هجرة الأدمغة: بحثاً عن مستقبل أفضل خارج المغرب

 

وفي عصر حيث يهيمن اقتصاد المعرفة، أصبح البحث عن المواهب الفكرية أمراً بالغ الأهمية مثل البحث القديم عن المواد الخام. المغرب، البلد المليء بالمواهب، يرى العديد من العقول الشابة الواعدة التي امتصتها القوى الاقتصادية الكبرى، تاركة أعشاشها بحثا عن ملجأ مهني وأكاديمي، وهجرة الأدمغة تهز النمو المغربي.

تعد أفريقيا، التي يبلغ عدد سكانها 60% تحت سن 25 عامًا، القارة الأصغر سنًا والأكثر خصوبة من حيث معدل المواليد. وتشكل هذه الديناميكية الديموغرافية مخزونا لا ينضب من المواهب، وخاصة في القطاعات الإبداعية مثل الذكاء الاصطناعي، حيث يتجاوز الطلب على المهارات العرض. ومع ذلك، فإن جذب القوى الاقتصادية إلى هذه العقول الشابة يشكل تحديات كبيرة.

إن المواهب الأفريقية الشابة، المعترف بها لتألقها في المواد العلمية، تحظى بالتودد بشكل خاص من قبل أفضل المؤسسات التعليمية والشركات في العالم. وفي فرنسا، تجتذب كليات الهندسة عددا متزايدا من الطلاب الأفارقة. وفقًا لـ Campus France، يمثل المغرب، الذي يضم 21% من الطلاب الأجانب، الحصة الأكبر من هؤلاء السكان في كليات الهندسة الفرنسية، تليها الصين (10%) وتونس (5%).

مهندسون مغاربة مرغوبون للغاية في فرنسا

تعتبر مدرسة البوليتكنيك في باريس، والتي تسمى غالبًا "L'X"، أفضل مدرسة هندسة في فرنسا وفقًا للتصنيفات الرسمية. يعد امتحان القبول في هذه المؤسسة المرموقة من أصعب الامتحانات. وفي سنة 2023، حقق ما لا يقل عن 40 طالبا مغربيا هذا الإنجاز، مما يدل على تميز التعليم العلمي في المغرب وجودة العقول التي تدربها.

ياسمينة بنخوي: المغربية في نفيديا

ومن بين هذه المواهب، تبرز ياسمينة بنخوي، مهندسة وباحثة مغربية، متخرجة من مدرسة الهندسة بالرباط. قادها مسارها المهني المثالي إلى العمل في شركة Nvidia، الشركة التي أحدثت ثورة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال تقنيات بطاقات الرسومات الخاصة بها. أصبحت Nvidia، من خلال ابتكاراتها، ثاني أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، مما حول الذكاء الاصطناعي إلى قطاع مزدهر.

لقد مكنت شركة إنفيديا، بفضل بطاقاتها الرسومية المتطورة، من تحقيق تقدم كبير في الذكاء الاصطناعي، وهو المجال الذي تستثمر فيه شركات عملاقة مثل جوجل، وأوبن إيه آي، ومايكروسوفت بكثافة. في عام واحد فقط، ارتفعت قيمة أسهم شركة Nvidia بشكل هائل، مما يعكس ازدهار الذكاء الاصطناعي والأهمية الحاسمة للمهارات الهندسية للقوى الاقتصادية الكبرى.

هجرة الأدمغة: تحدي كبير للمغرب

وعلى الرغم من أن هجرة الأدمغة تثير القلق بالنسبة للقارة الأفريقية، إلا أنها توفر أيضًا فرصًا للتنمية والتأثير الدولي لمواهبها. ويكمن التحدي في قدرة البلدان الأفريقية على تهيئة الظروف الجذابة للاحتفاظ بهذه المواهب والاستفادة من مهاراتها من أجل التنمية المحلية. ومن الممكن أن يساعد الاستثمار في التعليم والبحث والبنية التحتية في تحويل تدفق العقول هذا إلى مصدر قوة للقارة.

تغيير في الاتجاه؟

وفي مواجهة هذا الاستنزاف، تعد استراتيجية الاحتفاظ بالمواهب أمرًا بالغ الأهمية. إن تشجيع الشباب على متابعة دراساتهم ومهنهم في القارة من خلال توفير فرص مماثلة لتلك الموجودة في الخارج أمر ضروري. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الشراكات بين المؤسسات التعليمية الأفريقية والشركات الدولية يمكن أن يخلق أوجه تآزر مفيدة لكلا الطرفين.

إن هجرة الأدمغة، بعيدا عن كونها ظاهرة هجرة بسيطة، تشكل تحديا استراتيجيا لأفريقيا في الاقتصاد العالمي الحالي. ويمكن للقارة، بثروتها من المواهب الشابة، أن تصبح رائدة في اقتصاد المعرفة إذا تمكنت من خلق بيئة مواتية للابتكار وتنمية عقولها اللامعة.

https://fr.hespress.com/373874-fuite-des-cerveaux-en-queste-dun-avenir-m...