عند فتح أي ملف فساد، سواء تعلق الأمر بأموال منهوبة أو باكتتاب غير شفاف، أو غير ذلك، فالذي سيحدث هو الآتي:
1- كثيرٌ من داعمي الرئيس لن يتحمس لذلك، بل إن البعض قد يحاول أن يربك الجهة التي فتحت ذلك الملف، وهذا أمر طبيعي جدا، فالفساد لا يمارسه المعارضون، لأنهم ليسوا هم من يسير شؤون البلد. الفساد يمارسه موظفون أو رجال أعمال أو ساسة يدعون أنهم يدعمون رئيس الجمهورية، وهؤلاء ليست لديهم مصلحة في أن يكون التسيير شفافا، أو أن يكون الاكتتاب شفافا، فمثل ذلك سيحرمهم من نهب الأموال أو من تعيين الأقارب...كثير من داعمي الرئيس لن يتحمس لفتح أي ملف فساد للأسباب التي بينَّا، ولذا فيمكنكم أن تلاحظوا بأنه لا حزب من أحزاب الأغلبية، ولا مبادرة من المبادرات الداعمة لرئيس الجمهورية، أصدرت بيانا تثمن فيه إرسال بعثة من المفتشية للتحقيق في اكتتاب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي واكتتاب شركة الماء.
2- كثير من المعارضين لن يتحمس هو كذلك لفتح أي ملف فساد ، وسيشكك في فتح أي ملف، وسيعتبر فتح ذلك الملف مجرد تصفية حسابات لا أكثر ولا أقل...المعارضة لا تحب أن ينسب أي عمل صالح للرئيس الذي تعارض، ثم إنها تقتات سياسيا وإعلاميا على شعار محاربة الفساد، ولن تقبل بأن يسحب منها هذا الشعار.
ترى المعارضة أنه كلما كان النظام مفسدا زادت شعبيتها ومصداقيتها لدى المواطن، وإذا ما حارب النظام الفساد، وسحب منها الشعار الذي كانت تقتات عليه إعلاميا وسياسيا تراجعت شعبيتها، وتناقصت مصداقيتها لدى المواطن، ولذا فليس من الغريب أن لا يتحمس الكثير من المعارضين لفتح أي ملف فساد، حتى وإن كان أولئك المعارضين قد عرفوا بحديثهم المتكرر عن ضرورة محاربة الفساد. يمكنكم أن تلاحظوا بأنه لم يصدر عن أي جهة معارضة ترحيبها بفتح تحقيقات في بعض عمليات الاكتتاب، ومطالبتها بتوسيع دائرة تلك التحقيقات لتشمل كل الاكتتابات الأخيرة في مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية.
3- سيقف المجتمع التقليدي ضد فتح أي ملف فساد، وهذا طبيعي جدا، فكل قبيلة ستقول لماذا يحقق مع ابننا دون غيره؟
هذه الحجة قد تبدو وجيهة لكل أقرباء أي موظف يتم التحقيق معه، وهي قد تكون كافية لجلب التعاطف والتضامن معه من طرف الكثير من أبناء القبيلة أو الجهة أو الشريحة.
من هنا يظهر أن المشكلة الحقيقية التي قد تواجه أي حرب على الفساد تتمثل في عدم وجود سند شعبي منظم، وغياب ذراع سياسي وإعلامي مناصر لتلك الحرب، وهذا هو ما يقلقني حقا، عند فتح أي ملف فساد، وهذا هو ما جعلنا في #منتدى24_29 ندعو إلى ضرورة تشكيل حلف وطني واسع يدفع إلى محاربة الفساد، ويدعم النظام عند فتح أي ملف فساد.