيم ... المشاعر والعواطف... الأخلاق والفضائل... الآداب والتقاليد، القيم الإنسانية... ثم التشريع والقانون... الاقتصاد والمال... اللهو والفنون، وختامًا: المرأة في المجتمع المسلم.
الإنسان مدنيّ بطبعه:
وقد بينت في مقدمة الكتاب: أن الإنسان كما قال القدماء: مدني بطبعه، وكما قال المُحَدّثون: حيوان اجتماعي. أي: أنه لا يستطيع أن يعيش وحده، بل لا بد أن يتعاون مع غيره، حتى تستقيم حياته، وتتحقق مطالبه، ويستمر نوعه. وقد قال الشاعر العربي:
الناس للناس من بدو وحاضرة      بعضهم لبعض -وإن لم يشعروا- خدم!
والإسلام لا يصور الإنسان كائنًا يعيش وحده، إنما يصوّره في مجتمع؛ ولهذا توجَّهت التكاليف إليه بصغية الجماعة: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ}. ولم يجئ في القرآن «يا أيها المؤمن»؛ وذلك أن تكاليف الإسلام تحتاج إلى التكاثف والتضامن في حملها والقيام بأعبائها. يستوي في ذلك العبادات والمعاملات.
فإذا نظرنا إلى فريضة كالصلاة وجدنا أنها لا يمكن أن تقام كما يريد الإسلام، إلا بمسجد يتعاون المجتمع على بنائه، ومؤذن يعلن الناس بمواقيت الصلاة، وإمام يؤمهم، وخطيب يخطبهم، ومعلم يعلمهم، وهذا كله لا يقوم به الفرد، وإنما ينظمه المجتمع.
وقد جعل القرآن أول أعمال الدولة المسلمة إذا مُكّن لها في الأرض: أن تقيم الصلاة، كما قال تعالى: {ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ} [الحج: 41].
ومثل ذلك يقال في فريضة الصوم، وضرورة ترتيب أمور الحياة في رمضان ترتيبًا يعين على الصيام والقيام والسحور وغيرها